لماذا تظهر التجاعيد وعلامات كبر السن؟ لم نكبر؟
مع تقدمك في السن ستلاحظ بعض التجاعيد على جبينك وحول عينيك وغيرها من أعراض الشيخوخة، فلمَ تظهر تلك التغيرات؟ لمَ لا نحافظ على شبابنا؟
أُقيمت دراسة عام 2013 لتفسير ذلك، وقدم الباحثون نتائجهم تحت مسمى “علامات الشيخوخة” والتي شملت 9 علامات أو أسباب وهي:
1- تلف الحمض النووي DNA:
حيث أنه أثناء تضاعف الحمض النووي تحضيرًا لانقسام الخلية ربما يحدث خطأ في نسخ بعض الأكواد أو الجينات، أو ربما يُدمج أو يُحذف قطاع بالكامل! ومعظم تلك الأخطاء يتم تصحيحها بآليات معينة والقليل منها يبقى دون تصحيح ويُنقل للخلية الجديدة. ومع تتابع الانقسامات للخلايا تتراكم تلك الأخطاء مما يؤدي إلى تلف كبير يمكن أن يدمر الخلية أو يُحولها إلى خلية سرطانية.
2-أخطاء في التعبير الجيني:
التعبير الجيني باختصار هو عملية قراءة الخلايا لجينات محددة الـ DNA وترجمتها إلى بروتينات تُظهِر صفات بدنية، وتقوم بعض المواد في الجسم بتحديد أي الجينات تتم قراءتها، وهذا يفسر التمايز بين الأنسجة في الشكل والوظيفة على الرغم من أنها جميعًا تمتلك نفس النسخة من الDNA.
ومع التقدم في السن تصبح تلك المواد المتحكمة في عملية التعبير أقل دقة، وتحدث بعض الأخطاء في وقت ترجمة الجينات ومن ثم تكوين بروتينات في وقت خاطئ، أو إصابة الجين بما يشبه الشلل وعدم ترجمته. بمعنى آخر يمكن أن يتم إهمال أو عدم تكوين البروتينات الهامة، وفي المقابل يتم تكوين بروتينات غير هامة أو ضارة. وكمثال لذلك عند حدوث شلل لجين تثبيط الأورام، يؤدي ذلك إلى فقدان السيطرة على نمو الخلايا وتحولها لخلايا سرطانية.
3-قِصر التيلوميرات:
التيلوميرات تعتبر أغطية حماية على طرفي الـ DNA، تمامًا مثل القطع البلاستيكية على طرفي أربطة الأحذية التي تمنعها من التمزق. وعقب كل عملية انقسام للخلية يقل طول التوليمير ومع تكرار الانقسام يختفي تمامًا، ومع اختفائه يصبح الDNA غير ثابت ومن هنا تبدأ كل المشاكل أبرزها حدوث أخطاء عند تضاعفه. تلك الأخطاء تؤدي إما لموت الخلايا أو جعلها خطرة.
4-انخفاض كفاءة وفاعلية البروتينات:
البروتينات تقوم تقريبًا بكل العمليات الحيوية بالجسم، فهي تقوم بنقل المواد بين أو من الخلايا، حمل الإشارات، تقوم بتشغيل أو إيقاف عملية ما وأيضًا توفير الدعم الهيكلي للخلايا للحفاظ على الشكل المميز الخلية. ومع استمرار العمل تُنهك تلك البروتينات وتقل كفاءتها ومن ثم يجب التخلص منها وتكوين أخرى جديدة منعًا لأي خطأ.
ومع التقدم بالسن تفقد أجسادنا تدريجيًا تلك القدرة مما يؤدي إلى تراكم تلك البروتينات المستهلكة. أشهر مثال لذلك هو مرض الزهايمر، حيث ينشأ هذا المرض من تراكم بروتين معين (beta-amyloid) في المخ مما يؤدي إلى تدمير الخلايا العصبية.
5-عدم موت الخلايا في الوقت المحدد لها:
مع ازدياد الضغط على الخلايا وتلفها، يمكن أن تتوقف تلك الخلايا المُسِنة عن الانقسام تتحول إلى ما نسميه العلماء “الخلية الزومبي”؛ حيث تصبح مضادة للموت ويمكن أن تنقل هذه العدوى للخلايا في الأنسجة المجاورة بل وتنشر الالتهابات في الجسم كله.
وجد العلماء أن إزالة الخلايا المسنة في فئران التجارب الكبيرة في السن يزيل بعضًا من آثار الشيخوخة، وبالمثل عند حقن الفئران صغيرة السن بتلك الخلايا وجدوا أن لها آثار مدمرة على الصحة بوجه عام!
6-أعطال في آليات إنتاج الطاقة:
الميتوكوندريا هي المسؤولة عن إنتاج الطاقة بتحويل الغذاء والأكسجين إلى طاقة، ومع تقدم الخلية في السن تضعف مصانع الطاقة تلك وتقل فاعليتها أيضًا، حيث يمكن أن تنتج شكلًا بديلًا للأكسجين يمكن أن يدمر الـDNA والبروتينات. وفي دراسة نُشرت في مجلة Nature، تمكن العلماء من إزالة التجاعيد في أجساد فئران التجارب بإصلاح الميتوكوندريا الخاصة بها.
7- حدوث اختلال في عملية الأيض (حرق الغذاء):
تتأقلم الخلايا على كمية الغذاء المُتوفِرة، ولذلك عند حدوث خلل في عملية تصنيع أو هضم الغذاء تحدث بعض المشاكل أشهرها هو مرض السكري المصاحب للتقدم بالعمر؛ حيث أنه بالتقدم بالسن تضعف قدرة الخلايا على تحديد كميات السكر في الدم وبالتالي لا يتم حرق كل ما يأكله الشخص ويزداد مستوى السكر في الدم. وينطبق نفس الأمر على الدهون، حيث تتراكم الدهون في الخلايا ليس لأن كبار السن يهضمون دهونًا أكثر، بل لأن الخلايا لا تقوم بحرقه جيدًا.
8- فقدان القدرة على إصلاح وتجديد الخلايا:
كل الأنسجة تقريبًا لديها القدرة على تجديد نفسها. وبالحديث عن التجديد يبرز نجمٌ هام وهو الخلايا الجذعية، وهي خلايا غير متخصصة وليس لها وظيفة محددة ولكن يمكن أن تتحول لأي خلية في الجسم، وتعمل كنظام إصلاح داخلي في بعض الأنسجة حيث تقوم بتعويض التالف والميت منها. ومع التقدم في السن تُستهلك الخلايا الجذعية وتقل فاعليتها وتقل سرعتها في الانقسام، وبالتالي يقل معدل التجديد وإصلاح التلف بها.
9-ضعف التواصل بين الخلايا:
لكي يعمل الجسد جيدًا يجب أن يكون هناك اتصال دائم بين الخلايا، فتقوم بتبادل الإشارات عبر الدم والجهاز المناعي. ومع التقدم بالسن يسوء هذا التواصل، فيصبح بعضها أقل استجابة وبالتالي يمكن أن تصبح خلايا مسنة مسببة للالتهابات، الأمر الذي يمكن أن يمنع التواصل بين حتى الخلايا السليمة. ومع فقدان ذلك التواصل يصبح الجهاز العصبي أقل كفاءة في تحديد مسببات الأمراض وتلك الخلايا المسنة ولا يتم التخلص منها.
كتابة: ياسمين محمد
مراجعة: آلاء حسين
تصميم: نهى عبدالمحسن
تحرير: زينب أحمد