الطب

زراعة العظام داخل الجسم!

تُعتبر إصابات العظام من أخطر الإصابات التي قد يتعرض لها الإنسان، لما تتطلبه من وقت حتى يتم الشفاء منها. والطريقة الحالية المستخدمة من قبل جراحي العظام لإصلاح كسر العظام خطيرة؛ فهي عبارة عن إزالة قطع صغيرة من العظام من ضلع المريض أو الورك ودمجها في العظام المكسورة. وتُستخدم نفس الطريقة لدمج الفقرات الظهرية لعلاج إصابات العمود الفقري الخطيرة وآلام الظهر. وعلى الرغم من أن هذا يعمل بشكلٍ جيد في موقع الإصلاح، فإن عملية الإزالة مُؤلمة للغاية ويُمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة.

 

لهذا، فكّر مجموعة من العلماء ضمن فريق دولي من مهندسي الطب الحيوي في زراعة عظام جديدة صحية بشكلٍ موثوق في جزء واحد من الجسم، واستخدامه لإصلاح العظم التالف في مكان مختلف. على الرغم من حقيقة أن العظم الحي ينمو بشكلٍ مستمر ويُعاد تشكيله، إلا أن المحاولات العديدة لإقناعه بالنمو خارج الجسم -في المختبر- قد فشلت كلها، وكانت المحاولات الأخيرة لتحفيز نمو العظام داخل الجسم قد حققت نجاحًا ملحوظًا.

 

يقول دكتور براساد شاستري “Prasad Shastri” -الأستاذ المساعد في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة فاندربيلت التي قادت هذا الجهد-: “لقد أظهرنا أننا نستطيع أن نحقق كميات من العظام يُمكن استخدامها عند الطلب، وقمنا بذلك عن طريق إقناع الجسم بفعل ما يعرفه بالفعل”. ويضيف المؤلف المشارك روبرت لانجر “Robert S. Langer” -أستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ورائدًا في مجال هندسة الأنسجة-: “إن لهذا البحث آثارًا مهمة، ليس فقط على العظم الهندسي بل على الأنسجة الهندسية من أي نوع”. كما اتخذ شاستري وزملاؤه نهجًا جديدًا بسيطًا بشكلٍ مدهش، حيث قرروا الاستفادة من الاستجابة الطبيعية للشفاء في الجسم وخلق منطقة خاصة على سطح عظم صحي، على أمل أن يستجيب الجسم عن طريق ملئ الفضاء بعظام جديدة. وبالفعل تم ملئ الفراغ بالعظم الصحي في غضون ستة أسابيع، وقد فعل ذلك دون الحاجة إلى دفع العظم إلى النمو من خلال إضافة عوامل النمو. علاوةً على ذلك، وجدوا أن العظم الجديد يُمكن فصله بسهولة قبل أن يندمج مع العظم القديم تاركًا العظم القديم متأثراً ولكنه سليم.

 

قامت التجربة على أساس علمي، حيث يتم تغطية العظام الطويلة في الجسم بطبقة خارجية رقيقة تُسمى السمحاق “periosteum”، وهي أشبه بشريطٍ لاصق من الخارج، وتكون صلبة وليفية. لكن الجزء الداخلي مُغطى بطبقة من الخلايا متعددة القدرات، مثل: خلايا النخاع القادرة على التحول إلى الأنواع المختلفة من الأنسجة الهيكلية، لذا قرر شاستري وزملاؤه إنشاء الفضاء الحيوي تحت هذه الطبقة الخارجية. وتم خلق الفضاء عن طريق صنع ثقب صغير في السمحاق وحقن المياه المالحة تحتها، ثم قاموا بإنشاء تجويف بالحجم والشكل الذي أرادوه. قام الباحثون بعد ذلك بإزالة الماء واستبداله بجل مُتاح تجاريًا، ووافقت عليه إدارة الأغذية والعقاقير من أجل تسليم الخلايا داخل جسم الإنسان. تم اختيار المادة لأنها تحتوي على الكالسيوم وهو محفز معروف لنمو العظام.

 

تقول مولي ستيفنز “Molly Stevens” وهي حاليًا قارئة في كلية إمبيريال في المملكة المتحدة التي قامت بمعظم الأبحاث كزميل ما بعد الدكتوراة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “إن العظم الجديد يمتلك في الواقع قوة وخصائص ميكانيكية مماثلة للعظام المحلية، ويندمج بشكلٍ جيد في موقع المتلقي”. ويعتزم العلماء المُضيّ قدمًا في الدراسات الحيوانية الكبيرة والتجارب السريرية اللازمة؛ لتحديد ما إذا كان الإجراء سيعمل على البشر، وللحصول على الموافقة على العلاج البشري. في الوقت نفسه يأملون في اختبار نفس النهج مع الكبد والبنكرياس، والتي لديها طبقات خارجية مماثلة للسمحاق.

 

المصدر

 

كتابة: هيا عبد الوهاب

مراجعة: عبد الله طاهر

تصميم: نهى عبد المحسن

تحرير: هدير رمضان 

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى