استخدام الموجات الصوتية للكشف عن الملوثات
أظهرت دراسة جديدة أن استخدام الموجات الصوتية لرفع قطرات الماء في الجو يُمكن أن يُحسِّن من اكتشاف الملوثات كالمعادن الثقيلة الضارة مثل الرصاص والزئبق في الماء. ويُعَد ذلك أمرًا مُهمًا لأن هذه الملوثات ضارة بصحة الإنسان والبيئة ويُمكن أن تُؤدي هذه التقنية الجديدة إلى أدوات تقوم بمراقبة فورية للملوثات، والتي يُمكن أن تُساعد في منع مشاكل تلوث الرصاص في المستقبل مثل أزمة فلينت، ميشيغان، أو اكتشاف مياه الصرف المُلوثة في المناطق الصناعية.
وقد وضّح رئيس فريق البحث Victor Contreras من معهد Ciencias Físicas UNAM :”على الرغم من التنوع الكبير لمستشعرات المياه التي توفِّر مراقبة مستمرة، إلا أن الكشف عن العديد من المعادن الثقيلة المُذابة في الماء لا يمكن إجراؤه إلا عن طريق إرسال العينات لإجراء تحليل مختبري متخصص، وأسلوبنا الجديد هو خطوة نحو تطوير أسلوب تحليل أبسط يمكن تطبيقه، ويمكن استخدام هذا النوع من تحليل المياه من قِبل الصناعات الزراعية والدوائية وتنقية المياه وغيرها من الصناعات لرصد المياه للملوثات”.
في مجلة البصريات (OSA) قام الباحثون بتفصيل طريقتهم الجديدة التي تستخدم تقنية حساسة تُعرف باسم التحليل الطيفي الناتج عن الليزر (LIBS) لتحليل المعادن الثقيلة الموجودة في قطرات الماء. إن طفو قطرات الماء يسمح للماء بالتبخُّر مما يزيد من تركيز الملوثات في العينة ويجعل من السهل إجراء تحليل LIBS. وأظهر الباحثون أن طريقتهم الجديدة يمكن أن تكشف بشكل موثوق عن مستويات منخفضة جدًا من المعادن الثقيلة مثل الباريوم والكادميوم والزئبق .
إن تقنية LIBS تقدم طريقة سريعة ومباشرة لتحديد عدة عناصر في وقت واحد ويعمل LIBS من خلال تركيز نبضة ليزر عالية الطاقة على عينة، فتُبخر المواد وتولد البلازما. ولأن الضوء المنبعث من البلازما يحتوي على البصمات الذرية للمادة، فمن الممكن تحديد المكونات الكيميائية للعينة من خلال تحليل الضوء المنبعث. يُستخدم تحليل LIBS على عينات صلبة ومن الصعب استخدامه لتحليل السوائل مباشرة لأن البلازما التي تكوَّنت في السوائل تبرد بشكل أسرع وتستمر لفترة قصيرة جدًا. كما أنه ينتج عن إنتاج البلازما على سطح السائل رذاذ ماء يؤثر بشكل مباشر على قراءة التحليل الطيفي.
عند استخدام عينات سائلة، يجب إنشاء بلازما توفِّر إشارة جيدة للكشف عن المواد الكيميائية وهذه تتطلب مستويات عالية من طاقة الليزر، والتي لا يمكن توفيرها إلا بواسطة ليزر ضخم وغير محمول. وللتغلب على هذه المشكلة، يتم تحليل العينات السائلة عن طريق وضع قطرة على ركيزة والانتظار حتى يجف من أجل تركيز العناصر المقصودة في العينة. وعلى الرغم من أن وضع العينة على الركيزة أمر بسيط للغاية، إلا أن نبضة الليزر تثير ذرات العناصر الموجودة في العينة وكذلك الركيزة. وبجانب ذلك، تبخر الماء يمكن أن يؤدي إلى توزيع غير متجانس للشوائب على الركيزة، مما يعرِّض استنساخها للإشارة.
وبدلاً من وضع القطرات على ركيزة، استخدم الباحثون موجات صوتية مُكثَّفة لتحفِّز قطرات المياه فقط. وتُنتج الموجات الصوتية قوى قوية بما يكفي للتصدي للجاذبية، مما يسمح للقطرة أن تحوم دون دعم في الهواء. الارتفاع الصوتي هو طريقة بسيطة وغير مُكلفة لإعادة التركيز على العناصر المقصودة مع تجنُّب التلوث من سطح الركيزة. وعلاوةً على ذلك، فإنه لا يتطلب أن يكون لدى العينة أي نوع من الاستجابة الكهربائية أو المغناطيسية مثل بعض الطرق الأخرى المُستخدمة لتحقيق الارتفاع.
في الدراسة، أظهر الباحثون أن استخدام الموجات الصوتية لرفع نقطة واحدة من الماء سمح لهم بالكشف عن تركيزات منخفضة جداً من المعادن الثقيلة، مثل اكتشاف 0.7 ملليغرام لكل لتر من الكادميوم و 0.2 ملليغرام لكل لتر من الباريوم. كما أظهروا أن تقنية الارتفاع الصوتي التي استخدموها مُستقرة بما يكفي لتحليل LIBS القابل للتكرار. هذه التكنولوجيا لديها القدرة على اكتشاف المعادن الثقيلة والعناصر الأخرى في المياه في وقت واحد بطريقة سريعة وفعالة من حيث التكلفة. ويعمل الباحثون الآن على تحسين الأجهزة، فمثلاً يرغبون في تحسين التصميم الميكانيكي للمصيدة الصوتية لتحقيق ارتفاع أكثر استقراراً، مما سيؤدي إلى تحسين قابلية تكرار قراءات LIBS. كما أنهم يريدون زيادة الحساسية عن طريق رفع قطرات أصغر بشكل ثابت، مما يزيد من تركيز الملوثات.
هذه التقنية يمكن أن تساعد في يوم من الأيام في منع الكوارث البيئية وتساهم في تحسين مراقبة جودة المياه.
كتابة: أية أحمد
مراجعة: أية العزب
تصميم: أمنية عبدالفتاح
تحرير: نهى عمار