العمليات الجراحية تُعَد إحدى أهم أركان الطب الحديث، وبفضلها يتم إنقاذ وإصلاح حياة الكثيرين، وربما تعرضت أنت لعملية جراحية أو أكثر. في هذا المقال نعرض بعض أغرب العمليات الجراحية التي تم القيام بها، ننوه مسبقًا أن ما ستقرأه ليس خيالًا؛ حيث أن تلك العمليات تمت ونجحت بالفعل!
1- تحويل الكاحل إلى ركبة (Rotationplasty):
إن لاحظت ستجد أن حركة الكاحل والركبة متشابهتان، ولكنهما منعكستان، فإذا قمنا بلف أحدهما 180 درجة فسيعمل كالآخر تمامًا وهنا أساس العملية. حيث يتم فيها إزالة الجزء السفلي من عظمة الفخذ والجزء العلوي من عظمة الساق، ثم يتم لف القدم بالجزء المتبقي من الساق 180 درجة ويتم توصيله بالجزء المتبقي من الفخذ، بحيث يكون الكاحل عند موضع الركبة الاصلية، فينوب الكاحل عن الركبة وتنوب القدم عن جزء من الساق، وعند ارتداء الساق الاصطناعية تتحرك الساق ككل بشكل طبيعي تمامًا. تُنفذ هذه العملية في حالات سرطان العظام القريبة من الركبة والتي لم تستجب لطرق العلاج الأخرى، حيث يتم إزالة جزء كبير من العظام ولكن مع احتفاظ المصاب بأسلوب حياة نشط.
2-استعادة بالبصر بزراعة سنة في العين (Osteo-Odonto-Keratoprosthesis):
وفيها يتم خلع ناب المريض وثقبه دائريًا ووضع عدسة في الثقب، ثم زراعة السنة في عين المريض! وتُستخدم في علاج بعض حالات العمى بسبب تلف القرنية مع سلامة العصب البصري والشبكية، تقوم العملية على خطوتين:
أولاً: يتم خلع ناب المريض وثقبه ووضع العدسة ثم دفن الناب في منطقة بالخد أسفل الجفن حيث تنمو حولها شبكة من الأوعية الدموية للتغذية، وتركها من شهرين إلى أربعة أشهر، وثانيًا: يتم نزع السنة وزرعها في عين المريض بعد إزالة الأجزاء المتضررة من العين وسط جزء من الغشاء المخاطي للخد سبق زرعه. أتريد شيئًا أغرب؟ نجحت العملية نجاحًا باهرًا حيث استعادت مريضة بصرها بالفعل، وكان قويًا جدًا (6/6)!
ولكن لمَ الناب؟
أولًا: الناب من الجسم نفسه فبالتالي تسهل زراعته دون رفض الجسم له. ثانيًا أن الناب يعمل كدعامة ممتازة للعدسة وبالتالي ضمان استمرارها لفترة طويلة. وبالطبع لها أعراض جانبية مثل: تقرحات في العين، ميل الجهاز (السنة والعدسة)، داء الزرق في العين (المياه الزرقاء) وهي العرض الأكثر شيوعًا، وغيرها.
3- إزالة جزء من المخ (Hemispereactomy):
هذه العملية فعالة جدًا في علاج نوبات التشنج المصاحبة لعدة أمراض عصبية في أحد فصي المخ مثل: الصرع، السكتات الدماغية المصاحبة لموعد الولادة (قبله أو بعده)، عندما يكون أحد الفصين أكبر من الآخر (hemimegalencephaly) وبعض التهابات القشرة الدماغية. وتتم عن طريق إزالة أحد فصي المخ، إزالة جزء منه أو قطع الاتصال بينهما، وتستمر العملية قرابة 12 ساعة.
يتسبب ذلك بالإصابة بالشلل للأعضاء التي يغذيها الجزء المفقود بصورة عكسية -الفقد في الفص الأيمن يسبب شلل في أجزاء من شق الجسم الأيسر والعكس-، بالإضافة إلى فقد الإحساس أو الوظيفة في اليدين أو القدمين. وهذه العملية آمنة أكثر في مرحلة الطفولة؛ حيث يتمكن الجزء المتبقي من تعويض الفقد والقيام بوظائف الجزء المفقود. وبالرغم من خطورة العملية وخطورة آثارها الجانبية إلا أن منافعها تتفوق أحيانًا على تلك الأضرار.
4- قلبان أفضل من قلب واحد!
المعروف عن زراعة القلب هي أن يتم إزالة قلب المستقبل واستبداله بقلب المتبرع، ولكن ماذا إن كان القلب الجديد غير قادر على العمل وحده؟ هنا يكون من الأفضل الاستعانة بقلب آخر وتقسيم العمل. ولكن لمَ؟ كبداية يجب أن تعلم كيف يعمل القلب.
يعمل القلب عن طريق الأذين الأيسر الذي يستقبل الدم المؤكسج من الأوردة الرئوية ويدفعه للبطين الأيسر، ومنه إلى شريان الأورطى ثم إلى باقي أجزاء الجسم. أما الأذين الأيمن فيستقبل الدم غير المؤكسج من الأوردة ويدفعه للبطين الأيمن ومنه إلى الشريان الرئوي ثم إلى الرئة. فعند حدوث اعتلال في الشق الأيسر للقلب لا يتم سحب الدم من الرئتين بنفس سرعة وصوله إليها، وبالتالي يتم تراكم الدم في الرئتين ومن ثَم ارتفاع الضغط بهما، مما يؤدي إلى زيادة الضغط الواقع على الشق الأيمن؛ لأن ارتفاع الضغط في الرئتين يعمل كمقاومة لعمله، فيزداد حجمه ليتحمل هذا الضغط الزائد.
ولكن عند زراعة قلب جديد ( شقه الأيمن طبيعي)، لا يستطيع تحمل الضغط الواقع عليه، مما يُعيدنا إلى نقطة البداية، وهنا تكمن أهمية العملية، فيتم توصيل القلبين ببعضهما فيعملان معًا كقلب واحد. حيث يتم توصيل الشرايين والأوردة المتشابهة ببعضها وبالتالي توزيع العمل. وهذه العملية نادرة للغاية ولم تتكرر كثيرًا وحاليًا تم استبدالها بعملية نقل قلب ورئة معًا.
كتابة: ياسمين محمد
مراجعة: منار أبوالحسن
تصميم: أميرة فيصل
تحرير: زينب
