زراعات مجهرية تستطيع إصلاح الحبل الشوكي
تقول “فيفيان مُشاوار Vivian Mushahwar”: “كنت أظن أن باستطاعتي أن أُصلح إصابات الحبل الشوكي بسهولة، إنها مجرد أسلاك! لكني اكتشفت أنها ليست مجرد أسلاك، لذا كان عليّ أن أدرس بيولوجيا الحبل الشوكي لأستطيع إصلاحه.” قضت مُشاوار عقدين في “جامعة ألبرتا University of Alberta”، وكانت تحلم بمساعدة الناس ليستطيعوا المشي مجددًا، والآن وبفضل شريحة كهربية مُبتكَرة في معملها، وبفضل بحثها ودراستها للحبل الشوكي يمكن لهذا الحلم أن يصبح حقيقة في العقد القادم.
إن إصلاح الحبل الشوكي ليس كإصلاح سلك نحاسي مقطوع، لتصلح ذلك الضرر عليك أن تترجم إشارات المخ وعليك أن تجعل جانبي الحبل الشوكي يتواصلان مجددًا. وبينما يسود لدى الناس الظن أن المخ هو الذي يقوم بكل التفكير، فإن مُشاوار تقول إن الحبل الشوكي له ذكاء خاص به، وأن شبكة معقدة من الأعصاب الحسية والحركية تعمل معًا لتنظيم كل شيء، من التنفس وحتى عمليات الإخراج، بينما تنحصر مساهمة جذع المخ في إعطاء الأمر ببدء العمل أو تسريع معدل العمل، كما لا يساعدك الحبل الشوكي على التحكم في مشيتك فقط، بل ويساعدك على الحفاظ على وقفتك الطبيعية.
حاول باحثون آخرون طرقًا أخرى لاستعادة الحركة لدى المرضى، منها إرسال نبضات كهربية لعضلات القدم، وتلك الطريقة يمكنها إعادة القدرة على المشي للمرضى لكنها ميكانيكية للغاية وليست فعالة بشكل كبير. أما مُشاوار وفريقها فقد انصب اهتمامهم على استعادة وظائف الجزء السفلي من الجسم بواسطة زراعة شريحة كهربية تشبه الشعرة في المادة الرمادية في الحبل الشوكي لترسل إشارات كهربية لشبكات أعصاب معينة تتحكم في القيام بالوظيفة المطلوبة من مشي أو وقوف أو غيرها من الوظائف.
في بحث جديد في صحيفة “Scientific Reports”، نشر الفريق خرائط للحبل الشوكي توضح الأعصاب التي تستهدف الفخذ والركبة والكاحل والأصابع والمناطق التي تنظم الحركة، ووضح البحث أن تلك الخرائط كانت متشابهة إلى حد كبير في أنواع الحيوانات المختلفة، ويبقى الآن التجارب والدراسة على البشر، لكن يلزم الانتقال لتلك الخطوة عمل أكثر.
بدء التجارب الإكلينيكية على البشر سيكون له أثر عظيم، لكننا نحتاج تجارب أكثر على الحيوانات، ونجاح تلك التجارب واستعادة القدرة على المشي والوقوف سيُحسن من صحة العظام، ووظائف الأمعاء والمثانة البولية، وسيساهم في علاج أمراض الجهاز الدوري والتي تعد السبب الأساسي لوفاة مرضى إصابات الحبل الشوكي، ناهيك عن تحسين الصحة النفسية وتحسين حياة الفرد، وبالنسبة لأصحاب الإصابات الأقل خطورة فقد تساعدهم تلك الشريحة على تجاوز فترات العلاج الطبيعي الطويلة وغير مضمونة النجاح.
تقول مُشاوار: “طوال العشرين سنة الماضية شهدنا تقدمًا هائلًا في علم الأعصاب، ونحن الآن على حافة دمج الإنسان بالآلة، وبالنظر لحجم التمويل والبحث العلمي الحالي فإن تطبيق الفكرة على أرض الواقع يمكن أن يكون بعد عشر سنوات.”
كتابة: احمد عبدالستار
مراجعة: سمية عبدالقوى
تحرير: هاجر هشام
تصميم: عاصم عبدالمجيد