التكنولوجياالطب

خُذ نفسًا عميقًا ورحب بالـ”Exposome” الخاص بك!

مُنذُ أن تم الكشف عن تلك الكائنات الدقيقة، لم يتوقف العلماء عن البحث عنها في كل مكان، وتحققوا من وجودها في جسم الإنسان، وهذا دفعهم لربطها بالتأثير على كل شيءٍ من التهاب المفاصل الروماتويدي إلى وظيفة الدماغ الصحية. وبالرغم من التقدم الهائل في علم الميكروبيولوجي (وهو العلم المختص بدراسة الكائنات الدقيقة)؛ فإنه حتى الآن نحن لا نعرف إلا القليل عن الميكروبات والمواد الكيميائية الموجودة في الهواء الجوى، بالرغم من أننا نستنشقها مع كل نفس.

واعتقد العلماء أن تطور الأمراض يكون نتيجةً لتعرض تلك الميكروبات للهواء، وتوصلوا لأن صحة الإنسان لا تعتمد فقط على الجينوم أو الميكروبات، بل على البيئة أيضًا، حيث تم أخذ عينات من البيئة عن طريق جهاز يمكن ارتداؤه يراقب تعرض الفرد اليومي للبكتيريا والفيروسات والأوليات والفطريات والمواد الكيميائية التي تنتقل عن طريق الهواء، ويسمى “Exposome”، وقد قام الباحثون في جامعة ستانفورد “Stanford” بتعديل جهاز المراقبة وجعله بحجم صندوق الثقاب الكبير، ليكون مربوطًا في ذراع الشخص العلوي أو ليتم الاحتفاظ به في مكانٍ قريب. وقام الجهاز بجذب الهواء حول الأشخاص الخمسة عشر محل الاختبار، سواء بالمنزل أو العمل أو على الطريق مما يسمح بمرور الهواء عبر مُرشحات منفصلة لجمع كل من المركبات البيولوجية والكيميائية.

وعند مقارنة تسلسل الحمض النووي بقاعدة بيانات جينوم مرجعية ل 40000 نوع، وجد الباحثون أن المشاركين الخمسة عشر قد تعرضوا إلى 2560 نوعًا بيولوجيًا، وهذا العدد أكبر بألف مرة من تلك الأنواع بعد ارتدائهم للجهاز لمدة ثلاث أشهر فقط! وعند اجراء التحليل الطيفي تم التقاط 3300 إشارة كيميائية للخليط، وتمكن الباحثون من تحديد أقل من ثلثهم، لكنهم لاحظوا أن جميع المواد الكيميائية مرت بمرشح بحجم المسام بالمقايسة البيولوجية “biological assay”، وبالتالي يمكن أن تصل إلى أسفل الجهاز التنفسي للشخص. وكانت هذه العينات تحتوي على جليكول ثنائي الإيثيلين “diethylene glycol”، والتي تستخدم في منتجات من سائل الفرامل إلى كريم البشرة!

ويشبه أحد الباحثين أن ذلك ال ” Exposom” ما هو إلا نتاج سحابتين، ولكنهما غير متفاعلتين، إحدى هاتين السحابتين تمثل البيئة والأخرى تتألف من البكتيريا على الإنسان والحيوانات الأليفة والفطريات والطفيليات والبروتوزوا. ويُعد جهاز المراقبة هذا أداة مفيدة لدراسة تطور وبيئة الأشياء التي تعيش حولنا، ولاستكشاف تنوع الحياة، كما تساهم في تفسير العواطف الخاصة بنا. على سبيل المثال، احتوت العديد من عينات الدراسة على “geosmin”، وهو المركب الكيميائي المسؤول عن الرائحة الترابية بعد هطول المطر، والتي تولد شعور بالسعادة، وبذلك فالأمر لا يقتصر على الأشياء التي يمكن أن تسبب لنا ضررًا.

ومن ناحية أخرى، فإن رصد ال Exposome يساعدنا في أن نبحث عن بعضٍ من العوامل البيئية الموجودة في نفس المكان أو الوقت، والتي قد يكون لها آثار معادية لصحة الإنسان، تخيل مجموعة من الناس يعيشون في نفس المنطقة، يتعرضون لنفس المادة الكيميائية السامة، سوف تلاحظ أن الأعراض الشديدة لا تحدث إلا في أولئك الذين يتعرضون أيضًا لجراثيم فطرية معينة في نفس الوقت، وليس في الأشخاص الذين لا يواجهون هذا النوع من الفطر.

هذه التكنولوجيا رائعة! حيث إن القدرة على جمع كل من المكونات الميكروبية والكيميائية التي تتعرض لها عملية رائعة. ويشير جيلبرت “Gilbert” إلى أن التصميم العام للدراسة لم يكن مثاليًا، وذلك لاعتقاده بأن هناك عددًا قليلًا جدًا من مواد الاختبار، ويوجد عدد قليل جدًا من التكرارات في ظروف مماثلة. ويشير إلى أن التصميم الأفضل قد يقتصر على مقارنة الـ Exposome اليومية لمدة شهر لحوالي 10 أو 20 عاملًا في الرعاية الصحية في المستشفى، مقابل عددٍ متساوٍ في المنزل، كما أنه تبلغ تكلفة كل جهاز مراقبة 2700 دولار قبل التعديل.

المصدر

كتابة: ألاء عمارة

مراجعة: أحمد علاء

تصميم: أمنية عبد الفتاح 

تحرير: إسراء وصفي

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى