كليوباترا السابعة، آسرة قلوب حكام روما
الحياة المبكرة والنسب:
كانت كليوباترا السابعة جزءًا من الأسرة المقدونية التي سيطرت على مصر في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وتُعتبر واحدة من أشهر الحكام في العصور القديمة. خلال فترة حكمها، أقامت كليوباترا تحالفات سياسية مع القائدين العسكريين الرومانيين: يوليوس قيصر ومارك أنطونيوس، حتى وفاتها في الثلاثين قبل الميلاد.
بداية الحكم البطلمي في مصر:
بدأ الحكم البطلمي في مصر عند تولي بطليموس الأول حكم مصر حوالي عام 323 قبل الميلاد، بعد وفاة الإسكندر الأكبر. وعلى مدى القرون الثلاثة التالية، كان ورثته يحذون حذوه حتى صارت مصر واحدة من القوى العظمى في العالم آنذاك. وتتابعت الأعوام حتى 69 قبل الميلاد، عام ميلاد كليوباترا السابعة، ابنة الملك بطليموس الثاني عشر.
تولي كليوباترا للعرش:
تُوفي بطليموس الثاني عشر تاركًا العرش لكليوباترا، البالغة من العمر 18 عامًا، وشقيقها بطليموس الثالث عشر، البالغ 10 أعوام. وقتها، كانت مصر تعاني من العديد من المشكلات، وعلى رأسها: الاقتصاد المتهالك، الفيضانات التي سببت المجاعات، بالإضافة لبعض الاضطرابات السياسية.
معركة (بيلوسيوم):
بعد فترة وجيزة من توليها للعرش، ظهرت الخلافات بين كليوباترا وأخيها بطليموس الثالث عشر، مما اضطرها للهروب إلى سوريا، حيث جمعت جيشًا لهزيمة أخيها والاستحواذ على عرش مصر. وفي عام 48 قبل الميلاد، عادت إلى مصر بقوتها العسكرية وواجهت شقيقها في منطقة (بيلوسيوم)، الواقعة على الحافة الشرقية للإمبراطورية. في نفس الوقت تقريبًا، كانت الحرب الأهلية بين القائدين العسكريين: يوليوس قيصر وبومبي -قائد عسكري روماني- تستنزف روما، فلجأ بومبي في النهاية إلى مصر، لكنه قُتل بناءً على أوامر من بطليموس.
كليوباترا ويوليوس قيصر:
تبع يوليوس القائد بومبي -قبل مقتله- إلى مصر، حيث التقى كليوباترا ووقع في حبها. وبمساعدة يوليوس، تمكنت كليوباترا من السيطرة على كافة القوى العسكرية لعزل شقيقها، وترسيخ قبضتها على مصر كحاكم وحيد؛ فبعد أن هزم يوليوس قوات بطليموس في معركة النيل، قام بتنصيب كليوباترا حاكمة على العرش. رحلت كليوباترا مع يوليوس إلى روما، لكنها عادت إلى مصر في عام 44 قبل الميلاد، بعد اغتياله.
كليوباترا ومارك أنتوني:
في عام 41 قبل الميلاد، أرسل مارك أنطونيوس إلى كليوباترا طالبًا إعلان ولائها لزعيم الإمبراطورية الجديد، وافقت كليوباترا على طلبه وسارت في موكب فخم إلى مدينة (طرسوس). وقد أسرته كليوباترا بجمالها وشخصيتها، تمامًا كالقيصر من قبل، فأحبها.
الصراع على السلطة:
ظهر في الساحة منافسان جديدان لأنطونيوس للسيطرة على روما، أولهما هو ابن أخت قيصر، جايوس أوكتافيوس، جنبًا إلى جنب مع ماركوس إيميليوس. رأى أنطونيوس، الذي ترأس المناطق الشرقية من روما، في كليوباترا فرصة للحصول على الدعم المالي والعسكري لضمان حكمه على الإمبراطورية. وكان لدى كليوباترا دوافعها الخاصة في مقابل مساعدتها؛ حيث سعت إلى استعادة الإمبراطورية الشرقية لمصر، والتي شملت مناطق واسعة من لبنان وسوريا، فكان التحالف بينهما.
إشعال فتيل الحرب:
عاد أنطونيوس مع كليوباترا إلى الإسكندرية بهيئة المنتصر، وتجمعت الحشود أمام الزوجين اللذين جلسا على عرشين ذهبيَّين، وجلس بجانبهما أطفالهما. حينها، استفز أنطونيوس منافسه بإعلانه أن ابن كليوباترا، بطليموس الخامس عشر -والمعروف بقيصرون- هو الابن الحقيقي ليوليوس قيصر، والوريث الشرعى له بدلًا من أوكتافيوس. عارض أوكتافيوس هذا الإعلان، وأخبر الشعب الروماني أن أنطونيوس سلم الدولة الرومانية إلى كليوباترا وأبنائها، ويخطط لجعل الإسكندرية عاصمة للدولة الرومانية.
الهزيمة وخيبة الأمل:
وفي عام 31 قبل الميلاد، جمعت كليوباترا وأنطونيوس جيشًا لمحاربة أوكتافيوس في معركة بحرية محتدمة عند (أكتيوم)، قبالة الساحل الغربي لليونان. ومع ذلك، كانت نتيجة القتال هزيمة نكراء للبحرية المصرية، مما أجبر أنطونيوس وكليوباترا على الفرار إلى مصر.
انتحار كليوباترا:
بعد تعرضه لهزيمة ساحقة على يد منافسه أوكتافيوس، قام مارك أنطونيوس بقتل نفسه، تلته كليوباترا بالانتحار في 12 أغسطس عام 30 قبل الميلاد. وقد تم دفن كليوباترا إلى جانب أنطونيوس في مكان لم يتم اكتشافه حتى الآن، وبعد وفاة كليوباترا، أصبحت مصر مجرد مقاطعة تابعة للإمبراطورية الرومانية إلى أن جاء الفتح الإسلامي عام 641 من الميلاد.
كتابة: عبدالستار نورالدين
مراجعة: ياسمين محمد
تحرير: زياد محمد
تصميم: اسلام فيصل