جولة في حياة واحد من أشهر الرحالة الإيطاليين كريستوفور كولومبوس
في عام 1492، كان المستكشف الإيطالي المشهور كريستوفر كولومبوس (Cristoforo Colombos) عازمًا على إيجاد طريق مائي مباشر غربًا من أوروبا إلى آسيا (من أجل التجارة في التوابل)، لكنه لم يفعل هذا مطلقًا، وبدلًا من ذلك، عثر على الأمريكتين، على الرغم من أنه لم يكتشف بالفعل العالم الجديد، حيث عاش ملايين الأشخاص بالفعل هناك، إلا أن رحلاته كانت بمثابة بداية قرون من الاستكشاف والاستعمار في أمريكا الشمالية والجنوبية، حيث قام أيضًا بأربع رحلات شهيرة عبر المحيط الأطلسي في إسبانيا في 1492 و1493 و1498 و1502.
خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، قام قادة عدة دول أوروبية برعاية الحملات في الخارج، على أمل أن يجد المستكشفون ثروة كبيرة وأراضي شاسعة غير مكتشفة. كان البرتغاليون من أوائل المشاركين في “عصر الاكتشاف”، بدءًا من عام 1420 تقريبًا، كانت السفن البرتغالية الصغيرة المعروفة باسم الكارافيل تضغط على طول الساحل الأفريقي، وتحمل التوابل، والذهب، والعبيد، والسلع الأخرى من آسيا وأفريقيا إلى أوروبا.
كانت الدول الأوروبية الأخرى وخاصة إسبانيا، حريصة على المشاركة في ثروات “الشرق الأقصى” التي يبدو أنها لا حدود لها.
وبحلول نهاية القرن الخامس عشر، اكتمل “الاسترداد” الإسباني طرد اليهود والمسلمين من المملكة بعد قرون من الحرب، وحولت الأمة اهتمامها إلى الاستكشاف والغزو في مناطق أخرى من العالم.
نبذة عن حياة كريستوفر كولومبوس
لقد ولد كريستوفر في “جنوة” بإيطاليا عام 1451، كان أكبر أخوته الخمسة، وكان والده “دومينيكو كولومبو” حائكًا للصوف، ولقد ساعده كريستوفر في عمله، ولكن كان شغفه وحبه للإبحار في البحار، تُوفي كريستوفر عام 1506 عن عمر يناهز 55 عامًا.
وكان في عصره، قلة قليلة من الناس يبعثون أطفالهم إلى المدرسة، ولكن كولومبوس لم يتمكن من ذلك، كانت جنوة ميناءً مزدهرًا؛ فلقد تعلم كولومبوس من حديث البحارة عن رحلاتهم، وفي صغره ذهب إلى البحر وقام بصيد قصير، وفي سن الرابع عشر، بدأ رحلات أطول مع التجار الذين تداولو بضائعهم في الموانئ المختلفة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، وكذلك درس كولومبوس رسم الخرائط والجغرافيا، وبدأ كبحارة مشترك مع أسطول تجاري؛ لنقل البضائع إلى شمال أوروبا في أوائل العشرينات من عمره، حيث أبحروا عبر مضيق جبل طارق قبالة الساحل الجنوبي لإسبانيا، وإلى المحيط الأطلسي. علَّم نفسه اللاتينية، حيث تم كتابة جميع كتبه في الجغرافيا باللغة اللاتينية.
حصل على المال لنفسه عن طريق بيع الخرائط والرسوم البيانية، وفي عام 1476 وجد كولومبوس نفسه يعيش في البرتغال، كانت البرتغال أكبر مركز للإبحار الأوربي في ذلك العصر، أثناء سنواته في البرتغال أتقن فن الملاحة، وقرأ كل ما يستطيع من كتابات الرحالة مثل “ماركو بولو”، أولئك الذين سافروا إلى أراضي بعيدة مثل آسيا، لقد التقى كولومبوس بـ فيليبا بيريستريللو إي مونيز( Filipa perestelloy moniz) وتزوجا في البرتغال، للأسف ماتت بعد فترة وجيزة من ولادة ابنهم دييغو في عام1483، بعد ذلك، أخذ كولومبوس ابنه إلى إسبانيا بحثًا عن الطريق إلى آسيا.
مغزى كريستوفر كولومبوس من الاستكشاف:
أراد كريستوفر الاستكشاف بحثًا عن الذهب والله وكاثي، وبالذهب يقصد الثروة التي يمكن أن يجنيها عن طريق إعادة التوابل والحرير من أراضٍ أجنبية، يقصد بالله نشر المسيحية لغير المسيحيين، حيث كان كولومبوس مسيحيًا، وأراد أن يحكي قصة المسيح للناس الذين سيجدهم في الأراضي البعيدة، وكاثي كان اسمًا قديمًا للصين، وأراد أيضًا لنفسه ولإسبانيا ثروة، وأراد أن يكون مشهورًا.
لم يصل كولومبوس إلى هدفه أبدًا، حيث أنه لم يجد الذهب والمجوهرات التي توقعها، وبصرف النظر عن بحثه عن الثروة، كانت مهمته هي تعليم السكان الأصليين المسيحية، يُعتقد أيضًا أن لديه الحق في مطالبة الأراضي التي سكنها الهنود لإسبانيا، لم يكتشف كولومبوس فقط العالم، لكنه قاد الطريق للمستكشفين الآخرين، ومع ذلك فقد أثبت عدة أشياء.
يمكنك الوصول إلى الشرق عن طريق الإبحار غربًا؛ فلقد أثبتت رحلة “فرديناند ماجلان” ذلك بعد عدة سنوات. يمكنك الإبحار إلى العالم الجديد ومن ثم العودة، فلقد قام بذلك أربع مرات بنفسه.
كان العالم الجديد مليئًا بالأراضي الجديدة الشاسعة ليكتشفها الأوروبيون. وجد أفضل طريق عبر المحيط إلى الأمريكتين.
وجد أيضًا أفضل طريق شرقي يعود إلى أوروبا.
لسوء الحظ، جلب كولومبوس شيئًا معه إلى العالم الجديد، الأمراض الأوروبية التي أصابت الشعوب الأصلية التي قابلها. أحضر أيضًا أول عبيد عبر المحيط الأطلسي إلى أوروبا.
كان كولومبوس مستكشفًا عظيمًا، لكنه يُتذكر أيضًا لمعاملته الفظيعة للهنود الأصليين الشعوب، فاستولى كولومبوس على بعض أراضي السكان الأصليين وأخذوا سكانهم كعبيد في إسبانيا، حيث كانت العديد من البلدان تفعل ذلك، وعندما انتقل الأوروبيون إلى أمريكا الشمالية والجنوبية، جلبوا العديد من الأمراض معهم، التي كانت جديدة لهذه القارة، كانت بعض الأمراض كالحمى والصفراء والملاريا والحصبة والجدري والالتهاب الرئوي والسعال الديكي، ولم يكن لدى السكان الأصليين الهنود أي حصانة ضد هذه الأمراض، فمات الكثير.
بعد اكتشاف كولومبوس، انتقل الأوروبيون إلى أمريكا الشمالية والجنوبية لبدء مستعمرات جديدة؛ أخذوا محاصيل جديدة معهم مثل القطن والسكر والمطاط وتداولها مع الشعب الهندي مقابل سلع مثل الذرة والفلفل، حبوب الكاكاو والفول السوداني والبطاطس والطماطم.
رحلات كريستوفر كولومبوس
-
الرحلة الأولى:
أبحر كولومبوس للملك فرديناند الثاني والملكة إيزابيلا من إسبانيا، حيث قاد كولومبوس البعثة مع السفن الثلاثة، نينيا، بينتا وسانتا ماريا وحوالي 90 من أفراد الطاقم، أبحروا في 3 أغسطس 1492 من بالوس، أسبانيا، احتفظ كولومبوس بسجل دقيق لرحلته، معظم ما نحن نعرفه عن الرحلة يأتي من هذا السجل، ولقد توقفت السفن عند جزر الكناري لإجراء إصلاحات وأخذ طعام طازج، ثم خرج الأسطول في المحيط الأطلسي المفتوح “بحر الظلام”.
بعد الإبحار لمدة 70 يومًا، اكتشفوا أخيرًا جزر الكاريبي قبالة جنوب شرق أمريكا الشمالية في 11 أكتوبر 1492، هبطوا على جزيرة أطلقوا عليها اسم (Guanahani)، لكن كولومبوس أعاد تسميتها لاحقًا سان سلفادور.
استقبلهم هنود تاينو المحليون، الذين تم أسر العديد منهم من قبل رجال كولومبوس وتم بيعهم لاحقًا للعبودية، اعتقد كولومبوس أنه وصل إلى آسيا، وأطلق على هذه المنطقة جزر الهند، ودعا سكانها الهنود. اكتشف كولومبوس ما سيسميه الأوروبيون قريبًا العالم الجديد للأمريكتين.
بالطبع، لم يكن العالم الجديد لملايين الأمريكيين الأصليين الذين يعيشون هناك بالفعل. لقد كانوا هناك منذ آلاف السنين قبل أن “يكتشفهم” الأوروبيون، ثم أبحر كولومبوس إلى كوبا وإلى هيسبانيولا.
هناك غرقت سفينة سانتا ماريا بالقرب من هايتي. هذا هو أول حطام سفينة أوروبية مسجلة في العالم الجديد، بعد أن تم تأريخه في جزيرة هايتي في يوم عيد الميلاد عام 1492.
-
الرحلة الثانية:
في رحلة ثانية أكبر، من 25 سبتمبر 1493 إلى 11 يونيو 1496، أبحر كولومبوس مع 17 سفينة و1200 إلى 1500 رجل للعثور على الذهب وأسر الهنود ليكونوا عبيدًا. سافروا إلى هيسبانيولا وإلى ناتيفيداد، وهي مستعمرة بدأها البحارة الذين بقوا في الخلف عندما عادت الرحلة الأولى إلى الوطن. عندما وصل كولومبوس وجد المستعمرة فارغة. حاول الإسبان السيطرة على المنطقة وقُتلوا من قبل السكان الأصليين. بدأ كولومبوس مستعمرة أخرى شرق ناتيفيداد، وأطلق عليها اسم إيزابيلا. سافر حول كوبا وجامايكا، ثم قرر العودة إلى المنزل مرة أخرى. بقي شقيقه “باتولوم” في هيسبانيولا، وبدأ مستعمرة تسمى سانتو دومينغو التي كانت أول مستوطنة أوروبية دائمة في العالم الجديد. عاد كولومبوس إلى إسبانيا عام 1496. لقد ذهب ابنه فرديناند البالغ من العمر 13 عامًا معه في الرحلة الرابعة.
-
الرحلة الثالثة:
في رحلة ثالثة، من 30 مايو 1498 إلى أكتوبر 1500، أبحر كولومبوس مع 6 سفن جنوبًا، إلى ترينيداد وفنزويلا في أمريكا الجنوبية. كان كولومبوس أول أوروبي منذ الفايكنج ليف إريكسون يضع قدمه في البر الرئيسي لأمريكا. عندما أبحر كولومبوس إلى سانتو دومينغو، وجد المزيد من المشاكل مع الإسبان الذين تركوا وراءهم، وسرعان ما وصل مفوض ملكي من إسبانيا، وألقى باللوم على كريستوفر وبارتولوم كولومبوس في مشكلة السكان الأصليين، الهنود. تم القبض على كولومبوس وشقيقه، ووضعت القيود في إيديهم؛ ثم أعيدوا إلى إسبانيا.
-
الرحلة الرابعة:
أطلق الملك فرديناند والملكة إيزابيلا سراح كولومبوس، بالإضافة إلى أنهم أعطوه المال والسفن لرحلة رابعة. غادر إسبانيا في 9 مايو 1502، أبحر كولومبوس إلى جزيرة مارتينيك، ثم إلى هندوراس وبنما في أمريكا الوسطى، بعد المزيد من الاستكشاف في منطقة البحر الكاريبي، عاد كولومبوس إلى إسبانيا في عام 1504. لم يصبح كولومبوس ثريًا كما كان يأمل. في نهاية حياته لم يكن لديه سوى معاش قدّمه له الملك والملكة لأنه كان أول من وصل إلى العالم الجديد، أمضى الأشهر القليلة الباقية من حياته في الفراش بسبب آلام التهاب المفاصل ثم توفي بعد ذلك بعامين.
لعب كولومبوس دور البطل في إنجاز أربع رحلات، كوسيلة لتحقيق ربح مادي كبير لإسبانيا ودول أوروبية أخرى، وانفتاح الأمريكتين على الاستطيان الأوربيّ، ومع ذلك، فقد ركز المنظور الأحدث على الجانب المدمر للغزو الأوربيّ، على سبيل المثال، على التأثير الكارثي لتجارة الرقيق والخراب من الأمراض المستوردة على الشعوب الأصلية في منطقة البحر الكاريبي والقارات الأمريكية.
كتابة: آية ياسر
مراجعة: جهاد فراج
تحرير: إسراء وصفي