علم النفس

هل يستحق القاتل الرحمة؟

يرى القانون أننا عقلانيين، وأن لدينا قدرة على التصرف بشكل طبيعي في كل الحالات وتكون تصرفاتنا مبنية علىى أسباب وجيهة، ففي المحكمة يُطلب من المتهم توضيح أسباب ارتكابه للجريمة لأن من المفترض أنه كان مدركًا لهذا التصرف ولذلك ستحاكمه المحكمة عليه. لكن في بعض الحالات لا يكون الشخص مدركًا لهذا التصرف، وفي هذه الحالة تخفف المحكمة العقوبة من عليه.

ففي حالات الجنون العقلى لا تستطيع المحكمة أن تفرض عقابًا على شخص يعاني من خلل في عقله ولا يعرف طبيعة ما قام به. ومن الغريب جدًا أن في هذه الحالات يمتلك الشخص المصاب تفسيرًا مفصلًا ومنسقًا لتصرفه وتظهر أنها تفسيرات عقلانية جدًا وهذا لأن خلايا ذاكرته حية لكن لن يطلق عليه أحد أنه “عاقل”.

كان William Hirstein – Katrina Sifferd يبحثون في مشروع ليفهموا به طريقة فهم المحاكم للذنب أو الجريمة، وأن المبادئ القانونية تواجه الحالات العقليى من خلال معرفة النوايا والأغراض، واﻟﻤﺒﺎدئ ﺗﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺠﺒﻬﺔ، والعمليات التنفيذية هي مراكز التحكم في الدماغ والمسؤولة عن تنظيم العمليات المعرفية الأقل تعقيدًا، مثل الاهتمام والتذكر وصنع القرار والتخطيط والنوايا. وهذه العمليات هي التي تُستَحضَر لكي تطور الدماغ طريقة جديدة للتصرف في أي موقف غير مألوف.

الاضطرابات العقلية التي لا تملك خللًا وظيفيًا واضحًا يكون الدفاع عنها غير قوي في المحكمة، حيث يمتيز المرض النفسي باضطراب العواطف. وبدأ محامو الدفاع في الفترة الأخيرة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) والتصوير المقطعي للانبعاثات البوزيترونية (PET) كدليل على أن عملاءهم الذين يعانون من اضطراب نفسي لديهم عجز إدراكي يشبه إلى حد كبير عجز الأحداث والمتخلفين عقليًا، التي اتخذتها المحاكم لتكون نموذجًا لحالات الخلل الوظيفي التنفيذي. ويتفق بعض الفلاسفة مع هذه الخطوة.

كانت محاكمة براين دوغان واحدة من الحالات الأولى التى طلبت من المحكمة تحديد إذا كان الاضطراب النفسي يمكن أن يكون دفاعًا ناجحً. حوكم دوجان بتهمة الخطف والاغتصاب وقتل فتاة في العاشرة من عمرها سنة 1983، وقدم عالم الأعصاب كينت كيهل أدلة الرنين المغناطيسي الوظيفي التي تظهر أن دوجان لديه تشوهات في الدماغ تتطابق مع تلك الموجودة في المرضى النفسيين. جادل مجلس الدفاع بأن قدرة دوجان في الدماغ قد تضاءلت، وهو ظرف مخفف للعقوبة. من المفهوم أن الاضطراب النفسي هو اضطراب في العواطف، فلا ترى المحكمة أن الآخرين يمكن أن يكونوا غير مدركين بسبب عجز عاطفي، وبالتالي الدفاع لم ينجح، وحكمت عليه المحكمة بسرعة بالإعدام.

على الرغم من أن المرضى النفسيين يعانون من عجز إدراكي، إلا أن تلك الحالات لا يبدو أنها تندرج ضمن فئة العجز التي تراها المحاكم حساسة. وهو ما يوضح أن المرضى النفسيين قادرون على التفكير ولكنهم لا يطبقون الأفكار بسبب عدم وجود دافع عاطفي.

بعض الأمراض مثل الاضطراب العقلي تكون في الغالب اضطرابًا حسيًا، وتؤثر على اختيارات المريض وتوجه أفعاله. إذن فإن أي فعل أو تصرف غير مألوف هنا به خلل. إذن من البديهي أن نشعر بأن هناك خطئًا كبيرًا في معاقبة طفل مختل عقليًا على أفعاله التي ليس له إرادة حرة على تحديدها. وبهذا يجب على المحكمة أن تكون على وعي بهذه الدراسة قبل توجيه اللوم للمتهم.

المصدر 

 

كتابة: رندا محمد 

مراجعة: محمود وحيد

تصميم: عمر حسن

تحرير: أحمد عبدالستار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى