الفيزياء والفلك

الثقب الأسود، من مكنسة كونية إلى كاشف جزيئات!

جميعنا يعرف عن الثقوب السوداء بعض الحقائق مثل جاذبيتها الفائقة أو امتصاصها للضوء، وبعض الخرافات مثل كونها مكنسة وبالوعة كونية. ولكن الجميع مقتنع أن قوانين الفيزياء العادية قد تظهر قصورًا في فهم طبيعتها، ولكن دعنا نترك كل هذا، ونتحدث قليلًا في الطبيعة الفعلية للثقوب السوداء.

لكي نستطيع التفاهم أكثر، الآن أحضر أي قماشة مستوية (يفضل ملاءة سرير صغيرة أو حجاب للرأس)، قم بمساعدة أقرب شخص لك بفرد هذه القماشة، ووضع أي جسم عليها، ماذا سيحدث؟ بالطبع سيحدث انحناء لهذا المستوى، ومن المنطقي أن يعتمد مقدار هذا الانحناء على مدى ثقل الجسم الموضوع. حسنًا، ماذا سيحدث إذا زادت الكتلة الموضوعة على القماش بشكل لا نهائي! الآن يتكون في مخيلتك شكل عام للثقب الأسود.

الآن بدأت الأمور تنكشف، إذًا الثقوب السوداء ما هي إلا أجسام كتلتها لا نهائية، ولكن ما المشكلة في ذلك؟
تتذكر المعادلة المرتبطة بأينشتاين (E=mc^2)؟ تلك المعادلة ببساطة تعبر عن أنه هناك توازن ما بين الطاقة والكتلة، إذًا في حالة الكتل الكبيرة جدًا؟ يكون النظام في مستوى طاقة منخفض، وهنا تكمن المشكلة.

عندما نتحدث عن الثقوب السوداء فنحن نتحدث عن نموذج مكبر جدًا لذرة الهيدروجين، في حالة أن اتفقنا على هذا التشبيه دع الذرة جانبًا، مربط الفرس في كلامنا الآن هو الإلكترون المرتبط بالذرة، عند مستويات الطاقة المنخفضة فإن الإلكترون يفترض وجوده في عدة أماكن إلى أن نتحقق من ذلك، الأمر أشبه باحتمالية أن تشير العملة إلى ملك أو كتابة أثناء دورانها، فلا يمكنك التحقق من ذلك إلا عندما توقفها. وتسمى الأماكن التي لها الحظ الأكبر من احتمالية وجوده ب”السحابة الإلكترونية”.

ولكن ماذا عن ثقبنا الأسود؟ في حالة وجود جسيمات حول الثقب الأسود وبسبب الطاقة المنخفضة جدًا فإن الجسيمات تتواجد في شكل سحابة افتراضية، إلى أن يتم التحقق من موضوعها.

دعني أخبرك أن هناك نوعين من الجسيمات، جسيمات تسمى الفيرمونات، وهي التي تكون المادة الصلبة، وجسيمات أخرى تسمى بوزونات، والبوزونات هي جسيمات أخف بكثير من أخف الجسيمات التي نعرفها، وهي ضعيفة التفاعل مع غيرها من الجسيمات، لذلك من الصعب علينا اكتشافها باستخدام أساليبنا التقليدية.

على الرغم من هذا، فطبقًا لورقة بحثية نُشرت من قبل الفيزيائيين (دانيال باومان) و(هورج شينج شيا) من جامعة أمستردام مع (رافييل بورتو) من جامعة هامبورج، أن هذه الجزيئات يمكن تحديدها باستخدام موجات الجاذبية الناتجة عن اندماج ثقبين أسودين.

الأمر بسيط ويشبه في تكوينه تكوين الليزر، عند إطلاق شعاع ليزر على سحابة من طاقة أعلى، الأمر هنا مشابه تمامًا عند اصطدام موجات الجاذبية الخاصة بالثقب الأول بسحابة البوزونات حول الثقب الآخر.

على أيٍّ، فما زالت ملاحظاتنا من موجات الجاذبية ليست حساسة كفاية لرصد تأثير كهذا، لكن في السنين الأخيرة استطاع العلماء إجراء الكثير من التجارب على موجات الجاذبية، واكتشاف (باومان) و(شينج) و(بورتو) بوجود تحولات مستوى الطاقة في السحابة الافتراضية للبوزونات يقدم “بصمة خاصة” لموجات الجاذبية، ناتجة عن شيء مثل اندماج ثقبين أسودين، من شأنها أن توجه تجارب المستقبل في هذا الاتجاه.

المصدر

كتابة: محمد رضا

مراجعة: رضوي احمد

تصميم: احمد سرور

تحرير: اسراء وصفي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى