معظم الناس -وإن لم يكن جميعهم- يحب مشاهدة النجوم، تلك الأجسام اللامعة المتلألئة في كوننا الفسيح.
ولكن هل كلنا ندرك طبيعة هذه الأجسام؟ ومما تتكون؟ وما هو مصيرها؟
-
ولادة النجوم
تولد النجوم عندما تكون ذرات العناصر الخفيفة تحت ضغط كافٍ لكي تخضع نواتها للانصهار، حيث إن جميع النجوم هي نتيجة لتوازن القوى، قوة الجاذبية التي تضغط ذرات الغاز الموجودة بين النجوم حتى تبدأ تفاعلات الاندماج، وبمجرد أن تبدأ تفاعلات الإندماج، فإنها تمارس ضغطًا خارجيًا، طالما أن قوة الجاذبية الداخلية والقوة الخارجية الناتجة عن تفاعلات الاندماج متساوية، فإن النجم يبقى مستقرًا.
إن سُحب الغازات شائعة في مجرتنا، تسمي هذه الغيوم بالسدم، يبلغ طول السديم عدة سنوات ضوئية، ويحتوي على كتلة كافية لخلق عدة آلاف من النجوم بحجم شمسنا! تتكون غالبية الغازات في السدم من جزيئات الهيدروجين والهيليوم.
ولكن معظم السدم تحتوي أيضًا على ذرات عناصر أخرى، بالإضافة إلى بعض الجزيئات العضوية المعقدة بشكل مدهش، هذه الذرات الثقيلة هي بقايا نجوم أقدم، انفجرت في حدث نسميه بالمستعر الأعظم (Supernova).
وهذا يعني أن نهاية نجم من الممكن أن تكون بداية حياة وتكوين نجوم أخرى. ينهار السديم، ومع استمرار الانهيار تزداد درجة الحرارة، ثم تنقسم السحابة المنهارة إلى العديد من السحب الصغيرة، والتي قد يصبح كل منها نجمًا في نهاية المطاف، ينهار قلب السديم بشكل أسرع من الأجزاء الخارجية، وتبدأ السحابة في الدوران بشكل أسرع وأسرع للحفاظ على الزخم الزاوي.
وعندما تصل درجة حرارة القلب إلى حوالي 2000 درجة كلفن، تتفكك جزيئات غاز الهيدروجين إلى ذرات هيدروجين في نهاية المطاف، وتصل درجة حرارة القلب إلى حوالي 10000 درجة كلفن، ويبدأ في الظهور بشكله النجمي عندما تبدأ تفاعلات الاندماج.
-
مراحل تشكُّل النجوم
يوجد العديد من أنواع النجوم، هناك مثلًا البروتوستار (Protostar)، وهو ما يكون عليه النجم قبل تشكُّله، وهو عبارة عن مجموعة من الغازات التي انهارت من سديم عملاق. في النهاية تزداد جاذبيته والضغط مما يجبره على الانهيار. والمرحلة الثانية من تشكُّل النجم يسمي فيها بنجم (T. Tauri)، تحدث هذه المرحلة في نهاية المرحلة الأولى عندما يكون النجم بروتوستار، وتنتقل النجوم من مرحلة لأخرى حتى تكون على الشكل النهائي لها.
-
موت النجوم
ولأن سنة كوننا أن لكل شيء نهاية، فالنجوم أيضًا لها نهاية، ولكن هناك نهايات مختلفة اعتمادًا على حجم النجم وكثافته. فالنجوم التي تشبه شمسنا عندما ينفذ وقودها من الهيدروجين في نواتها، فسوف يبدأ في الانهيار والانقباض تحت جاذبيته، ومع ذلك سيحدث بعض اندماج للهيدروجين في الطبقات العليا.
ويؤدي ذلك إلى تسخين الطبقات العليا، مما يؤدي إلى تمددها، كلما توسعت الطبقات الخارجية، فيزداد نصف قطر النجم وسيصبح عملاقًا أحمر، ثم سيسخن القلب بعد ذلك بما يكفي ليتسبب في اندماج الهيليوم مع الكربون، وعندما ينفذ وقود الهيليوم، سيتمدد القلب وتتوسع الطبقات العليا وتطرد المواد التي تتجمع حول النجم المحتضر لتشكيل سديم كوكبي. أخيرًا، سوف يبرد القلب ويتحول إلى نجم القزم الأبيض (White Dwarf Star) ثم في النهاية إلى نجم القزم الأسود. تستغرق هذه العملية بأكملها بضعة مليارات من السنين.
أما بالنسبة إلى النجوم التي تكون أكثر كثافةً وحجمًا من الشمس. عندما ينفذ وقود نواتها من الهيدروجين، فإن الهيليوم يندمج مع الكربون، وبعد نفاذ الهيليوم، يندمج الكربون مع عناصر أثقل مثل الأكسجين والماغنسيوم والكبريت والحديد، بمجرد تحول النواة إلى الحديد، فإنها لا يمكن أن تحترق ثانيةً، ثم ينهار النجم بسبب جاذبيته ويسخن قلب الحديد. تصبح النواة معبأة بإحكام بحيث تدمج البروتونات والإلكترونات لتكوين النيوترونات.
وفي أقل من ثانية، يتقلص القلب الحديدي -الذي يبلغ حجمه حجم الأرض تقريبًا- إلى قلب نيوتروني يبلغ نصف قطره 10 كيلومترات، ثم تسقط الطبقات الخارجية إلى الداخل على القلب النيوتروني، وبالتالي تسحقه أكثر، ويسخن القلب إلى مليارات الدرجات ويحدث انفجار المستعر الأعظم الذي يطلق كميات كبيرة من الطاقة والمواد في الفضاء، يمكن أن تشكّل بقايا النجم نجمًا نيوترونيًا أو ثقبًا أسودًا اعتمادًا على كتلة النجم الأصلي.
في النهاية، الفناء أو الموت هي سنة كونية لا مفر منها، وهي أفضل أداة لإزاحة القديم وإعطاء فرصة للتجديد.
كتابة: احمد مغربي
مراجعة: آلاء حمدي
تحرير: محمد لطفي