هل رأيت تلك الدوائر الحمراء على أجساد بعض اللاعبين في أحداث الأولمبياد الأخيرة؟ هل تساءلت عن ماهيتها؟ إنها آثارٌ للحجامة!
الحجامة إحدى طرق الطب البديل المستخدمة في علاج الآلام، كانت تُستخدَم في الحضارة الفرعونية، فقد وُجِدت بردية سميت “بردية إيبيرس” تصف كيف كان الأطباء آنذاك يقومون بتلك العملية، كما انتشرت أيضًا في الصين ومن بعدها الحضارة الإسلامية، والآن تتلقى الحجامة قبولًا متزايدًا بين الناس وبين مختصي التجميل أيضًا، ولكن ماهي فكرة عملها؟ دعنا نقص عليك القصة من البداية.
عند حدوث إصابات أو كدمات في العضلات يتسبب ذلك في نزيفٍ في مكان الإصابة، ويكون مصحوبًا بتورم الأنسجة وامتلائها بالماء، يؤدي ذلك إلى ركود ومشاكل في الدورة الدموية في هذه المنطقة مسببًا آلام واعتلال في الوظائف ويمكن أن يؤدي إلى حالات مزمنة. إذن فلعلاج الآلام يجب إزالة الدم المترسب وتصحيح الدورة الدموية بتلك المناطق، وهنا يأتي دور الحجامة.
تتم عملية الحجامة بوضع مادة مشتعلة في كأس زجاجي ووضعه على المنطقة المقصودة، تعمل المادة المشتعلة على تقليل الضغط داخل الكأس، فرق الضغط هذا يعمل كقوة امتصاص تتيح لهذا الدم المترسب والسوائل اللزجة الأخرى الناتجة عن الإصابة بالإضافة للخلايا الميتة والسموم بأن تُسْحَب من أماكنها إلى السطح، ومن ثَم إخراجها من الجسم تمامًا بإحداث ثقوب في البشرة، وبذلك يتم تصحيح الدورة الدموية، وإمداد الخلايا والألياف العضلية بالأكسجين والمواد الغذائية بشكل أفضل ومن ثم علاجها بشكل أسرع.
ونضيف هنا أن تلك العلامات الدائرية الناتجة عن العملية ليست حروقًا بسبب المادة المشتعلة أو تلف في البشرة كما يظن البعض، إنما تُنتَج بسبب الضغط الواقع على الأوعية الدموية السطحية بسبب امتصاص الدم المترسب من الأعماق إلى السطح. وتوضح درجة لون هذه العلامات مدى الترسب المُتكون في هذه المنطقة، حيث تتراوح بين الأحمر الفاتح إلى البنفسجي القاتم، يكون اللون قاتمًا جدًا في المرة الأولى للعملية وتقل شدة اللون مع تكرار العملية بسبب انخفاض كمية الدم المترسب المستخرج مع كل مرة، كما أنها تختفي تمامًا في خلال 3 أسابيع ويمكن أن تطول تلك المدة في حالة الإعياء الشديد أو خمول الحركة. إن لم يكن هناك دمٌ مترسب في المنطقة يكون لون العلامة وردي فاتح، ويزول في خلال عدة ساعات. وهنا يجب على المختص أن يوضح كل هذه المعلومات إلى المريض قبل البدء بالعملية.
يمكن أن يقوم المختص بثقب البشرة بالإبر أولًا قبل وضع الكأس، ويتم إخراج من 3:5 كؤوس في أول مرة للعملية ولا تتخطى الـ7 كؤوس. وعلى حد قول “المجتمع البريطاني للحجامة”، فإنها تساعد في علاج الأمراض الروماتيزمية مثل التهاب المفاصل، المشاكل التناسلية ولزيادة الخصوبة، مشاكل البشرة مثل حب الشباب والإكزيما، ارتفاع ضغط الدم، الصداع النصفي، القلق والاكتئاب والدوالي. ولكن حتى الآن لا توجد أي دراسات تؤكد أو تنفي صحة هذا الكلام.
ليس للحجامة أي آثار جانبية، مادام هناك مختص مدرب جيدًا للقيام بها، ولكن يمكن أن تُحدِث آثارًا بسيطة مثل شعور بسيط بعدم الراحة، حروق، كدمات، أو عدوى للبشرة. ويجب عدم أداء الحجامة على أماكن حروق الشمس أو أي حروق في المُجمل، على الجروح أو الإصابات الحديثة وأثناء الحمل يُسمح فقط بأدائها عند أسفل الظهر وحتى الشهر السادس فقط. وفي حالة مرضى السيولة سيُلَاحظ أن كمية الدم أكبر من المُقدَّر مسبقًا، لذلك يجب حساب كمية الدم المستخرجة وإزالة الكأس عند الوصول إلى 100 ملليلتر، كما سيُلَاحظ أن العلامات الناتجة عن العملية تظهر بسرعة وتستغرق وقتًا أطول للشفاء. والحجامة ممنوعة تمامًا في حالات الجفاف الشديد، على الأورام من أي نوع، الدرن، إصابة المريض بأزمة قلبية في خلال الـ6 أشهر الاخيرة، الهيموفيليا (مرض النزيف الوراثي) والأنيميا (فقر الدم) الشديدة.
كتابة: ياسمين محمد
مراجعة: عمر سند
تصميم: عبدالرحمن سعد
تحرير: زينب