التاريخ والأدب

ماري كوري.. المرأة الحديدية!

تلك التي كانت أول امرأة حصلت على جائزة نوبل، بل الوحيدة التي حصلت عليها مرتين وفي مجالين مختلفين، مرة في الفيزياء وأخرى في الكيمياء، تلك التي أمضت طريقها مُصرّة رغم الإحباطات المتتالية، إنها العالِمة الفذة “ماري كوري”.

  • نشأتها

ولدت “ماريا سكلودفسكا” في بولندا بوارسوا 7 نوفمبر 1867م وكانت هي الصغرى من بين خمسة أطفال، كان والديها معلمَين معروفَين؛ فلقد كان والدها معلمًا للرياضيات ووالدتها كانت تدير مدرسة داخلية للفتيات في وراسو، ولقد عانت والدتها من مرض الدرن عندما كانت ماريا في سن الرابعة والذي منعها من حضن أمها، ليس فقط ذلك بل أيضًا طلب الطبيب من والدتها بأن تذهب إلى الريف الذي كان إحدى طرق العلاج في ذلك الوقت، تركت أمها المنزل لوالدها الذي لم يترك فرصة إلا وكان يُعلم أولاده بعض العلوم.

كانت بولندا في ذلك الوقت تحت حكم الدب الروسي الذي كان يقتل كل ما هو بولندي، لكن لم يكن ذلك الحكم والظروف القاسية تحت حكم الروس هو أصعب شيء، فيوجد صدمات حطمت ماريا كليًا، لقد توفيت أختها الكبرى بمرض التيفود لتلحق أمها بأختها بعد أربع سنوات، فانخرطت ماريا في الدراسة لكن أصيبت باكتئابٍ حاد، ومن ثم أرسلها والدها لكي تقضي عامًا في الريف مع أبناء عمها، وبعد هذا العام رجعت إلى وارسو لتعمل بالتدريس، حيث إن عائلتي والدها ووالدتها فقدوا كل ممتلكاتهم وثرواتهم نتيجة انخراطهم في العمل الوطني، مما جعل ماريا وأخواتها يعانون ماديًا في حياتهم.

  • مراحل فاصلة في حياة ماري

لقد اتفقت ماريا مع شقيقتها برونيسلافا أن تسافر هي لدراسة الطب في باريس، وإلى أن تتم دراستها يتبادلا الأدوار، حيث كانت تعمل ماريا لدى أسرة من المحاميين في كراكوفيا ثم لدى أسرة تسورافسكي، وهناك وقعت في حب كازمير تسورافسكي ولكن أسرته رفضت، وهددته بحرمانه من الميراث إن لم يتغاضى عن هذا الأمر، لذلك تراجع وانفطر قلب ماريا، ولكن اضطرت من أجل أختها أن تكمل في ذلك البيت.

والآن حان دور ماريا للذهاب إلى فرنسا للدراسة بعد أن أنهت أختها دراستها، ولكن ماريا كانت ما زالت تتذكر تلك العلاقة التي دمرتها، فعندما دعتها أختها أرسلت إليها رسالة بأنها غبية وستظل غبية وأنها كانت تحلم بفرنسا كخلاص لكن هي إنسانة تعيسة.

في نوفمبر 1891م تقطع ماريا التي بلغت الثالثة والعشرون من عمرها تذكرة إلى باريس، وتذهب هناك لتدرس وتقوم بتغيير اسمها من ماريا إلى ماري. بعد تخرجها يقوم أحد الأطباء الذين كانوا يُدَرسون لها بترشيحها إلى مهمة بحثية ألا وهي دراسة الخواص المغناطيسية للحديد، فتقوم ماري بالبحث عن شخص لكي يساعدها فتجد بيير كوري وتسمح لنفسها بخوض تجربة عاطفية فتتزوج منه، وكانا يعملانِ معًا في معملهما المتواضع.

في يوليو 1898م نشر الزوجان ماري وبيير كوري ورقة بحثية مشتركة أعلنا فيها وجود عنصرًا أطلقا عليه اسم “البولونيوم”؛ تكريمًا لبلدها الأصلي بولندا، وفي 26 ديسمبر 1898م أعلنا أيضًا عن وجود عنصر ثانٍ اسموه “الراديوم” ذو النشاط الإشعاعي الكبير، ولكن لإثبات اكتشافاتهم كان عليهم فصل البولونيوم والراديوم إلى صورتهم العنصرية النقية، في عام 1903 حصلت ماري وزوجها بيير على جائزة نوبل في الفيزياء وهو الأمر الذي أكسب ماري شهرة واسعة في أنحاء العالم، فقد كانت ماري أول امرأة تحصل على جائزة نوبل، واستخدم الزوجان كوري أموالهما المكتسبة من جائزة نوبل في استكمال أبحاثهما ودراساتهما.

تعرضت ماري لفاجعة مؤلمة حين تُوفي زوجها بيير في حادث مروع في عام 1906، وبعد وفاة بيير أخذت هي محله في جامعة السوربون وأصبحت أول امرأة تعمل كبروفيسور في السوربون.
أصبحت ماري أول امرأة تنال جائزتي نوبل في مجالين مختلفين حيث حصدت في عام 1911م على جائزة نوبل في الكيمياء وذلك لاكتشافها عنصري الراديوم والبولونيوم.

  • وفاتها

كانت ماري دائمة العمل مع المواد الكيميائية والنظائر المشعة، وكانت تحمل في جيبها أنابيب اختبار تحوي عناصر مشعة كالراديوم، حينها لم يكن معروفًا خطورة التماس مع تلك العناصر، فأصيبت بمرض فقر الدم اللاتنسجي الذي أصابها بسبب التعرض للمواد المشعة مما أدى إلى وفاتها.

 

المصدر

كتابة: اية ياسر

مراجعة: ياسمين محمد

تحرير: ميرنا عزوز

تصميم: مها محمد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى