التكنولوجيا

تاريخ السيارات ذاتية القيادة

تأتي السيارات ذاتية القيادة في فئتين: مستقلة وآلية، يكمن الاختلاف في قدرتها على أن يتحكم فيها شيء ما، أو ما إذا كان لديها تحكم ذاتي.

تنتمي السيارات ذاتية القيادة إلى عالم المستقبل، جنبًا إلى جنب مع الخدم الآليين ونظام التشغيل “Windows” الذي لا يتلف.

ومع ذلك، يبدو أن السيارات ذاتية القيادة ليست بعيدة واقعيًا مع إطلاق بعض الشركات لسيارات تعمل بكامل طاقتِها وشبه ذاتية القيادة.

لكن إلى أي مدى نحن في الواقع بعيدين عن الحلم؟ ما هي الخطوات التي وصلنا إليها بالفعل، وماذا سيأتي؟ هذا ما نحن هنا لنكتشفه، إليك مخططًا زمنيًا لهذه الإنجازات.

من هم الروّاد في هذا المجال؟

أولًا، علينا أن ننظر إلى الروّاد في مجال السيارات ذاتية القيادة، الذين حاولوا الوصول إلى حلم مستحيل.

شهد العشرينيات من القرن الماضي قيام المخترعين بأول تجربة لهم مع “لينريكان وندر linrrican Wonder”، والتي ظهرت لأول مرة في “Houdina Radio Control” -شركة معدات إذاعية-، وكانت سيارة بدون سائق يتم التحكم فيها عن طريق الراديو، وتم عرضها وهي تسير عبر ازدحام مروري في مدينة نيويورك.

جاء التحكم من سيارة ثانية مباشرة في الخلف ترسل نبضات لاسلكية يتم استقبالها بواسطة هوائي، وإرسال الإشارات إلى القواطع التي تتحكم في المحركات الكهربائية الصغيرة لتوجيه حركة السيارة.

كما هو الحال مع جميع الأفكار المستقبلية، كان الوقت الذي اعتقد فيه هؤلاء في الماضي أنهم بعيدين عن عصر التكنولوجيا، اعتقد “نورمان بيل جيديس Norman Bel Geddes” في الثلاثينيات أن الستينيات ستكون حقبة السيارة ذاتية القيادة، لكن لم يكن هذا هو الحال للأسف.

شهدت الخمسينيات من القرن الماضي بعض الاختبارات والتطورات الإضافية في هذا المجال، لكن الثمانينيات كانت هي الحقبة المهمة التالية في الوصول إلى حلم السيارة ذاتية القيادة.

في الثمانينيات، صنعت مرسيدس شاحنة آلية موجهة الرؤية على طريق مفتوح، حققت سرعة 39 ميلًا في الساعة.

بدأت “EUREKA” أيضًا أول مشروع حقيقي يهدف إلى إنشاء مركبات ذاتية القيادة من عام 1987 إلى عام 1995، وكان يُسمى “مشروع بروميثيوس Prometheus Project”.

نُفِّذ مشروع “(ALV) Autonomous Land Vehicle” في أمريكا، المثال الأول لسيارة تتبع الطريق باستخدام رؤية الكمبيوتر والتحكم الآلي الذاتي، ووصلت إلى 19 ميلًا في الساعة، باستخدام تقنية مطورة حديثًا من العديد من القوى العلمية، بما في ذلك جامعة “ماريلاند Maryland”.

في عام 1987، عرض مركز أبحاث “HRL” مع “ALV” أول سيارة مزودة بخريطة للطرق الوعرة، وملاّحة مستقلة قائمة على المستشعرات تصل إلى أكثر من 2000 قدم بسرعة 1.9 ميل في الساعة على التضاريس الصعبة.

ومع ذلك، شهد عام 1989 أكبر تطور، حيث عرضت جامعة “كارنيجي ميلون Carnegie Mellon” استخدام الشبكات العصبية لتوجيه المركبات المستقلة والتحكم فيها، وهذا من شأنه أن يشكل اللبنات الأساسية لخطط التحكم المعاصرة.

تطورات التسعينيات

طوال تسعينيات القرن الماضي، كان العلماء يطورون المزيد والمزيد من المركبات والتقنيات, للمضيّ قدمًا بشكل أسرع وأكثر استقلالية من أي وقت مضى.

وشمل ذلك مشروع “Navlab” أو “No Hands Across America” التابع لجامعة “كارنيجي ميلون Carnegie Mellon” في عام 1995، والذي أكمل رحلة بطول حوالي 3100 ميل عبر البلاد، وكان هذا في الواقع شبه مستقل، على الرغم من أن دوّاسة الوقود والمكابح كان يتحكم فيهما الإنسان لأغراض السلامة.

كان مشروع “ARGO”، الذي بدأ في عام 1996، قفزة هائلة في رحلة السيارة ذاتية القيادة، فقد استخدم سيارة “لانسيا ثيما Lancia Thema” المعدَّلة لاتباع علامات الطريق السريع العادية، سافرت 1200 ميل في إيطاليا، بمتوسط أكثر من 56 ميل في الساعة.

كانت السيارة تحتوي فقط على كاميرتين منخفضتي التكلفة، باللونين الأبيض والأسود، واستخدمت خوارزميات الرؤية المجسمة للتعرف على بيئتها.

إنجازات العصر الحديث

شهد ما بعد عام 2008 الموجة التالية من الإنجازات الكبرى.

في عام 2009، أضافت “فورد Ford” الآداة التالية في مجموعة السيارات ذاتية القيادة، من خلال إنتاج المركبات التي تحتوي على نظام وقوف ذاتي كمعيار.

منذ عام 2010، تعمل “Google” على السيارات ذاتية القيادة، وفي عام 2012، نقلت سيارتهم ذاتية القيادة أول مستخدم لها وكان رجلًا أعمى.

كما ظهرت مرسيدس لأول مرة في مركبة تسير على بعد 62 ميلًا في العديد من المناطق، بما في ذلك المدن والقرى والطرق السريعة.

في أواخر عام 2015، بَنَت “Tesla” أخيرًا النموذج الأوَّلي، على عكس السيارات السابقة، التي كانت جميعُها إمّا نماذج أولية أو غير واقعية، جمعت “Tesla” المظهر الأنيق مع نظام سلس ذاتية القيادة.

تحتاج السيارة إلى إبقاء يديك جاهزة على عجلة القيادة، للرد على أي مشاكل لا تستطيع التعامل معها، وبدورِها تكون في الواقع ذاتية القيادة بنسبة 92%، على سبيل المثال، لا يمكنها التوقف عند إشارات المرور.

تتمكن “Tesla” بالتحكم عن طريق استخدام “تجنب الاصطدام” و”تغيير المسار تلقائيًا” ومثل العديد من المركبات الأخرى هذه الأيام، وقوف السيارات الموازي التلقائي.

السيارات ذاتية القيادة والتشريعات

من الأمثلة الضخمة على أهمية وإمكانية واقعية السيارة ذاتية القيادة: هو تمرير تشريع يُحدد ويُقيِّد هذه المركبات.

في عام 2000، أمر “بيل كلينتون Bill Clinton” بإيقاف التوافر الانتقائي في نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، مما يجعل نظام GPS المدني أكثر دقة.

في عام 2001، حاول “الكونجرس الأمريكي” جعْل 30% من المركبات القتالية ذاتية التحكم بحلول عام 2015.

في عام 2012، أصبحت “نيفادا Nevada” أول ولاية أمريكية ترخص السيارات ذاتية القيادة.

مستقبل السيارات ذاتية القيادة

في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية (CES 2018)، كشفت “Nvidia” عن شريحة جديدة للسيارة ذاتية القيادة، تسمى “Xavier” تتضمن الذكاء الاصطناعي. ثم أعلنت الشركة أنها دخلت في شراكة مع “فولكس فاجن Volkswagen”؛ لتطوير الذكاء الاصطناعي للسيارات ذاتية القيادة في المستقبل.
في حين أنه ليس أول جهد لإضفاء الذكاء الاصطناعي على السيارات ذاتية القيادة، حيث كانت تويوتا تبحث بالفعل عن المفهوم مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة ستانفورد، فإن تعاون “فولكس فاجن” و”نفيديا” هو أول من وصّل الذكاء الاصطناعي إلى أجهزة جاهزة للإنتاج. إنه يجعل إمكانية أداء السيارات ذاتية القيادة بشكل أفضل، فضلًا عن مميزات الراحة الجديدة مثل: المساعد الرقمي.

في عام 2020، قام معظم صانعي السيارات بتبريد طموحاتهم في السيارات ذاتية القيادة، واتخذوا نهجًا أكثر واقعية لتطوير التكنولوجيا. لا توجد سيارة ذاتية القيادة مستقلة واحدة يمكن لعامة الناس شراؤها، لكن بعض الشركات تعتقد أنها على وشك اختراق الشفرة.

تبيع “Tesla” حزمة خيارات تُسمى “Full Self-Driving”، لكن سياراتُها ليست مستقلة بأي وسيلة قياس. تعمل “فولكس فاجن” على تطوير التكنولوجيا داخل الشركة، وتعهدت بنشر شاحنات صغيرة ذاتية القيادة خلال كأس العالم 2022. وتعاون الشركة الألمانية “بوش Bosch” مع “Daimler” -الشركة الأم لشركة “Mercedes-Benz”- لوضع نماذج أولية مستقلة في شوارع “سان خوسيه”.

ستظهر بلا شك شراكات ومشاريع ونجاحات وإخفاقات أخرى في أوائل العقد الأول من القرن الحالي.

المصادر 1 2

كتابة: شيماء وصفي
تحرير: شيماء ربيع

اظهر المزيد

الجرعة اليومية من العلوم

مؤسسة علمية تطوعية هدفها نشر وتبسيط العلوم، وإثراء المحتوى العربي العلمي عبر الإنترنت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى