طائرات بدون طيار في تركيا!
قد لا تتمكّن تُركيا أبدًا من تطوير مقاتلة سريّة خاصة بها، ولكنّها أصبحت مُستخدمًا رئيسيًا لنوع مُختلِف تمامًا من الطائرات الحربية والتجارية، وهي الطائرات بدون طيار المسلّحة.
في منتصف مارس/آذار 2020، تم إبرام عقد بقيمة 240 مليون دولار مع شركة صناعات الفضاء التركية لسِت طائرات من دون طيار من طراز “أنكا-إس Anka-S”، بالإضافة إلى ثلاث محطات مراقبة أرضيّة وتقنيات مُرتبطة بها.
تشبه “أنكا-إس” تقريبًا طائرة بدون طيار تابعة للقوات الجويّة الأمريكية، والتي تُعد في حد ذاتها عبارة عن شكل أكبر من طائرة “بريداتور Predator” بدون طيار الشهيرة.
بدأت الشركة التركية لصناعات الفضاء (TAI) تطوير “Anka-S” في عام 2013، وقد حلّقت الطائرة غير المأهولة لأول مرة في عام 2016.
يبلغ طول “أنكا-إس” حوالي 26 قدمًا، وتزن 400 رطل تقريبًا، تحمل رادارًا ذا فتحة اصطناعية، ورادارًا عكسيًا، ورادارًا للإشارة على الهدف المتحرِّك من الأرض؛ لاكتشاف الأهداف الأرضية وتحديدها وتعقّبها.
يُمكن أن تطير الطائرة بدون طيار لأكثر من 24 ساعة على التوالي، وأن تَطلق صواريخًا دقيقة صغيرة، بما في ذلك الذخيرة الحربيّة الصغيرة “Rocketsan” والصاروخ الموجّه من نوع “سيريت Cirit” مقاس 2.75 بوصة.
تقوم القوات المُسلّحة التُركية بتشغيل نحو 130 طائرة مُسلَّحة من دون طيار من عدة أنواع، بما في ذلك خمس نسخ من طائرات “أنكا” بالإضافة إلى طائرات “Karayel” و”Bayraktar TB2″.
ساعدَت الطائرات بدون طيار التركية في قيادة الحملة الجويّة التي تشنّها البلاد ضد القوات الموالية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. ففي الأول من مارس/آذار 2020، ضربت الطائرات التركية بدون طيار القوات السورية في مدينة إدلب وحولها، فأدى ذلك إلى مقتل 19 شخصًا، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتّخذ من المملكة المُتّحدة مقرًا له.
كانت الضربة الجويّة المُميتة جزءًا من عملية أوسع نطاقًا استهدفت الدفاعات الجوية للنظام السوري، حيث سارعت الطائرات التُركيّة بدون طيار والطائرات الحربية المأهولة إلى العمل في العديد من مركبات “Pantsir” الدفاعية الجوية التي وفرتها روسيا.
تُمثِّل الطائرات العسكرية التُركيّة من دون طيار قوة “غير مُتماثلة” في سوريا؛ حيث إنّ قوات دمشق تفتقر إلى التكنولوجيا التي يمكن الاعتماد عليها لهزيمة الهجمات التي تشنّها طائرات بدون طيار.
وقال خبير الطائرات بدون طيار “صامويل بينديت Samuel Bendett” -محلل في مركز واشنطن العاصمة للأمن الأمريكي الجديد-: “إن القدرات المُطورَة للحرب الإلكترونية التي تتوافق مع الإنذار بالرادار القوي والدفاعات الجوية، هي وحدها القادرة على معالجة هذا التهديد”.
نشرت القوات الروسية -التي وصلت إلى سوريا في عام 2015- دفاعات مُتطوِرة من أجل تعزيز النظام ضد طائرات المتمردين من دون طيار، بما في ذلك الرادارات، والأسلحة القصيرة المدى، والصواريخ، وأجهزة التشويش اللاسلكية التي يُمكنها تعطيل إشارات القيادة في الطائرات بدون طيار وروابط البيانات.
قد أثبتت الدفاعات الروسية فعاليتها ضد الطائرات الصغيرة من دون طيار، ومن غير الواضح أنّ نفس الأنظمة الدفاعية سوف تعمل ضد الطائرات التركية بدون طيار، وهي أكبر كثيرًا، وأسرع، وأكثر تسليحًا من النماذج التجارية.
قال “بينديت”: “إن الروس لم يتعاملوا بعد مع هجمات الطائرات بدون طيار المُعقدة في سوريا.”
ولكن “أنقرة” لا تجازف بأي حال من الأحوال، وقد أشار “بينديت” إلى أنّها قد قامت بتوجيه الطائرات بدون طيار حول مناطق تُدافع عنها الصواريخ والمدافِع الروسية.
ويشير تبنِّي تُركيا الدرامي للطائرات بدون طيار المُسلَّحة إلى نهج بديل لبناء قوّة جويّة ذات مغزى في وقت أصبحت أكثر الطائرات المأهولة تقدمًا يصعُب على القوى المتوسطة كسبها.
كانت تُركيا قبل عام 2019 عضوًا في المجموعة المُتعدِّدة الجنسيات، التي قامت بتطوير وبناء مقاتلة من طراز F-35 بشكل سرّي، ولكن إصرار “أنقرة” على شراء أنظمة الدفاع الجوي الروسية الصُنع، أدى إلى طرد برنامج F-35 لتركيا كعضو وإلغاء طلبها بما قد يصل إلى مائة من طراز F-35s.
ويظلّ البديل الرئيسي لF-35 هي الطائرة Su-57 الروسية. أعلنت الحكومة التركية في منتصف عام 2019 أنها ستطوِّر مقاتلة سريّة خاصّة بها، ولكن التكلفة المُرتفعة لمِثل هذه المهمة، تجعل من غير المُرجَّح أن تنجح.