نعيش في عالم مليءٍ بالضغوط، وكل لحظة يقع العديد منا فريسة لشبح القلق والتوتر الذي يوشك أن يدمر حياته.
وفي وقت ما، بلا شك ستحين لحظة الاختيار الصعبة بين الاستسلام لهذا الشبح وبين مواجهته والانتصار عليه.
في هذا المقال، سنساعدك لتتعرف أكثر على اضطرابات القلق، لكي تتمكن من التغلب عليها ومواصلة حياتك.
ما هو اضطراب القلق؟
القلق هو شعور طبيعي، يتفاعل به الإنسان تجاه ما يواجهه من مخاطر ومخاوف، وقد يكون محفزًا له على التقدم والإنجاز، أو سببًا في تفادي الأخطار والابتعاد عنها.
فمن الطبيعي أن يشعر كل منا بالقلق والتوتر عندما:
ـ يواجه مشاكل في العمل.
ـ يكون على وشك اتخاذ قرار هام في حياته، أو قبل خوض الامتحانات الدراسية.
لكن اضطراب القلق المرضي يحدث عندما تسيطر عليك مشاعر القلق والخوف طوال الوقت، وتعيقك عن عَيش حياتك الطبيعية، وتؤثر على علاقاتك الاجتماعية والمهنية.
أعراض اضطرابات القلق.
العرض الرئيسي لاضطرابات القلق هو الخوف المرضي المبالغ فيه، والذي يؤدي في الغالب إلى مشاكل صحية، مثل: صعوبة في التنفس، ومشاكل في النوم، وصعوبة في التركيز والتفكير العقلاني.
وتشمل الأعراض الشائعة الآتي:
ـ الشعور بالتوتر الدائم.
ـ الشعور بالهلع، وأن هناك خطر يحاوطك من كل مكان.
ـ تزايد ضربات القلب.
ـ سرعة التنفس.
ـ التعرق الشديد.
ـ الرعشة أو الارتجاف.
ـ الشعور بالإجهاد والإرهاق من أقل مجهود.
ـ مشاكلٌ في الجهاز الهضمي.
“إذا عرف السبب بطل العجب”
لذا؛ سنناقش في الفقرة القادمة مسببات القلق والتوتر.
ما هي أسباب اضطرابات القلق؟
لا يعرف العلماء أسبابًا محددة لنشأة اضطرابات القلق، ولكن تلعب عدة عوامل -مجتمعةً- دورًا مع بعضها البعض في ظهور أعراض الاضطراب.
1- الجينات:
يعتقد العلماء أن اضطراب القلق يمكن أن يكون متوارَثًا.
2- كيمياء المخ:
أظهرت بعض الأبحاث أن اضطرابات القلق قد تحدث نتيجة خلل ما في الدوائر العصبية بالمخ، وهي المسؤولة عن العاطفة والخوف.
3- ضغط البيئة المحيطة:
وتتمثل في الأحداث المزعجة والصعبة التي عايشها الشخص في حياته، فأدت بالنهاية إلى إصابته باضطراب القلق، مثل:
ـ فقدان شخص عزيز.
ـ التعرض للإهمال، والانتهاكات الجسدية أو النفسية في الطفولة.
ـ التعرض للعنف، أو معايشة أحداث عنيفة حدثت لأحد المقربين.
4- الأدوية:
أعراض القلق والتوتر قد تكون من الآثار الجانبية لبعض الأدوية، لذا؛ عند الشعور بها يجب استشارة الطبيب أو الصيدلي فورًا.
5- بعض الحالات المرضية:
بعض أمراض القلب والغدة الدرقية تتسبب في أعراض مرضية تشبه أعراض اضطرابات القلق، أو ربما تجعل أعراض اضطراب القلق أكثر سوءًا إذا كان الشخص مصابًا به بالفعل.
العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة باضطرابات القلق
هناك أشخاص أكثر عرضة من غيرهم للإصابة باضطراب القلق، نتيجة لتعرضهم المستمر لإحدى العوامل التي تزيد من مخاطر الإصابة بهذا الاضطراب.
تشمل هذه العوامل ما يلي:
ـ إذا كان لدى الشخص تاريخ مرضي سابق للإصابة بأحد الأمراض النفسية والعصبية، مثل الاكتئاب.
ـ التعرض للاعتداء الجنسي أو الانتهاكات الجسدية في الطفولة.
ـ التعرض لصدمة عصبية؛ قد تؤدي إلى ظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة ومن ضمنها الشعور بالهلع والتوتر.
ـ التعرض لضغوط مستمرة في الحياة، مثل المشاكل بين شريكي الحياة، أو إعاقة ومرض أحد الأبناء.
ـ إذا كان الشخص خجِلًا في طفولته، ومعتادًا على الانسحاب من الحياة الاجتماعية؛ فيشعره هذا بالتوتر والقلق في كبره، لأنه سيكون مضطرًا بشكل أو بآخر إلى توسيع دائرة علاقاته مع الآخرين.
ـ فقد الثقة بالنفس؛ يدفع الشخص دومًا إلى القلق والتوتر بشأن صورته أمام الآخرين، التي يشعر أنها دائمًا مهتزة ودون المستوى.
علاج اضطرابات القلق
يعتمد العلاج على محورين: الأول هو جلسات المعالجة النفسية مع الطبيب النفسي، والثاني هو الأدوية.
أولًا: جلسات العلاج النفسي
وتعتمد بالأساس على العلاج المعرفي السلوكي، والذي يعد من أكثر الوسائل فعالية في التغلب على أعراض اضطرابات القلق.
وفيه يعمل المعالج النفسي مع المريض على تنمية بعض المهارات التي ستساعده في التغلب على مخاوفه، والعودة بالتدريج إلى الأنشطة والممارسات التي ابتعد عنها نتيجة لقلقه المتزايد منها.
كما يوجد نوعًا آخر من العلاج يسمى العلاج بالتعرُّض، وفيه يشجع الطبيب المريض على مواجهة الأشياء والمواقف التي تقلقه، وذلك لزيادة ثقته بنفسه وبقدرته على تخطيها.
ثانيًا: الأدوية
يمكن لأنواع عديدة من الأدوية أن تساعد في تخفيف حدة أعراض القلق، مثل:
ـ الأدوية المضادة للاكتئاب.
ـ الأدوية المضادة للقلق.
ـ المهدئات.
توصف هذه الأدوية بواسطة الطبيب فقط، ويعتمد في تحديدها على عوامل مختلفة، تشمل مدى حدة الأعراض لدى المريض، ومدى استجابته للعلاج، وإذا كان مصابًا بأمراض نفسية وعصبية أخرى أم لا.
الوقاية من اضطرابات القلق
إذا كنت شخصًا قلوقًا بالفعل، فقد تساعدك النصائح الآتية على تقليل حدة الأعراض لديك، وبالتالي تقليل فرص إصابتك باضطراب القلق المرضي:
ـ اشغل نفسك دائمًا بما ينفعك؛ وانخرط في العديد من الأنشطة التي تحبها وتشعر بالرضا عن نفسك عند ممارستها.
ـ أحط نفسك دائمًا بأشخاص تحبهم وترتاح لهم وللحديث معهم، واحرص على مشاركة مخاوفك وأحاسيسك معهم، فهذا قد يشعرك ببعض الأمان.
ـ استشر الطبيب فورًا، ولا تتأخر في طلب العلاج إذا شعرت أن أعراض القلق لديك زادت عن الحد، وأصبحت تؤثر بشكل سلبي على حياتك.
ـ تجنب العادات السيئة مثل التدخين، ولا تُكثر من تناول المشروبات المحتوية على الكافيين.
في النهاية، مارس الرياضة بانتظام، وتناول غذاءً صحيًا متوازنًا، ولا بأس بأن تأخذ استراحة محارب بين الحين والآخر من صخب الحياة ومشاكلها، فكل ذلك سيساعدك بلا شك على تحسين مزاجك وحمايتك من شبح القلق الذي يهدد حياتك.
كتابة: سارة شبل
مراجعة: يوسف أحمد
تحرير: عمر ياسر