علم النفس

تعامل المخ تجاه الظلم والعدل

نحن البشر كائنات اجتماعية بطبيعتنا. نحن لا نهتم فقط بالمكافآت المادية والمالية، بل نهتم أيضًا بالوضع الاجتماعي والانتماء والاحترام. أظهرت الابحاث أن أدمغتنا تقيم بشكل تلقائي عدالة كيفية توزيع المكافآت المالية. وتظهر عندنا استجابة سعادة للمعاملة الحسنة، ورد على الاشمئزاز، واحتجاج على الظلم. ولهذه الطريقة أثر على سعادة الحياة ورضا العلاقة وتربية الأطفال والقيادة.

والسؤال هو كيف يفهم المخ العدالة وكيف يتعامل مع الظلم. ما هو العدل؟ يختلف إدارك العدالة على حسب ثقافتك أو حالتك أو شخصيتك. ويمكن تعريفه بعدة طرق، الإنصاف: يعامل الجميع بنفس الطريقة ويتبعون بنفس القواعد. تعويضات عادلة للمنفعة: الذين يعملون بجدية أكبر أو يقدمون مساهمة أكثر أهمية يحق لهم الحصول على حصة أكبر من العائدات. الصالح الاجتماعي: يُسمح للأشخاص الذين هم في وضع غير طبيعي بسبب الفقر أو التمييز أو الإعاقة بالحصول على بعض المساعدة الإضافية أو التعويض من أجل المساواة. النتائج المترتبة على التصرف بشكل غير عادل: أولئك الذين لا يتبعون القواعد، ويمارسون الكذب والغش أو يأخذون ميزة غير عادلة يجب عقابهم.

طيب إذا أخذ الكل نفس المكافأة، هل يُعد ذلك غير عادل لمن ساهموا أكثر؟ من سيقرر كيفية توزيع الموارد والمسؤوليات؟ بغض النظر عن الطريقة التي نرى بها الإنصاف أو العدل، سنتعرض بالتأكيد لبعض السلوك أو الأحداث التي تعتبرها غير عادلة وسيعمل الدماغ كرد فعل على هذا الظلم.

طيب كيف يستجيب دماغنا للظلم أو العدل؟ نعرض هنا ملاحظات فيكتور فرانكل عن تجارب معسكرات الاعتقال في كتابه “بحث الإنسان عن المعنى”. عندما يتعرض شخص للضرب من قبل الحراس أو يعاقب بشدة دون سبب أو مخالفات بسيطة، وجد أن الألم العاطفي والإذلال من معاملة غير عادلة يصعب تحمله أكثر من الألم الجسدي للضرب. وتظهر هذه القصص ونتائج الأبحاث أن المعاملة غير العادلة قد تبدو في بعض الأحيان وكأنها مفعمة بالمشاعر ومعاملة عادلة متأصلة بطبيعتها. ربما بالنسبة لأسلافنا في العصور القبلية، فإن معاملتهم إلى حد ما كانت تعني قبولهم من قبل القبيلة وأنه سيتم حمايتهم وتزويدهم بالموارد، في حين أن المعاملة غير العادلة تضع حياتهم في خطر – يمكن أن يتم طردهم أو لا يحصلون على طعام. السؤال الاهم هنا كيف أستطيع أن أتكيف مع هذا الظلم؟

كلنا معرضون للظلم، وهذه حقيقة من حقائق الحياة، يوجد دومًا خلل أو عقبات عشوائية في مرحلة ما. ويمكن أن يكون سببها رئيس لا يرى أو يقدر قيمة وعمل الشخص، أو مرض مفاجئ، أو شريك يغش، فمن الأكيد ستشعر بالحرمان والظلم وسيبدأ دماغك بالإشارة إلى أنه ليس سعيدًا. إذا تركت هذه المشاعر تزداد، فقد ينتهي بك الأمر إلى اكتئاب أو أن تكون صاحب شكوى مزمن.

من الأفضل أن نفكر، لو كان الظلم الواقع عليك خارج عن سيطرتك فأمامك عدة طرق: 1 غير تفكيرك، الحياة بها عنصر من العشوائية والمعاناة التي لا يمكن السيطرة عليها والتي يمر بها الجميع في مرحلة ما. 2 ابحث عن الدرس الذي استفدته في هذا الموقف واترك الباقي وفكر في أن تفهم الوضع بشكل صحيح في المرة القادمة. 3 التعاطف المباشر مع نفسك على معاناتك والتركيز بنشاط على نفسك ورعايتك. 4 ركز بشكل متعمد على الأمور الإيجابية في حياتك، مثل إنجازاتك، والأنشطة التي تستمتع بها، أو الأشخاص الذين يحبونك.

وعلى الرغم من أن وضع الظلم يمكن أن يكون مفيدًا في بعض الأحيان لكن من غير المفيد أن يظل تركيزك عليه أغلب الوقت، فالأفضل أن تركز بشكل أكبر على الجانب الإيجابي في حياتك وفي النهاية سنصل لهدفنا.

المصدر 

 

كتابة: رندا محمد 

مراجعة: أحمد خالد

تصميم: محمد بركات

تحرير: أحمد عبدالستار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى