الفيزياء والفلك

اصطدام الكواكب

إذا كنا خارج حدود كوكب الأرض، في الفضاء الخارجي، ما يبعد عن ما نحن فيه الآن بآلاف السنين الضوئية، فمن المُمكن أن يحدث لنا ما نسمع عنه الآن، وهو اصطدام الكواكب ببعضها.

الكواكب والاصطدام

على مدى مليارات السنين، تتطور الكواكب، حيث تتجمع أجزاء من الغبار والغاز معًا. ومع ذلك، فمن السهولة تعطيل تكوين الكواكب من خلال تأثيرات الأجرام السماوية الأخرى.


تتكون الكواكب عندما تلتصق جُزيئات الغبار حول نجم صغير ببعضها البعض، وتنمو بشكل أكبر بمرور الوقت.
ويبقى الحُطام بعد تشكُّل نظام كوكبي، غالبًا في مناطق بعيدة وباردة مثل حزام كايبر (الواقع خلف نبتون في نظامنا الشمسي).


يتوقع علماء الفلك العثور على غبار دافئ حول الأنظمة الشمسية الفتية، مع تطورها، تستمر جُزيئات الغبار في الاصطدام، وتصبح في النهاية صغيرة بدرجة كافية، بحيث إما يتم تفجيرها من نظام أو سحبها إلى النجم.

باستخدام جهاز كمبيوتر عملاق يُسمَّى Cosmology Machine COSMA، قام باحثون من جامعة دورهام وجامعة غلاسكو في المملكة المُتحدة، بمُحاكاة أكثر من 100 سيناريو مُختلف للأجسام التي تُسافر بسرعات مُتفاوتة، وزوايا تصطدم بكوكب يشبه الأرض بجو رقيق.

تشكيل القمر

نُشرت في مجلة الفيزياء الفلكية نتائج تدعم بشكل أكبر أن تصادمًا شديدًا بين الكواكب الصخرية الخارجية ربما حدث مُؤخرًا نسبيًا، ومثل هذه الاصطدامات يُمكن أن تُغيّر أنظمة الكواكب.


يُعتقد أن نتيجة الاصطدام بين جسم بحجم كوكب المريخ والأرض، تشكَّل قمر الأرض، وذلك منذ حوالي 4.5 مليار سنة، وذلك بسبب تراكُم الحُطام الناتج عن هذا الاصطدام.

نتائج الاصطدام على الغلاف الجوي للكوكب

تُشير عمليات المُحاكاة ثُلاثية الأبعاد إلى أن مثل هذه التصادمات يُمكن أن تُسبب مجموعة واسعة من العواقب على الكواكب الصغيرة، مثل فقدان الغلاف الجوي، وتُشير أيضًا عمليات المُحاكاة إلى أن تأثير الرعي البطيء، يتسبب في خسارة أقل للغلاف الجوي من الاصطدام السريع وجهًا لوجه.


في الواقع، يُمكن أن تُدمر الضربة المُباشرة -ليس فقط الغلاف الجوي للكوكب بأكمله ولكن حتى بعضًا من غلافه أيضًا- الطبقة الموجودة أسفل قشرة الكوكب.


تأثير الرعي المُحتمل للأرض، هو النوع الذي يُعطل الغلاف الجوي ولكنه لا يُدمره.
ما حدث بالفعل على الأرض خلال هذه الفترة غير معروف، لكن يعتقد الباحثون أن كوكبنا فقد ما بين 10 و5 في المائة من الغلاف الجوي.


تُشير عمليات المُحاكاة الجديدة إلى أن هذا الحدث ربما يكون قد سرق ما بين 10% و50% من الغلاف الجوي للأرض في وقت مُبكر.


“نحن نعلم أن الاصطدامات الكوكبية يُمكن أن يكون لها تأثيرًا كبيرًا على الغلاف الجوي للكوكب، ولكن هذه هي المرة الأولى التي نتمكن فيها من دراسة الأنواع الواسعة لهذه الأحداث العنيفة بالتفصيل”، هذا ما قاله جاكوب كيغيريس (Jacob Kegeris) المُؤلف الرئيسي للدراسة وخبير عالم الفلك في جامعة دورهام (Durham) في بيان جامعي.

نظرية تكوين القمر والغلاف الجوى

بالنظر إلى نظرية تكوين القمر الرائدة بين العلماء، وهي أن الأرض المُبكرة اصطدمت بكوكب آخر بحجم المريخ. اندمجت الكتلة الكبيرة (حصة الأسد) من الحُطام لتُشكِّل الأرض كما هي اليوم، بينما انضم جزء من ثيا (اسم الكوكب الذي اصطدم بالأرض) وكتلة الأرض المُبكرة من القمر.


تمَّ وضع هذه النظرية لأول مرة في عام 1946 من قبل ريجينالد ألدورث دالي (Regental Aldorgh Dali) من جامعة هارفارد.


أوضحت نظرية التأثير العديد من التحديات المُتعلقة بتكوين القمر، حيث أن نوع التأثير يُخبرنا بالحكاية من حيث مقدار ضياع الغلاف الجوي.


تُؤدي التأثيرات عالية السرعة و/أو التأثيرات المُباشرة إلى أكبر خسارة في الغلاف الجوي، وفي بعض الأحيان، لا تُدمر الغلاف الجوي تمامًا فحسب، بل تُدمر أيضًا أجزاء من طبقة الوشاح الموجودة أسفل القشرة الأرضية.
إن بقاء الغلاف الجوي غير مضمون في البيئة المُبكرة لتشكيل الكواكب، وهو الوقت الذي تصطدم فيه أجنَّة الكواكب بعد تراكمها من قرص كوكبي أولي.


للحصول على الغلاف الجوي، تقوم الكواكب بتجميع الغازات من المواد المُحيطة، وكذلك من تأثير المواد المُتطايرة؛ مما يُؤدي في النهاية إلى إطلاق الغازات المُتطايرة من الداخل، وهذا يعني أن العالم الصخري الصغير يجب أن يتعامل -ليس فقط مع الضغط الإشعاعي لنجمه- ولكن مع التأثيرات الصغيرة والكبيرة.
في حالة الأرض، لدينا سيناريوهات تكوين القمر، ولكن القليل من المعلومات حول قشرة الأرض الأولية أو المُحيط أو الغلاف الجوي.


ومن المُثير للاهتمام، أن وجود المُحيط يُمكن أن يُعزز فقدان الغلاف الجوي، مما يُؤدي إلى ارتفاع مُعدل الخسارة بنسبة 50 بالمائة المذكورة سابقًا.


يُوضح هذا العمل مدى ضآلة ما نعرفه عن فقدان الغلاف الجوي، لكنه ينتج عنه قانون قياس للتعرية الكلية للغلاف الجوي لمجموعة مُتنوعة من السيناريوهات التي تنطوي على مُصادمات بحجم المريخ.

وعندما نعود إلى سؤالنا: “ماذا يحدث عندما تتصادم العوالم؟” يُذكِّر السؤال برواية فيليب ويلي وإدوين بالمر، والتي ظهرت كمُسلسل في مجلة Blue Book ابتداءً من عام 1932، واختتمت في العام التالي.
ظهرت نسخة كتاب “عندما تصادم العالم” في عام 1933، وصدر الفيلم الذي أخرجه رودولف ماتي في عام 1951 في إنتاج جورج بال.

المصادر: 1, 2, 3, 4

كتابة: آية عادل

مراجعة: ليلى الدريس

تدقيق لغوي: أسماء مالك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى