“المريخ.. مستقبل البشرية!”
كوكبنا الأخضر الجميل يمكن في يوم من الأيام ألا يستطيع تحملنا!
كوكب الأرض يمكن أن يجعلنا نضطر إلى أن نرحل منه!
يمكن للكوارث المناخية والكوارث الطبيعية والتغيرات الجيولوجية أن تجعل العلماء يفكرون بجدية في حل، وهو استيطان كوكب المريخ والسكن عليه، على الرغم من بعض العوائق والتحديات الكثيرة، إلا أن التقنيات المتطورة ربما تكون قادرة على تجاوز الأزمات.
فمن المرجح بين علماء الفلك والذي يتم تداوله في السنوات السابقة سؤال “هل المريخ كوكب صالح للحياة؟”
خصائص الكوكب الأحمر
كوكب المريخ هو الكوكب الرابع في النظام الشمسي من حيث بُعده عن الشمس. وهذا البُعد يجعله كوكبًا باردًا جدًا وغير مناسب لوجود الماء السائل.
وتساوي جاذبيته %38 من قوة جاذبية الأرض، وغلافه الجوي رقيق وخفيف جدًا، أقل مائة مرَّة من الغلاف الجوي للأرض.
يتكوَّن الكوكب الأحمر بنسبة %96 من ثاني أكسيد الكربون، إضافة إلى غازي النيتروجين والأرجون، ونسبة ضئيلة جدًا من بخار الماء والغازات، وهذا يجعله غير صالح للتنفس.
الضغط الجوي على المريخ يقل %1 عن الضغط الجوي على سطح الأرض، ولا يسمح باستقرار المياه السائلة على سطحه.
ووجد العلماء أن الصخور على سطح المريخ كانت قادرة على الاحتفاظ بحوالي 25% من المياه، أكثر من تلك الموجودة على الأرض، كما أن هذه الصخور تنقل المياه إلى داخل الكوكب.
وعلى الرغم من أن هذه البيئة غير مناسبة للسكن، إلا أن المريخ هو الكوكب الأفضل، والأكثر احتمالًا في المجموعة الشمسية، لأن يكون صالحًا للحياة في المستقبل.
اختلافاته عن كوكبنا الجميل
يدور كوكبا الأرض والمريخ حول الشمس في مدارات أهليلجية (شبيهة بالبيضة). والمسافة بينهما متغيرة دائمًا، تُقدَّر أقربُها بحوالي 55 مليون كم، وأبعدها 400 مليون كم. لذلك تستغل وكالات الفضاء زمن اقتراب المسافة لمزامنة رحلاتها للتقليل في الوقت.
تحتاج المركبة الفضائية لحوالي ستة أشهر للوصول إلى المريخ، وقد تزيد هذه المدة أو تنقص. ذلك أن طول الرحلة يعتمد على عوامل عديدة، كمقدار المسافة بين الكوكبين، ومقدار الوقود المستهلك الذي يتناسب عكسيًا مع زمن الرحلة. وتشكِّل هذه المدة الطويلة عقبة كبيرة لروَّاد الفضاء في المستقبل. حيث يأمل العلماء في استخدام تقنيات أكثر تطورًا من الصواريخ التقليدية للسفر بين الكواكب في المستقبل، مثل محركات البلازما في صاروخ “فاسيمر” (VASIMR) الذي يستغرق 39 يومًا فقط للوصول إلى المريخ. فكلما كانت الرحلة أقصر، تعرض روَّاد الفضاء إلى إشعاعات أقل، وهذه ناحية إيجابية جدًا في الجانب الصحي.
في البداية، هناك العديد من التحديات التي على الإنسان تخطيها لجعل كوكب المريخ صالحًا للحياة.
هندسة كوكب المريخ
هندسة كوكب المريخ تعتمد بشكل أساسي على رفع درجة حرارته لارتباطها بعوامل أخرى. ومن الأفكار العلمية المطروحة في هذا الجانب، وضعُ مصفوفة من المرايا الضخمة في مدار حول الكوكب، هدفها عكس أشعة الشمس لتسخينه. فعند تسخين قطبي المريخ، سوف تحدث ظاهرة التسامي (تحول المادة الصلبة إلى الحالة الغازية دون المرور بالحالة السائلة)، فيتصاعد ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، اللذان هما من الغازات الدفيئة، ويؤديان إلى ظهور ما نُطلق عليه بظاهرة الاحتباس الحراري، التي تسهم في سماكة الغلاف الجوي للكوكب وبنائه بشكل تدريجي.
تربة المريخ
تربة الأرض رطبة وغنية بالمواد الغذائية والكائنات الحية الدقيقة التي تدعم نمو النباتات. بينما تربة المريخ جافة وتحتوي على مواد كيميائية سامة. لذلك سوف نلجأ إلى استخدام النباتات المعدلة وراثيًا لتكون قادرة على العيش في ظروف قاسية كالتي على المريخ. ويشهد بهذا الخصوص علم البيولوجيا التركيبية تقدُّمًا.
سوف نستخدم بعض التقنيات لتسريع تهيئة الكوكب للحياة، مثل تصميم آلة قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، المكون الرئيسي للغلاف الجوي للمريخ، وضخ الأكسجين مكانه. وقد طوَّر معهد ماساتشوستس (Massachusetts) للتكنولوجيا آلة تدعى “موكسي” (MOXIE)، لتكون ضمن مهمة وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) في رحلتها المقبلة إلى المريخ خلال العام الجاري 2020م.
المريخ والحقل المغناطيسي
سبقت الإشارة إلى أن المريخ يفتقر إلى حقل مغناطيسي قوي، ومن المعروف أن الحقل المغناطيسي للأرض يحميها من الرياح الشمسية والأشعة الكونية. لذلك اقترح باحثون في ناسا، وعلى رأسهم جيم غرين (Jim Gren) رئيس قسم علم الكواكب في الوكالة، بناء حقل مغناطيسي اصطناعي يقدِّم الحماية لكوكب المريخ ويدعم الحياة عليه عند منطقة لاغرانج الأولى (L1) الواقعة في الفضاء بين المريخ والشمس. وسوف تكون لهذا الحقل إيجابيات على الغلاف الجوي ودرجة الحرارة والضغط للمريخ.
تشكيل الحياة على كوكب المريخ عملية معقدة للغاية ومحفوفة بالصعاب والمخاطر، وليس من السهل هندسة كوكب بشكل جذري وكامل ليكون شبيهًا بكوكب الأرض. ذلك يحتاج إلى تكلفة مالية باهظة ومدة طويلة تقدَّر بمئات السنين وربما أكثر من ذلك. لكن هذا لا يعني أن البشر لن يسكنوا المريخ للأبد، ربما سيفعلون ذلك على نطاق محدود وضيق، عن طريق بناء المستوطنات والقباب المريخية وتوفير الظروف المناسبة للحياة فيها من خلال بناء أنظمة معقَّدة تدعم الحياة.
بعد عام تقريبًا، من المنتظر أن تصل مركبة فضاء أمريكية إلى محيط كوكب المريخ قبيل الهبوط على سطحه، ومع أن المركبة الجديدة، وهي تُعرف بـ “المريخ 2020” (ومن المقرر الإعلان عن اسم جديد لها)، تشبه كيوريوسيتي Curiosity 2012 التي هبطت على سطح المريخ عام 2012، وستكون مهمتها الإجابة عن هذه الاسئلة: “هل هناك أو كانت هناك حياة على كوكب المريخ؟ وهل يكون الكوكب الأحمر موطنًا للبشر في المستقبل؟!”
كتابة: آية عادل
مراجعة: أحمد مغربي
تدقيق لغوي: شدوى محمود