التاريخ والأدب

لماذا يطلق على 25 نوفمبر من كل عام “اليوم البرتقالي”؟

أُختير البرتقالي لونًا ولقبًا لليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ويرجع ذلك إلى الحملة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «Ban Ki-Moon» عام 2008.

يُعد العنف ضد النساء والفتيات أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا وتدميرًا في عالمنا اليوم، ولا يزال يتم الإبلاغ عنه إلى حد كبير بسبب الإفلات من العقاب، الصمت، الوصم، والعار الذي يهدد النساء والفتيات، كما أنه يوجد في جميع البلدان والمجتمعات، ويحدث ذلك في الأماكن الخاصة والعامة، والظاهرية على الإنترنت، وغالبًا ما يكون العنف مدفوعًا باعتقاد راسخ بأن المرأة لا تساوي الرجل.

ويتجلى العنف فى أشكاله الجسدية، الجنسية والنفسية التي تشمل:
(الضرب، الإيذاء النفسي، الاغتصاب الزوجي، قتل الإناث، الاغتصاب، الاعتداء الجنسي على الأطفال، الزواج القصرى، المضايقات في الشوارع، والمضايقات الإلكترونية، العبودية والاستغلال الجنسي، تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وزواج الأطفال).

لمزيد من التوضيح، فإن إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993 يعرف العنف ضد المرأة بأنه “أي عمل من أعمال العنف على أساس الجنس ينتج أو يحتمل أن يؤدي إلى تأثير بدني أو جنسي، أو الأذى النفسي أو المعاناة للمرأة بما في ذلك التهديد بمثل هذه الأفعال أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء كان ذلك في الحياة العامة أو في الحياة الخاصة”.

وتم تجسيد خطوة جريئة من خلال مبادرة أطلقت عام 2008 والمعروفة باسم «UNiTE» لإنهاء العنف ضد المرأة، ويهدف إلى رفع مستوى الوعي العام حول هذه القضية في جميع أنحاء العالم.

يتصدر العنف ضد المرأة أجندات تلك الأيام العالمية والدولية، لكونه أكثر صور انتهاكات حقوق المرأة انتشارًا حول العالم، ولذلك يأتي اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، والمحدد تاريخه 25 من نوفمبر من كل عام، في مقدمة الأيام الدولية الموجهة للمرأة.

وقد حددت الأمم المتحدة هذا اليوم قبل 16 عامًا، تحديدًا فى ديسمبر من العام 1999، ليصبح الإحتفاء بهذا اليوم رسميًا منذ ذلك من المناصرات والمناصرين لحقوق النساء، كما اعتادوا الاحتفاء قبل قرار الأمم المتحدة منذ عام 1981، وذلك انطلاقًا من ارتباط التاريخ بحادثة الأخوات ميرابال والتي تأتي بين الحوادث الأكثر وحشية بحق النساء في تاريخنا الحديث.

الأخوات ميرابال رمز للمناهضة، وكيف تحولت ذكرى اغتيالهن إلى يوم عالمي؟
“الفراشات الثلاث”، هو اللقب الذى نلن إياه الأخوات ميرابال، وتعود قصتهن إلى عام 1960، في جمهورية الدومنيكان، عندما كان حاكم البلاد الديكتاتور رافاييل تروخيلو «Rafael Trujillo»، والذي كان يتمتع بسلطات مطلقة، جعلته أقرب لمنزلة الاَلهة في ظل تحالفه مع الكنيسة والقيادة العسكرية، فتمكن من بسط نفوذه وتقديم المعارضة، إلا أن الشقيقات الثلاث الأرستقراطيات لم يخيفهن كل ذلك، ولم يخفين معارضتهن لسياسته، وبدأت قصتهن.

في إحدى المناسبات العامة التي تواجدت بها إحدى الشقيقات، حاول وقت ذاك التحرش بها جنسيًا، إلا أنها واجهته بحزم إلى حد إهانته، وشكلت لاحقًا الفتاة مع شقيقتيها، حركة ضمت مجموعة من المعارضين لنظام تروخيلو، وعرفت باسم حركة الرابع عشر من يونيو، إلا أنه أمر باعتقالهن، وتعرضن لأشد وأقسى أنواع التعذيب والتنكيل بالسجن.

بعد فترة تم الإفراج عنهن، لا ليعدن إلى الحياة من جديد، بل ليلاقين مصيرهن الأخير، إذ اُغتيلَت الفراشات الثلاث بأيدي مجهولين، بطريقة وحشية في الـ25 من نوفمبر عام 1960، وبقى الأمر محفوفًا بالضبابية حتى تكشف فيما بعد أن الديكتاتور هو من وراء اغتيالهن، وبعد تلك الحادثة حاولت أختهن الرابعة التي لم يطلها ما طالهن تخليد ذكراهن، فحولت منزلهن الذي ولدن به إلى متحف يضم مقتنياتهن.

فيما بعد، قصة الشقيقات الثلاث تعد مصدر إلهام لروايات وأفلام خلدت ذكراهن أبرزها كان زمن الفراشات، للكاتبة الأمريكية جوليا ألفاريز «Julia Alvarez» نشرت عام 1994، ولاحقًا تم تحويلها إلى فيلم سينمائي يحمل نفس الاسم.

لذلك يوم 25 نوفمبر يوم القضاء على العنف ضد المرأة مناسبة ترتدي فيها اللون البرتقالي، ولنشر الوعي بخطورته والحث على التوقف عن ممارسته، ولم تتوقف الحملة التي تحمل اسم اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة عند الـ25 من نوفمبر فحسب، بل امتدت لكل يوم يوافق 25 من كل شهر من شهور السنة.

الاستثناء في شهر نوفمبر أن حملة البرتقالي، تبدأ في الـ25 وتستمر حتى الـ10 ديسمبر وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أى خلال الـ16 يومًا الدولية من النضال ضد العنف ضد النساء.

 

المصادر 1 2 3 4

 

كتابة: منة الله محمد منصور

مراجعة: حمّاد بن عيسى

تحرير: زينب أحمد

تصميم: أمنية عبد الفتاح

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى