هل أعاني من الارتجاع المعدي المريئي؟ وكيف أتخلص منه؟
هل تحب تناول الطعام؟
من منَّا لا يحب!
ربما أولئك الذين يعانون من الارتجاع المعدي المريئي.
يبدأ الطعام رحلته في جهازك الهضمي بالمرور من الفم إلى البلعوم ومنه إلى المريء، بموجات متعاقبة من الانقباضات والانبساطات لعضلات المريء، فيُدفع الطعام باتجاه المعدة، ثم ترتخي العضلة العاصرة المريئية السفلية لتسمح للطعام والشراب بالدخول إلى المعدة، بعدها تغلق تلك العضلة الصمام بين المريء والمعدة كي لا يعود الطعام وأحماض المعدة إلى المريء، بعدها يتابع الطعام رحلته من المعدة إلى الأمعاء.
ما هو الارتجاع المعدي المريئي؟
الارتداد المعدي المريئي هو اضطراب هضمي يؤثر على العضلة العاصرة المريئية السفلية؛ ما يؤدي لتدفق حمض المعدة إلى المريء.
لا تتناسب بطانة المريء الرقيقة مع حمض المعدة الحارق، مما يؤدي لتهيجها وشعورك بألم حارق في صدرك.
يعاني العديد من الأشخاص من الارتجاع المعدي المريئي من وقت لآخر، إلا أن معاناتك منه بين فترات متباعدة هي أمر طبيعي، ولا تعد مرضًا.
تُشخص كمريض ارتجاع حمض المعدة إن كنت تصاب بارتجاعٍ شديد على الأقل مرة كل أسبوع، أو كنت تصاب بارتجاعٍ بسيط على الأقل مرتين أسبوعيًا.
تغيير العادات المرتبطة بالطعام وتناول بعض الأدوية المتاحة دون وصفة طبية قد تكون كل ما تحتاج إليه للتغلب على الارتجاع المعدي المريئي في معظم الأحيان، إلا إنك قد تضطر في أحيانٍ أخرى لتناول أدوية أقوى، أو حتى لإجراء عملية جراحية لعلاج الارتجاع.
أعراض الارتجاع المعدي المريئي
يُعد شعورك بألمٍ حارقٍ في صدرك هو أكثر الأعراض شيوعًا، يزداد الألم عادة بعد تناول الطعام والاستلقاء، أو الانحناء للأسفل، تزيد هذه الوضعيات من الألم، لأنها تلغي تأثير الجاذبية التي تقلل ارتداد الطعام والأحماض إلى المريء، لذلك قد تشعر بتحسنٍ عند الوقوف على قدميك، كما أن مضادات الأحماض مثل الرانيتيدين قد تشعرك بتحسنٍ كبير، كذلك قد تعاني من بعض الأعراض الأخرى مثل:
1- صعوبة في البلع.
2-صعوبة في التنفس.
3- الشعور بوجود كتلة في حلقك.
4- الشعور بمرارة أو طعم حامض بالفم.
5- اضطرابات في النوم: قد يوقظك الألم والأعراض الأخرى من نومك باستمرار.
6- السعال المزمن: قد يرتجع الحمض إلى أن يصل البلعوم ومنه إلى الرئتين؛ مما يؤدي لسعالٍ مستمر.
7- التهاب الحنجرة: إذ قد يرتجع الحمض إلى أن يصل الحنجرة؛ مما يؤدي لالتهابها.
مضاعفات الارتداد المعدي المريئي
رغم أن علاج الارتداد المعدي المريئي سهلٌ في بدايته على الأرجح، إلا أن إهمال العلاج قد يؤدي لحدوث مضاعفات خطيرة بعد فترة من الزمن، مثل:
1- ضيق المريء: يؤدي حمض المعدة المرتجع إلى تكوين نسيج ندبي في الجزء السفلي من المريء بعد فترة من الزمن، يستمر ذلك النسيج في النمو حتى يسبب ضيقًا في تجويف المريء، وهو ما يسبب صعوبة في البلع.
2- قرحة المريء: يسبب الحمض كذلك التهابات في أنسجة المريء؛ مما يؤدي لتآكلها بعد فترة من الزمن، تسبب القرحة ألمًا، كما أنه قد تنزف دمًا، وبالتأكيد تؤثر على سهولة البلع.
3- مريء باريت: يشير هذا المصطلح لحدوث تغيرات في الخلايا المبطنة للجزء السفلي من المريء؛ نتيجة التلف الذي أحدثه الحمض، تصبح البطانة أكثر سمكًا وحمرة، مع هذه التغيرات يكون المريء أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.
عوامل الخطورة
تزيد بعد العوامل من احتمالية الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي نذكر منها ما يلي:
1- السمنة.
2- الحمل.
3- الفتق الحجابي.
4- اضطرابات النسيج الضام.
5- التدخين.
6- تناول كميات كبيرة من الأكل.
7- الأكل قبل النوم مباشرة.
8- تناول الأطعمة الدهنية والدسمة.
9- شرب الخمر.
10- تناول بعض الأدوية مثل الأسبرين.
علاج الارتجاع المعدي المريئي
سيقوم طبيبك على الأرجح بإطلاعك على بعض التعديلات التي يجب أن تُجرى على نمط حياتك وبعض عاداتك، كما سيقوم بوصف بعض الأدوية التي تساعد على تقليل الحمض المرتجع، إن لم تفلح استراتيجية العلاج الأولية تلك، فقد يلجأ طبيبك لإجراء عملية جراحية لعلاج الحالة المستعصية.
أولًا: الأدوية المستخدمة لعلاج الارتجاع المعدي المريئي
1- مضادات الحموضة:
تعمل على تعجيل الشعور بالتحسن عن طريق معادلة الحمض في كلٍ من المريء والمعدة، تعد ميزتها الأساسية هي إعطاء شعورٍ سريعٍ بالراحة، إلا أن الإفراط في تناولها قد يفضي لبعض الأعراض الجانبية؛ كالإسهال، وزيادة مستوى الماغنيسيوم في الدم؛ مما يؤثر على الكلى، لذلك، إن كنت تنوي تناول مضادات الحموضة أكثر من أسبوعين، فعليك استشارة الطبيب.
2- حاصرات مستقبلات الهيستامين (H2 blockers):
تعمل حاصرات مستقبلات الهيستامين H2 على تقليل إفراز حمض المعدة؛ ما يقلل من ارتجاع الحمض وحرقة المعدة، إلا أنها لا تعالج التهابات المريء التي تسبب فيها الحمض. تحتوي تلك المجموعة على عدة أدوية مثل: السيميتيدين (cimetidine)، الفاموتيدين (famotidine)، نيزاتيدين ( nizatidine).
3- مثبطات مضخة البروتون (PPI):
تمنع هذه المجموعة من الأدوية تكوُّن حمض المعدة من الأساس، مما يعطي لبطانة المريء الملتهبة وقتًا كافيًا للتعافي. تضم هذه المجموعة عدة أدوية مثل: ديكسلانسوبرازول، إيزوميبرازول، لانسوبرازول، أوميبرازول، أوميبرازول/ بيكربونات الصوديوم، بانتوبرازول، ورابيبرازول.
ثانيًا: نمط الحياة والعادات اللازمة للتقليل من الارتجاع المعدي المريئي
هناك العديد من التغييرات في نمط الحياة والعلاجات المنزلية التي قد تساعد في تخفيف أعراض الارتداد المعدي المريئي. على سبيل المثال، قد يكون من المفيد:
1- الإقلاع عن التدخين.
2- المحافظة على وزنٍ صحي.
3- تناول وجبات أصغر.
4- تجنب الاستلقاء بعد الأكل مباشرةً.
5- تجنب الأطعمة والمشروبات التي تحفز حدوث الأعراض.
6- تجنب ارتداء الملابس الضيقة.
7- قد توفر بعض العلاجات العشبية الراحة أيضًا، تشمل الأعشاب التي يشيع استخدامها لعلاج الارتجاع المعدي المريئي ما يلي:
(أ) البابونج.
(ب) جذر عرق السوس.
(ج) جذر الخطمى.
(د) الدردار الأحمر.
ولكن في بعض الحالات، يمكن أن يسبب العلاج بالأعشاب آثارًا جانبية، أو يتداخل مع بعض الأدوية.
ثالثًا: الجراحات المستخدمة لعلاج الارتجاع المعدي المريئي
في معظم الحالات، تكون التغييرات في نمط الحياة والأدوية كافية للوقاية من أعراض الارتجاع المعدي المريئي وتخفيفها. لكن في بعض الأحيان تكون الجراحة ضرورية، كالحالات المستعصية التي يفشل فيها العلاج الدوائي، واتباع نمط الحياة المناسب في إيقاف الأعراض، وكذلك حالة حدوث مضاعفات للارتجاع.
تشمل العمليات المستخدمة في العلاج أنواعًا مختلفة، مثل: عملية رتق فوهة المعدة (تثنية القاع)، عملية تركيب السوار المغناطيسي (جهاز لينكس) حول الفتحة الواصلة بين المعدة والمريء، وعملية تثنية القاع عبر الفم.
ختامًا، نؤكد على أن علاج الارتجاع هينٌ ما لم تحدث مضاعفات، لذا؛ إن شعرت أنك مصابًا بالارتجاع المعدي المريئي، فبادر بزيارة الطبيب المختص، واحرص على اتباع تعليماته بدقة.
تمنياتنا لك بدوام الصحة والعافية.
كتابة: أحمد جمال
مراجعة: تقى عوف
تحرير: محمد لطفي