الأحياءالطب

لم لا نستخدم الجهاز المناعي لمحاربة البكتيريا القاتلة؟

إذا نجح العلاج المناعي في تدمير الخلايا السرطانية، فلماذا لا نستخدم الجهاز المناعي الموجود بأجسامنا لمحاربة البكتيريا القاتلة؟ هذا السؤال جعل العلماء يفكرون في ما يسمى بالعلاج المناعي البكتيري “bacterial immunotherapy” أو المناعة الحيوية “immunobiotics”، وذلك باستخدام الآليات القوية للجهاز المناعي البشري لمنع دخول مسببات الأمراض ولهزيمة البكتيريا الأكثر مقاومة للمضادات الحيوية. لذلك لجأوا لاستخدام طريقة ناجحة لتمييز البكتيريا الموجبة لصبغة جرام “Gram-positive bacteria” بجزء من مادة غريبة يتعرف عليها جهاز المناعة ويسمى هذا الجزء “antigenic epitopes”، وبعد تعرف جهاز المناعة على ذلك الجزء الغريب، يبدأ جهاز المناعة في إعطاء الأوامر لتكوين الأجسام المضادة.

بالرغم من فائدة هذه الطريقة في البكتيريا الموجبة لصبغة الجرام إلا أنه قد ثبت عدم فاعليتها ضد البكتيريا السالبة لصبغة جرام “Gram-negative bacteria”؛ وذلك لأنها تمتلك طبقة إضافية حول نفسها. وكان المؤسف في الأمر أن البكتيريا السالبة لصبغة جرام تضم أنواعًا خطيرةً من البكتيريا والتي تسبب أمراضًا خطيرةً مثل بكتيريا “Pseudomonas aeruginosa” المسببة لمرض الالتهاب الرئوى والإِنْتان -وهو مرض تعفن الدم- وبكتيريا “Escherichia coli) “E. coli) التي تنتقل إلينا من خلال الغذاء الملوث. وتعد هذه الأنواع من البكتيريا هي الأصعب من حيث العلاج والأكثر خطورة، وليس ذلك فقط فهذه البكتيريا تتطور باستمرار، مما يجعل المضادات الحيوية الحالية عاجزةً عن مواجهتها.

لذلك استخدم العلماء استراتيجية جديدة تهدف إلى تمييز البكتيريا السالبة لصبغة الجرام ليتمكنوا من القضاء عليها، وذلك عن طريق اتحاد جزيئات صغيرة قاموا بتصنيعها بسطح خلايا البكتيريا السالبة لصبغة الجرام، وهذه الجزيئات تحفز الاستجابة المناعية.

تم تجميع الجزيئات الصغيرة التي قاموا بإنشائها باستخدام “polymyxin B (PMB)” -وهو مضاد حيوي يوجد بشكل أساسي على سطح البكتيريا سالبة الجرام-، وأيضًا بالجزيئات المستضدية “antigenic epitopes” والتي تقوم بتحفيز الجهاز المناعي لتكوين الأجسام المضادة. ويذكر أحد الباحثين أنهم قاموا باستخدام فئة جديدة من المضادات الحيوية المعروفة باسم “Colistin” لكي يستطيعوا استهداف هذه البكتيريا، والكوليستين هو مضاد حيوي يدمر البكتيريا عن طريق الالتصاق بسطحه. فقام الباحثون بتعديل الكولستين باستخدام عامل يقوم بجذب الأجسام المضادة على سطح البكتيريا ويُكوِّن مركبًا يقتل البكتيريا بصورة مباشرة وفي نفس الوقت يحفز الاستجابة مناعية.

وهناك طريقتان مختلفتان يستهدف من خلالهما ذلك المركب البكتيريا المسببة للأمراض، ومن خلال ذلك يمكننا الوصول لعلاج مناعي واعد نستطيع استخدامه في الاختبارات المتقدمة. وأجرى الفريق تجارب على مسببات الأمراض سالبة الجرام -بما في ذلك “E. coli.”-، فقاموا بمعالجة البكتيريا بمركباتها في مصل بشري حقيقي ولاحظوا انخفاضًا ملحوظًا في عدد البكتيريا الحية، وهذا مؤشر على نجاح تسخير جهاز المناعة لاستهداف هذه البكتيريا الخطيرة المسببة للمرض، ليس ذلك فقط بل يأمل الباحثون أيضًا في إجراء تلك التجارب داخل الجسم البشري الحي لتقييم تلك الطريقة بشكل أفضل.

واجتمع عدد من الباحثين لمعرفة كيف تتخلل المضادات الحيوية الأغشية البكتيرية وكيف تدمر البكتيريا المستهدفة. وقاموا أيضًا بالبحث في أن التكوين السطحي للبكتيريا قد يعوق أو يساعد في تنشيط نظام المناعة. وكانت النتيجة أنهم قد أجمعوا على أن هذا العلاج قد أثَّر بشكلٍ كبير على أنواع هذه البكتيريا الخطيرة، ومن المنتظر أن يقوموا بإجراء تلك التجارب في جسم الإنسان الحي.

المصدر

كتابة: آلاء عمارة


مراجعة: أحمد علاء


تصميم: أمنية عبدالفتاح


تحرير: زينب أحمد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى