لماذا نتمسك بعاداتنا اليومية؟
ما الذي يجعل الناس تتمسك بعاداتها اليومية؟ وما سبب القلق والخوف الناتج عن تغيير تلك العادات؟
كثيرٌ من الناس يقومون بأشياء روتينية كل يوم ومن ثم يتعودون عليها وحين يأتي القرار للتغيير يصابون بالقلق والخوف بسبب حواجز نفسية كثيرة تمنع هذا التغيير.
إذا نظرت في تفاصيل حياتك اليومية ستجد أنك تقوم بأشياء روتينية كثيرة دون أن تدري وحين شعورك بالتغيير في أي من هذه الاتجاهات تصاب بالذعر والخوف من هذا التغيير لأنك لا تدري عواقبه أو تأثيره عليك فيما بعد. وتلك الأمثلة ما هي إلا نماذج بسيطة لقراراتٍ كبيرة في الحياة سنعرض لكم مجموعة منها:
– شخص لديه خوف من الطائرات والأماكن المرتفعة وقرر أن يسافر بالطائرة بدلًا من أي وسيلة اخرى.
– آخر لديه حساسية من نوع طعام معين وقرر أن يتناوله.
– أخرى لديها خوف من الأماكن العامة المزدحمة أو الأماكن المغلقة وقررت أن تقوم بإتمام الإجراءات الروتينية بنفسها.
– وشخص تعود التدخين طوال حياته والآن قرر التخلص منه.
كل النماذج السابقة نجد أن لديهم القلق والخوف من تلك التغييرات التي قاموا بها، وأوضحت بعض الدراسات واستطلاعات الرأي أن أسباب تلك المخاوف والقلق هي:
أولًا: الخوف من التعليقات الحادة أو المحرجة من بعض الناس. فإذا حاولت تغيير لونك المفضل في اختيار ملابسك سوف تتعرض بلا شك لبعض التعليقات التي قد تثير بداخلك بعض القلق، على الرغم أنه من الممكن أنك تبالغ في تقدير تلك التعليقات أو تقلل من شأنك في التعامل معها، ولكن يجب أن تكون واثقًا من أن لديك القدرة على التعامل مع تلك التعليقات.
ثانيًا: الخوف من فقدان الدعم أو المساعدة. فبعض الأشخاص يعانون من حالات الهلع والخوف عندما يكونون بمفردهم في مكانٍ ما، ودائمًا ما يحتاجون العون والمساعدة من قبل الآخرين أو أفراد يظلون دائمًا بجوارهم خوفًا من أن يفكروا بطريقةٍ سلبية أو يقوموا بأخد خطوة معينة لا يدرون عواقبها، على الرغم من أنك إذا أمعنت النظر سوف تجد أن دعمهم لك لا جدوى له، وأنك قادر بمفردك على تخطي حاجز الخوف وحدك!
ثالثًا: توتر واهتزاز الشخصية. حيث أن الإنسان هو ما يكون عليه عمله، ملابسه، شخصيته ومبادئه وقيمه في الحياة. وبمجرد التفكير في التغيير أو التمرد على القوالب الثابتة يوجد ما يُشعره بالقلق والخوف وعدم الاتزان تجاه ذلك التغيير، مع أن البشر بالمطلق قادرون على التأقلم مع ظروف الحياة المختلفة كالسفر للانتقال بمكان العيش إلى مكان آخر. فيمكن أن يكون الشخص المريض لا يشعر بمرضه، وذلك حسب الوسط المحيط به، فمثلًا شخص مدمن للكحوليات ويشرب كثيرًا، فهو لا يشعر بأنه على خطأ إذا كان في وسط أشخاص يشربون الكحوليات بشكل روتيني ويومي. وكذلك الشخص الذي يشعر دائمًا بالقلق يُحتمل أن شعوره هذا قادم من الأشخاص المحيطين به وليس هو بشخصه.
رابعًا: الخوف من عدم القدرة على العودة مرة أخرى إلي ما كنت عليه سابقًا. يعتقد بعض الأشخاص أنه بعد التغيير الذي يطرأ عليه يفقد القدرة على الرجوع إلي ما كان عليه، ولكن من ناحية علمية، فهو قادر على الرجوع، ويظل دائمًا قرار الرجوع إلي ما كان عليه اختيار له إذا أراد ذلك، وعلى المرء أن يتحلى دائمًا بروح المغامرة والتجارب ولا يجعل نفسه أسيرًا لحياة روتينية سخيفة.
خامسًا: الخوف من عدم وجود العذر لخسارة أو فقد إنجازٍ ما. فالطالب الذي اعتاد الحصول على تقدير عالٍ لسنوات متتالية وحدثت معه مشاكل صحية في سنةٍ ما وأثرت على تقديره بالتأكيد سوف يُصاب بإحباط؛ لأنه كان من الطلبة المتفوقين واعتاد على تقديره العالي. لكن ماذا إن لم تكن لديه أي مشاكل وحصل أيضًا على تقدير أقل من السنة الماضية؟ إذن هنا هل خوفه سبب له التشتت وفقد تركيزه وانتباهه أم مشاكله؟
إذًا من الواضح أنه إذا كان الإنسان بحالةٍ نفسيةٍ أفضل سوف تكون نتائجه أفضل، وأننا جميعًا نمر بمراحل مختلفة سواء بسبب مشاكل صحية أو لا، ولكن الموضوع يتلخص في تركيزك وانتباهك واجتهادك الدائم. إذن تغيير المرء لسلوكه نابع من داخله دون الحاجة إلي مساعدات خارجية، ولكن في بعض الأحيان إذا كانت المشاكل أكبر من طاقة تحمل الإنسان فعليه العودة والرجوع إلى متخصص نفسي لمساعدته على الخروج من أزمته وقلقه وخوفه.
كتابة: محمود وحيد
مراجعة: راندا
تصميم: نهى عبدالمحسن
تحرير: إسراء وصفي