تؤثر دراسة الصدمة النفسية على أدمغة الذكور والإناث بشكل مختلف، وذلك وفقًا لدراسة جديدة أجرتها كلية الطب بجامعة ستانفورد وبرنامج الإجهاد المبكر والقلق للأطفال، وجدت الدراسة أن لدى الشباب الذين يعانون من أعراض الإجهاد اللاحق للصدمة تباين في حجم ومساحة السطح المعزول بين الذكور والإناث الذين عانوا من إجهاد مؤلم مقابل أولئك الذين لم يحدث لهم ذلك.
فـ(Insula) هي منطقة مدفونة بعمق داخل القشرة الدماغية والتي تلعب دورًا رئيسيًا في المعالجة المتداخلة (كم أو مقدار الانتباه القليل الذي يوليه المرء للمعلومات الحسية داخل الجسم) وتنظيم العواطف والوعي الذاتي، ونُشرت الدراسة على الإنترنت في مجلة الاكتئاب والقلق في 9 يناير، فهي أول دراسة حتى الآن تم فيها فحص الفروق بين الجنسين في التقسيمات الفرعية للعزلة في الشباب الذين يعانون من تاريخ الصدمات.
على الرغم من أن العديد من الأفراد يعانون من الصدمة، فمن الغريب أنهم ليسوا جميعًا يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، فالأشخاص المصابون باضطراب ما بعد الصدمة أو الذين يعانون من ضغوط مؤلمة في حياتهم يتحملون التعرض للموت الفعلي والأفكار المتطفلة فيما بعد والتي ترتبط بالحدث المؤلم الذي حدث لهم، وتصاغ هذه الأعراض بأنها غير مرغوب فيها وغير مرحب بها من قبل الفرد الذي يختبرها، ويمكن أن تشمل ذكريات مؤلمة متكررة لا إرادية وأحلام وذكريات الماضي، كما لو أن الحدث الصادم ما زال يحدث (على الرغم من أنه توقف منذ فترة طويلة).
في المقابل سيتجنب الفرد الذي يتعرض للصدمة والمعرض للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة أي محفزات مرتبطة بهذا الحدث وسيواجه تغييرات في الفكر والحالة المزاجية بالإضافة إلى الإثارة المتزايدة باستمرار.
شارك 59 شابًا تتراوح أعمارهم بين 9 و17 عامًا في الدراسة، أظهر نصف الأفراد أعراض اضطراب ما بعد الصدمة والنصف الآخر لم يكن كذلك. كانت مجموعة ما بعد الصدمة مقابل المجموعات غير المصابة وكانوا في نفس العمر ونسبة الذكاء والجنس، فمن بين 30 مشاركًا (14 أنثى و16 ذكرًا) مصابون بالصدمة، أظهر 5 عن ضغوط صدمة واحدة في حين أبلغ الباقون عن أكثر من إجهادين مؤلمين أو تعرضين لصدمة مزمنة، وباستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلي قام الباحثون بمسح أدمغة المشاركين وقارنوا أدمغة الذكور والإناث العادية بأدمغة الذكور والإناث المصابين بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة، فعلى الرغم من عدم وجود فروق هيكلية في التقسيمات الجزئية للإنسولين بين أدمغة الذكور والإناث السليمة، إلا أنه كانت هناك اختلافات ملحوظة بين الذكور والإناث في مجموعة الصدمة، فكان لدى الأولاد المصابين بصدمات نفسية حجم ومساحة سطحية أكبر من الأولاد في المجموعة السليمة، بينما كان لدى البنات المصابات بالصدمة نفس الحجم ومساحة سطحية أصغر من البنات في المجموعة السليمة. وتشير هذه النتيجة إلى أن الصدمة لا تؤثر فقط على الدماغ النامي ولكنها تؤثر أيضًا على نمو الأولاد والبنات بشكل مختلف تمامًا.
ومع مرور العمر يتناقص حجم الـ(Insula) وتتقلص لدى الفتيات المصابات بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة إلى أن هذا الجزء من الدماغ يتقدم في العمر قبل الأوان جزئيًا بسبب الضغط العصبي. وقد ذُكر في ورقة البحث أنه “من خلال فهم أفضل للاختلافات في منطقة الدماغ التي تشارك في معالجة المشاعر قد يكون الأطباء والعلماء قادرين على تطوير علاجات خاصة بصدمات نفسية وعاطفية.”
فإلى ماذا سيقودنا اضطراب ما بعد الصدمة؟
كتابة: اميرة يحيي
مراجعة: مصطفي طنطاوي
تحرير: ميرنا عزوز
تصميم: احمد محمد