اقتصاد وإدارة أعمال

حرب المياه الغازية

ينقسم هذا العالم دائمًا إلى حزبين في معظم الأمور، مثلًا هناك ذكور وإناث، وطيبين وأشرار، هناك الأبيض والأسود، وهناك “بيبسي وكوكاكولا”. فما قصة هذين العملاقين في مجال المياه الغازية؟ والتاريخ الحافل بينهم ومحاولة سيطرتهما على سوق المياه الغازية في العالم؟ أو فيما يعرف باسم “حرب المياه الغازية” الشهيرة في وقت سابق في الثمانينيات، ولكن أولًا، دعني أستعرض لك نبذة عن تاريخ كلا الشركتين.

نشأة شركة كوكاكولا

نشأ مشروب “Coca-Cola” في عام 1886 على يد الصيدلي في أتلانتا الذي يُدعى جون س. بيمبيرتون (John S. Pemberton)، في شركة بيمبرتون الكيميائية التابعة له. اختار محاسبه، فرانك روبنسون (Frank Robinson)، اسم المشروب، ورسمه بالشكل المعروف الذي أصبح علامة كوكا كولا التجارية. وصف بيمبرتون مشروبه في الأصل على أنه مقوي ضد معظم الأمراض الشائعة، معتمدًا على الكوكايين من أوراق الكوكا والمستخلصات الغنية بالكافيين من جوز الكولا. تمت إزالة الكوكايين من تركيبة Coca-Cola في حوالي عام 1903. باع بيمبرتون شرابه إلى نوافير الصودا المحلية، ومع انتشاره السريع، أصبح المشروب ناجحًا بشكل كبير. بحلول عام 1891، حصل صيدلي آخر من أتلانتا، هو آسا غريغز كاندلر (Asa Griggs)، على ملكية كاملة للشركة (بإجمالي نفقات نقدية قدرها 2300 دولار وتبادل بعض حقوق الملكية)، وقام بتأسيس شركة كوكاكولا في العام التالي. تم تسجيل العلامة التجارية “Coca-Cola” في مكتب براءات الاختراع الأمريكي في عام 1893.

نشأة شركة بيبسي

أما بالنسبة لنشأة نظيرتها ومنافستها شركة “بيبسي” فتم إنشاء أول بيبسي كولا بواسطة كاليب د. برادهام (Caleb D. Bradham)، وهو صيدلي في نيو برن بولاية نورث كارولينا. على أمل تكرار النجاح الأخير الذي حققته شركة Coca-Cola، أطلق برادهام عام 1898 على مشروبه الغازي بنكهة الكولا الحلوة. وقد أثبت المشروب شعبيته لدرجة أن برادهام أسس شركة Pepsi-Cola في عام 1902. بعد سنوات عديدة من الازدهار، واجهت الشركة أوقات عصيبة بعد الحرب العالمية الأولى وأعيد تنظيمها وإدماجها في عدة مناسبات في عشرينيات القرن الماضي.

في عام 1931، قام تشارلز جي جوث (Charles G. Guth)، مؤسس شركة بيبسي كولا الحديثة، بالحصول على العلامة التجارية للشركة وأصولها. أسس شركة بيبسي كولا جديدة، وقام كيميائي بصياغة مشروب أفضل، وأقام عمليات تعبئة جديدة، وبدأ في تسويق زجاجة ناجحة للغاية مقابل خمسة سنتات. كان غوث أيضًا رئيسًا لشركة “Loft Incorporated”، وهي شركة تصنيع حلوى وسلسلة نافورة صودا (تأسست عام 1919)، وفي معارك قانونية في (1936 – 1939) فقد حصة مسيطرة في شركة Pepsi-Cola إلى الإدارة الجديدة لـ Loft. عندما تم دمج شركة Pepsi-Cola في عام 1941 في Loft، تم تغيير اسم Loft، Inc. إلى شركة Pepsi-Cola.

حرب المياه الغازية

“حرب المياه الغازية” أو (Cola Wars) هو مصطلح ظهر في الولايات المتحدة في أوائل الثمانينيات. تمت صياغته لوصف تكتيكات واستراتيجيات الإعلان والتسويق لشركة “Coca-Cola” و”PepsiCo” ضد بعضهما البعض.

كانت كوكاكولا هي المشروب الغازي المهيمن في غالبية البلدان، تليها بيبسي. كلاهما استمر في وضع استراتيجيات للدعاية تتناسب مع تصورات وأهداف كلا الشركتين في بدايتهما.
على سبيل المثال، ركزت إعلانات كوكاكولا تقليديًا على الصحة والحنين والعائلة كوحدة مغذية.
من ناحية أخرى، تقدم شركة Pepsi نفسها كعلامة تجارية شابة تواكب التحولات الجمالية والاجتماعية التي تحدث مع ظهور كل جيل جديد من الشباب.

على مدى العقود العديدة التالية، ظهرت كوكاكولا كأكثر مشروب صودا شهرة. بدءًا من عام 1931، قامت إعلانات سانتا كلوز الشهيرة بتسويقه على أنه مشروب منعش يمكنك الاستمتاع به على مدار العام. في الواقع، الشكل الحالي والمعروف لسانتا كلوز وهو الرجل العجوز البدين ذو اللحية البيضاء الطويلة، هو من ابتكار شركة “كوكاكولا” في غضون ذلك، عانت شركة Pepsi-Cola ماليًا وخضعت لعدة عمليات إعادة تنظيم. ولكن في عام 1975، بدأت شركة Pepsi حملة تسويقية أعطتها فرصة للهيمنة على السوق، “Pepsi Challenge”، وهو اختبار طعم أعمى، وكان يوضع أمام الشخص مشروب بيبسي وكوكاكولا وبدون علم هذا الشخص أي من هوية المشروب الموضوع أمامه فكان يختار الشخص المشروب الأفضل، معظم الناس كانوا يفضلون بيبسي على كوكاكولا. أكدت الدراسات الداخلية في شركة Coca-Cola ما كان يُظهره تحدي Pepsi، وهو أنه إذا نظرت إلى مذاق المشروب فإن المستهلكين يفضلون Pepsi، التي كانت “أكثر حلاوة ونكهة شراب أكثر”.

بالرغم من ذلك كانت كوكاكولا لا تزال تفوق بيبسي، لكن حصتها في السوق كانت تتراجع مع ازدهار بيبسي. جزء من مشكلة نجاح تحدي بيبسي هو أن كوكاكولا سقطت في مأزق العلامة تجارية. كان الناس مغرمين بفكرة Coca-Cola كعلامة تجارية، حتى وإن لم يشربوا Coca-Cola. ردًا على ذلك، بدأت شركة Coca-Cola بالقيام ببعض الأشياء بشكل مختلف. في عام 1982، أطلقت أول مشروب لها يحمل اسم “دايت كوك” (Diet Coke). في العام التالي، أصدرت إصدارات خالية من الكافيين من كوكاكولا. كما طلب الرئيس التنفيذي روبرتو جويزويتا من الشركة استخدام شراب الذرة بدلًا من السكر لتقليل تكلفة الإنتاج.

هذا التحول إلى شراب الذرة فتح الباب لإجراء تغييرات أكبر على وصفة كوكاكولا لمشروبها. في 23 أبريل 1985، أعلنت شركة Coca-Cola أنها ستغير الوصفة السرية للمشروب الرئيسي. “الكوكا الجديدة” (New Coke)، كما أصبحت معروفة، سيكون لها مذاق أحلى، أشبه بمذاق البيبسي الذي يفضله المستهلكون في اختبارات التذوق الأعمى.
ولكن بدلًا من الشعور بالإثارة والحماس من قبل المستهلكين، كان الناس غاضبين لأنهم لم يعد بإمكانهم شراء الكولا الأصلية. وقد استفادت شركة بيبسي من رد الفعل العنيف للمستهلكين.

ومع ذلك، فإن عشاق كوكاكولا السابقون لم يتخلوا عن المشروب من أجل بيبسي. بدلًا من ذلك، أنشأوا المنظمات الشعبية مثل “Old Cola Drinkers of America” ​​في جميع أنحاء البلاد لتقديم التماس إلى الشركة لتغيير الوصفة مرة أخرى وإعادتها كسابق عهدها. في 11 يوليو 1985 -بعد أقل من ثلاثة أشهر من إعلان شركة Coca-Cola عن تغيير الوصفة- أعلنت الشركة أنها ستعيد الوصفة القديمة تحت الاسم التجاري “Coca-Cola Classic”.
في غضون ذلك، واصلت الشركة بيع “New Coke” على أنها “Coca-Cola” العادية. على الرغم من رد الفعل العام السلبي، لا يزال بعض الأشخاص في الشركة يعتقدون أن مشروب “New Coke” سيتفوق في النهاية على Coca-Cola Classic.

التنافس بين الشركتين ليس فقط في مجال المياه الغازية، ولكن تطرق إلى العديد من المجالات الأخرى.
الصورة التالية توضح الشركات التي تم الاستحواذ عليها من قبل “بيبسي” و”كوكاكولا”.

المصادر 1 2 3 4 5

كتابة: أحمد مغربي

مراجعة: سارة صلاح

تحرير: شدوى محمود

اظهر المزيد

أحمد مغربي

مسئول قسم الفيزياء والفلك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى