أنت واحد أم اثنان؟
تعتقد أنه سؤال مجنون فقط استمع لي قليلا، من المعروف أن لدي كل واحد منا فصيلة دم تكن (A,B,AB,O), كذلك لديه DNA (حمض نووي به الصفات الجسدية ) الخاص به، لماذا لم تسأل نفسك عن عدم التماثل الموجود بين نصفي جسدك ؟ فعينيك غير متساويتا الحجم وكذلك أذنيك، لم لم تسال نفسك عن الاختلاف الذي تجده في أفكارك حتى في معتقداتك؟ أفكار غير تقليدية فقط تحتاج لمزيد من التأمل.
هذا المعتقد يرجع إلي الأساطير اليونانية القديمة لما يسمي بـ(الكايميرا ) أو المخلوق الهجين. الكايميرا هي شخصية اسطورية عبارة عن رأس أسد مع رأس وجسد ماعز وذيل أفعى، تحولت الاسطورة لحقيقة طبية لتساعدنا في تفسير كثير من التساؤلات ومنها ما حدث للاعبة الدنماركية (فوكجي ديلميا) في أولمبيات 1950 حين تم استبعادها وسحب البطولة النسائية منها بعد اكتشاف وجود بعض الخلايا المذكرة في جسدها، ولم تكشف برأتها الا بعد فحص جسدها عقب الوفاة!
وكذلك تأكدت تلك الحقيقة أن بعض منا يحمل أكثر من فصيلة دم، وهذا ما فسر حالة الرجل صاحب ال 61 عاما والذي كان يحتاج لدم من متبرع فصيلة دمه مطابقة لفصيلة دم المرض ولكن ما حدث كان عكس المتوقع تماما، حدثت أعراض رفض من جسد المريض وعند إعادة فحص وجد أن المتبرع يحمل فصيلتي دم، وهذا ما فسر فشل عملية زرع الأعضاء وهو ما نراه في حالة المريضة (Karen keegan) التي كانت بحاجه لنقل كلية من أحد المتبرعين الحاملين لخلايا المطابقة لها، وعند فحص أحد أبناءها قبل عملية الزرع وجد أن بعض خلاياه غير مطابقة للأم!
وفي حالة إثبات بنوة بعض الأطفال وجد أنها لا تنتسب لأمهاتها وهذا ما يقضي علي كل أبحاث تطابق ال DNA واثبات البنوة، وكذلك اكتشاف بعض الكروموسومات الذكرية Y في خلايا جسدية لإناث حديثي الولادة حيث أكدت الأبحاث أنها تحمل بعض خلايا جنين الذكر.
من الممكن أن تكون لتلك الأبحاث دور في تفسير تلك الأمراض المناعية الغير مفهوم سببها أو كيفية حدوثها، فقط هو جسد يهاجم نفسه خلايا مناعية تدافع عن الجسد من وجود تلك الخلايا الغير معلومة المصدر، كالذئبة الحمراء ووهن العضلات وروماتويد المفاصل وغيرها من الأمراض المناعية الغير معدية.
لم يكن لتلك الأحداث تفسير مؤكد حتى الآن لكن بعض الأبحاث منها مقنع كالبحث الذي قام به الأطباء علي بعض النساء الآتي يحملن توائم في رحمهن لاحظ بعض الأطباء اختفاء واحد من تلك التوائم ما تفسير ذلك الحدث؟ إما أن التوأمين اندمجا ليكونا شخص واحد أو أن أحدهما ابتلع الآخر وبذلك فان واحد يحمل خلايا جسدية لشخصين ومن الممكن أن يحمل خلايا جنسية أيضا لشخصين إذا كان أحد التوائم ذكر والآخر أنثي، فكل من التوأمين عبارة عن بويضة مخصبة بحيوان منوي مختلف يحملان حمض نووي مختلف وخلايا مختلفة تماما عن الآخر، من الممكن أن يكون واحد منا يحمل خلايا شخص آخر .أكون أنثي أحمل أعضاء كالكبد والقلب وغيرها تنسب لذكر؟ وكذلك رجل يحمل بعض الخلايا الأنثوية التي تفسر بعض التغييرات عند البلوغ، فقط تسأل كيف لجسدك أن يقبل تلك الخلايا الغير مطابقة؟
ظاهرة ال tolerance أو التكيف أو التعايش وهو ما تفعله الخلايا المناعية في مراحل الطفولة، ولكن من الممكن أن تتغير ردود أفعال تلك الخلايا وحينها تظهر أعراض تلك الأمراض المناعية، ومنها أثبتت الدارسات الدنماركية أن حوالي ثلث البشر هي حالات كايميرا ولكن لم يكتشف سوي 100 حالة فقط حتى الآن!
هي أسطورة وحقيقة علمية تحتاج فقط لتأمل ومزيد من التفسير، تشعر بأنك شخص بداخلك روح شخص آخر؟ لا تقلق أنت #كايميرا.
– هذا المقال في إطار مسابقة الجرعة اليومية من العلوم
كتابة: ميرفت أبو الحمد