التاريخ والأدب

تحتمس الثالث… أعظم فراعنة الأسرة الثامنة عشرة

حَكم مصر 53 عامًا، فهو أعظم فراعنة الأسرة الثامنة عشر ويُصنف كأحد أعظم من حكموا مصر على مر العصور، ذلك المحارب الماهر الذي كانت مصر في عصره إمبراطوريةً واسعةَ الأركان، امتدت حدودها من شمال العراق وصولًا إلى سوريا وتركيا، وجنوبًا على طول نهر النيل إلى أراضي نبتة في السودان. إنه الفرعون تحتمس الثالث.

نشأته

هو ابن تحتمس الثاني، والدته واحدة من زوجات الملك الثانوية وتدعى “إيزيس”. تُوج تحتمس ملكًا بعد وفاة أبيه، وكان صغيرًا جدًا في ذلك الوقت، وكانت حتشبسوت (زوجة تحتمس الثاني) وصيةً عليه، وبحلول السنة السابعة من حكمه تولت حتشبسوت المُلك بنفسها وأصبحت هي الآمر الناهي في البلاد.

تلقى تحتمس تعليمًا عسكريًا يليق بمركزه الملكي؛ فلقد تعلم جميع المهارات العسكرية خاصة الرماية والفروسية، وأظهر فيهما براعة منقطعة النظير.

كُلِّف تحتمس في نشأته بمهامٍ أظهرت قوته كقيادة الجيش في حملة النوبة، وحارب أيضًا في جزر فلسطين.

أحداث هامة في حكمه

في السنة الثانية والعشرين من حكمه، تم تشكيل ائتلاف هائل ضد مصر بقيادة ملك قادش في شمال سوريا، ومما لا شك فيه أنه مدعوم من قبل دولة ميتاني، وتوفيت حتشبسوت خلال تلك الأزمة، وأصبح تحتمس المسئول الوحيد المتحكم، فبدأ بحملات عسكرية سنوية تستهدف النوبة وقوَى بلاد الشام.

بعد عدة أشهر من التحضيرات، كان تحتمس مستعدًا للسير على رأس جيشه، وقد سُجل خط سير الحملة على جدار المعبد الذي بناه في الكرنك في طيبة.

قرر تحتمس النزول في مجدو فجأة لمفاجأة العدو، ونجح في هزيمة ذلك الائتلاف المتآمر، واستولى على مجدو بعد حصار دام ثمانية أشهر. وفي حملات لاحقة لتحتمس، استولَى على قادش ومدنٍ أخرى في وادي البقاع.

في السنة الثالثة والثلاثين من حكم تحتمس، كان الوقت قد حان أخيرًا لخطوة أكثر جرأة، وهي الهجوم على مملكة ميتاني نفسها، خطَّط تحتمس للحملة بشكل جيد؛ فنُقلت القوارب عبر سوريا على عربات الثيران لعبور نهر الفرات، ووقعت المعركة على الضفة الشرقية، وأسفرت عن هروب ملك ميتاني، وأَسر 30 من أفراد حَرمِه ومئاتٍ من جنوده.

قاد بعدها حملات متتابعة لتعزيز وتقوية حكمه في تلك الأراضي المفتوحة؛ فتم الإبقاء على سلطة الحكام الأصليين وأعضاء السلالات الحاكمة المحلية، ولكن كتابعين لمصر ملزمين بالقسَم الرسمي للحفاظ على السلام، وتقديم الجزية السنوية، وإطاعة الممثل المصري في المنطقة. كما تم إرسال أبنائهم ليتعلموا في مصر ويشبوا على الولاء والطاعة للمملكة المصرية، حتى يتمكنوا في الوقت المناسب من العودة لحكم أراضيهم ولكن بالخضوع التام لمصر، كما بُنيت الحصون والحاميات المصرية.

أما في جنوب مصر، عزز تحتمس الثالث الهيمنة المصرية على النوبة حتى قرقس، وفي نبتة بالقرب من جبل البركل، وبَنى معبدًا لآمون.

وأخضع القبائل النوبية لسيطرته واستخدم سكانها للعمل في مناجم الذهب، والتي أصبحت بداية من عهده أساس الثروة المصرية في العملات الأجنبية مع أمراء غرب آسيا.

كانت الاثنا عشر عامًا الأخيرة موسم حصاد ثمار انتصاراته، فقد استحوذ على سوريا وفلسطين والسودان وسبع عشرة حملة، وكذلك المحتلين الذين كان يستلم منهم كميات هائلة من الأخشاب والخامات والأبقار والحبوب، وانعكس الازدهار في عصره على الهندسة والبناء؛ فقد تم توسيع معبد آمون وإقامة العديد من المباني الجديدة وعدد من المسلات.

لَقى الفن والمهن الحرفية في عهده اهتمامًا ورعاية، وفي عقده الأخير قام ببناء معبد جديد هو “دير الباري”.

كما قام بمحو سجل ملكية حتشبسوت وإسناد آثارها إلى أسلافها (تحتمس الأول وتحتمس الثاني)، ولم يتم فهم ما الدافع وراء حرمان حتشبسوت من إنجازاتها في هذا التاريخ المتأخر.

وفي سنواته الأخيرة، قام بتعين ابنه أمنحتب الثاني ملكًا، وعند وفاته دُفن بزاوية نائية من وادي الملوك في طيبة الغربية.

 

المصدر

كتابة: اية ياسر

مراجعة: ياسمين محمد

تحرير: محمد لطفى

تصميم: مها محمد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى