مشاركات حره

دليلك الشامل حول اضطراب ما بعد الصدمة

قلق شديد…

أحلام مزعجة…

ذكريات مؤلمة…

يأس وعجز…

أشخاص وأماكن ومواقف تتجنبهم…

مشاعر مختلطة من الحزن والألم أصابت والدة الطفلة زهرة.

 في صيف 2018 كانت أسرة الطفلة زهرة يتجهزون؛ للذهاب إلى أحد الشواطئ لقضاء العُطلة الصيفية، فقد كانوا يتهيأون لهذا اليوم منذ كثير.

وذهبت الأسرة بسلام إلى الشاطئ، بينما انشغلت الأم بتجهيز أغراض الأولاد، ذهبت زهرة تتفقد المكان بمفردها فما غابت إلا دقائق معدودة ذهبت الأم لتبحث عنها، فقد ظنت أنها قد تركتها مع والدها، بينما ظن الأب -العكس- فلم تجدها، وبينما الأم تصرخ وتنادي على ابنتها ذات الخمسة سنوات، وكانت الفاجعة الكبرى وجدتها تطفو على سطح حمام السباحة الخاص بالأطفال.

قد فشلت كل محاولات الإفاقة هَنَا وذهبت زهرة تاركة ورائها أم وأسرة بأكملها أصابهم ما أصابهم من ألم ووجع وذكريات أليمة.

اضطراب ما بعد الصدمة، للتعرف عليه أكثر وعلى كيفية علاجه؛ تابع معنا قراءة هذا المقال.

 ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو اضطراب نفسي يبدأ بعد حادث صادم. قد يتضمن هذا الحادث تهديداً حقيقياً أو متوقعاً للإصابة أو الموت.

يُمكن أن يشمل ذلك:

  • كارثة طبيعية مثل الزلزال أو الإعصار
  • قتال عسكري
  • اعتداء أو إيذاء جسدي أو جنسي
  • حادث

قد يشعر الأشخاص المصابون باضطراب ما بعد الصدمة بإحساس متزايد بالخطر. يتغير عندها رد فعلهم الطبيعي، مما يجعلهم يشعرون بالتوتر أو الخوف، حتى عندما يكونون آمنين.

يُمكن أن يحدث هذا الاضطراب لأي شخص في أي عمر، ويحدث نتيجة الاستجابة للتغيرات الكيميائية والعصبية في الدماغ، بعد التعرض لمخاطر تُهدد حياتهم.

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة

يتطور اضطراب ما بعد الصدمة بشكل مختلف من شخص لآخر. فهناك أشخاص تظهر عليهم الأعراض بعد ساعات قليلة أو في الأيام التالية من التعرض لحادث صادم، بينما يستغرق الأمر على آخرين أسابيع أو شهوراً، أو حتى سنوات لظهور الأعراض عليهم .

تنقسم الأعراض إلى أربع مجموعات رئيسية:

1- إعادة تجربة الحدث الصادم من خلال

  • استرجاع ذكريات الماضي، وكأنك تستعيد الصدمة مراراً وتكراراً.
  • كوابيس متكررة حول الصدمة.
  • ردود الفعل النفسية أو الجسدية الشديدة عند تذكيرك بالصدمة.

2- التجنب

  • مثل تجنب أي شيء يذكرك بالصدمة من أشخاص وأماكن ومواقف، وعدم القدرة على تذكر جوانب المحنة.
  • يمكن أن يؤدي ذلك إلى شعورك بالانفصال، والعزلة عن العائلة والأصدقاء.
  • فقدانك الاهتمام بالأنشطة التي كنت تستمتع بها في السابق.

3- فرط الإثارة

  • تجد صعوبة في التركيز.
  • سهولة الذهول والاندهاش وردود فعل مبالغاً فيها.
  • تشعر وكأنك على حافة الهاوية.
  • التهيج.
  • نوبات الغضب.

4-الإدراك والمزاج

  • تمتلك أفكار سلبية عن نفسك.
  • الشعور بالذنب أو القلق أو اللوم.
  • تجد صعوبة في تذكر أجزاء مهمة من الحدث.
  • انخفاض الاهتمام بالأنشطة التي كنت تحبها في السابق.

هل لديك أعراض اضطراب ما بعد الصدمة؟

إذا كانت الإجابة بنعم على ثلاثة أو أكثر من الأسئلة الموضحة أدناه، فقد يكون لديك اضطراب ما بعد الصدمة ومن الأفضل زيارة الطبيب المختص.

  • هل شاهدت أو واجهت حدثًا مؤلمًا يهدد الحياة؟
  • هل جعلتك هذه التجربة تشعر بالخوف الشديد أو الرعب أو العجز؟
  • هل تواجه صعوبة في إخراج الحدث من عقلك؟
  • هل تفزع بسهولة أكبر وتشعر بأنك أكثر غضبًا مما كنت عليه قبل الحدث؟
  • هل تخرج عن طريقك لتجنب الأنشطة أو الأشخاص أو الأفكار التي تذكرك بالحدث؟
  • هل تواجه صعوبة في النوم أو التركيز أكثر مما كنت عليه قبل الحدث؟
  • هل استمرت الأعراض لأكثر من شهر؟
  • هل شعورك بالضيق يجعل من الصعب عليك العمل بشكلٍ طبيعي؟

 علاج اضطراب ما بعد الصدمة

يهدف علاج اضطراب ما بعد الصدمة إلى تقليل الأعراض النفسية والجسدية، وتحسين الأداء اليومي، ومساعدة الشخص على التعامل بشكل أفضل مع الحدث الذي تسبب في حدوث الاضطراب.

أولاً: العلاج النفسي

يشمل العلاج النفسي لاضطراب ما بعد الصدمة مساعدة الشخص على تعلم المهارات لإدارة الأعراض وتطوير طرق التأقلم معها.

تُستخدم مجموعة متنوعة من مناهج العلاج النفسي لعلاج الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، بما في ذلك:

  • العلاج السلوكي المعرفي: يتضمن التعرف على أنماط التفكير وتغييرها والتي تؤدي إلى العواطف والمشاعر والسلوكيات المزعجة.
  • علاج التعرض المطول: نوع من العلاج السلوكي الذي ينطوي على إعادة الشخص لتجربة الصدمة، أو تعريض الشخص لأشياء أو مواقف تسبب القلق. يتم ذلك في بيئة آمنة ومسيطر عليها بشكل جيد. يساعد هذا العلاج الشخص على مواجهة الخوف مما يجعله يشعر براحة أكثر تدريجيًا في المواقف المخيفة التي تسبب له القلق.
  • إزالة حساسية حركة العين وإعادة معالجتها (EMDR): يجمع EMDR بين العلاج بالتعرض وسلسلة من حركات العينين الموجهة التي تساعدك على معالجة الذكريات وتغيير طريقة تفاعلك معها.
  • العلاج النفسي الديناميكي: يركز على مساعدة الشخص على فحص القيم الشخصية والصراعات العاطفية التي يسببها الحدث المؤلم.
  • العلاج الأسري: قد يكون مفيدًا لأن سلوك الشخص المصاب باضطراب ما بعد الصدمة يمكن أن يكون له تأثير على أفراد الأسرة الآخرين.
  • العلاج الجماعي: يسمح هذا النوع من العلاجات للشخص بمشاركة الأفكار والمخاوف والمشاعر مع الأشخاص الآخرين الذين مروا بأحداث صادمة.

ثانياً: الأدوية

تُؤثر عدة أنواع من الأدوية على المواد الكيميائية في الدماغ المتعلقة بالخوف والقلق.

يبدأ الأطباء عادة بالأدوية التي تؤثر على الناقلات العصبية السيروتونين أو النوربينفرين (SSRIs و SNRIs) ، بما في ذلك:

  • فلوكستين (بروزاك)
  • باروكستين (باكسيل)
  • سيرترالين (زولوفت)
  • فينلافاكسين (Effexor)

قد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الباروكستين والسيرترالين فقط؛ لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة .

  • مضادات الاكتئاب
  • مثبطات أوكسيديز أحادي الأمين (MAOIs)
  • مضادات الذهان أو مضادات الذهان من الجيل الثاني (SGAs)
  • حاصرات بيتا
  • البنزوديازيبينات

اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال

تشمل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة الشائعة لدى الأطفال ما يلي:

  • كوابيس
  • مشكلة في النوم
  • استمرار الخوف والحزن
  • التهيج وصعوبة التحكم في غضبهم
  • تجنب الأشخاص أو الأماكن المرتبطة بالحدث
  • أفكار سلبية مستمرة

يُعد العلاج النفسي والدوائي مفيدان للأطفال المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، تمامًا مثل البالغين. ومع ذلك قد يحتاج الأطفال إلى رعاية ودعم أكبر من آبائهم ومعلميهم وأصدقائهم لمساعدتهم على الشعور بالأمان مرة أخرى.

وأخيراً نصائح للتعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة

يُمكن أن تكون أعراض الاضطراب شديدة على جسمك، لذا عليك الاهتمام بنفسك باتباع بعض العادات لنمط حياة صحي مثل:

  • خذ وقتاً للاسترخاء: مثل التأمل والتنفس العميق والتدليك واليوجا.
  • تجنب الكحول والمخدرات: تعاطي المخدرات يُزيد من سوء أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، ويتداخل مع العلاج مما يزيد الحالة سوءاً.
  • اتبع نظاماً غذائياً صحياً: حافظ على وجبة الإفطار وحافظ على طاقتك وذهنك صافٍ مع وجبات متوازنة ومغذية طوال اليوم مثل الأسماك وبذور الكتان والجوز والتي تحتوي على الأوميجا 3. قلل من الأطعمة المصنعة والأطعمة المقلية والنشويات والسكريات والتي تساعد في تقلبات المزاج.
  • احصل على قسط كافٍ من النوم: يُمكن أن يُؤدي الحرمان من النوم إلى الغضب والتهيج وتغير المزاج. حاول أن تنام ما بين 7 إلى 9 ساعات كل ليلة. واجعل غرفة نومك هادئة ومظلمة قدر الإمكان.

المصادر 1 2 3 4

كتابة: حنان عبدالله

هذا المقال هو ملكية فكرية لصاحبه، ولايمثل ما به من معلومات أو آراء مؤسسة الجرعة اليومية من العلوم.

اظهر المزيد

الجرعة اليومية من العلوم

مؤسسة علمية تطوعية هدفها نشر وتبسيط العلوم، وإثراء المحتوى العربي العلمي عبر الإنترنت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى