الدعاية والإعلان
بالتأكيد سألت نفسك في لحظة ما عن سبب لجوء الشركات الكبيرة والمعروفة إلى الإعلان عن نفسها، وهل هي بحاجة إلى الإعلان عن منتجاتها حتى وهي مشهورة ومعروفة لدى الناس بالفعل؟ وما هو سبب الأموال الطائلة التي تصرفها الشركات على التسويق لمنتجاتها بدلًا من تطوير وتحسين جودة منتجاتها؟
مفهوم الدعاية والإعلان
الإعلان هو وسيلة للتواصل مع مستهلكي المنتج أو الخدمة. والإعلانات عبارة عن رسائل يدفع ثمنها من يرسلونها، وتهدف إلى إعلام الأشخاص الذين يستقبلونها أو التأثير عليهم. الإعلان موجود دائمًا، على الرغم من أن الناس قد لا يكونون على علم بوجوده.
في هذه الأيام، يستخدم الإعلان كل الوسائط الممكنة لتوصيل رسالته وتحقيق هدفه، ويقوم بذلك عبر: التلفزيون، المطبوعات (الصحف والمجلات وما إلى ذلك)، الراديو، الصحافة، الإنترنت، البيع المباشر، اللوحات الإعلانية، البريد، المسابقات، الرعاية، الملصقات، الملابس، الألوان، الأصوات، المرئيات، وحتى الأشخاص.
بدايات الدعاية والإعلان
في العالم القديم والعصور الوسطى، كان يتم عمل مثل هذه الإعلانات عن طريق المحادثة الشفهية. جاءت الخطوة الأولى نحو عصر الدعاية الحديث مع تطور الطباعة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر. وفي القرن السابع عشر، بدأت الصحف الأسبوعية في لندن بنشر الإعلانات. وبحلول القرن الثامن عشر، كانت هذه الإعلانات منتشرة في كل مكان.
أدى التوسع الكبير في قطاع الأعمال -في القرن التاسع عشر- إلى نمو صناعة الإعلانات، كان ذلك بشكل أساسي في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم إنشاء وكالات إعلانية هناك، وكانت الوكالات الأولى تعمل كوسيط لتخصيص المساحات في الصحف.
بحلول أوائل القرن العشرين، انخرطت الوكالات في إنتاج الرسالة الإعلانية نفسها، بما في ذلك النسخ والأعمال الفنية والتصاميم. وبحلول عشرينيات القرن الماضي، ظهرت الوكالات التي يمكنها تخطيط وتنفيذ حملات إعلانية كاملة؛ من البحث الأوَّلي، إلى إعداد النسخ، إلى نشر الدعاية في وسائل الإعلام المختلفة.
تم تطوير الإعلان في مجموعة متنوعة من الوسائط، ربما كانت الصحيفة أبسطها، حيث تُقدِّم للمعلنين مجالًا كبيرًا للتوزيع، وقرّاء يقعون بالقرب من مكان عمل المعلن، كما تُوفِّر فرصة لتغيير إعلاناتهم بشكل متكرر ومنتظم. أما بالنسبة للمجلات، فهي وسيلة الطباعة الرئيسية الأخرى، وقد تكون ذات أهمية عامة أو موجهة إلى جمهور محدد، وتوفر للمعلنين فرصة الاتصال بعملائهم المفضلين لشراء منتجاتهم.
تنشر العديد من المجلات الوطنية إصدارات إقليمية، مما يسمح باستهداف نطاق محدود أكثر للإعلانات. وقد أصبح التلفزيون والإذاعة في الدول الصناعية الغربية أكثر وسائل الإعلام انتشارًا، ولكن على الرغم من أن الإذاعة والتلفزيون-في بعض البلدان- تديرهما الدولة ولا تقبل أي إعلانات، إلا أن المعلنين في بلدان أخرى يستطيعون شراء دقائق أو ثوانٍ معدودة من الوقت، وعادة ما تكون مدتها دقيقة أو أقل.
يتم بث الإعلانات بين البرامج العادية أو أثناءها، وفي لحظات يحددها المعلن أحيانًا وتترك أحيانًا أخرى إلى المذيع. بالنسبة للمعلنين، فإن أهم الخصائص المطلوبة حول برنامج تلفزيوني أو إذاعي معين هو حجم وتكوين جمهوره.
يحدد حجم الجمهور مقدار المال الذي يمكن أن يفرضه المذيع على المعلن، ويحدد تكوين الجمهور اختيار المعلن فيما يتعلق بوقت تشغيل رسالة معينة موجهة إلى شريحة معينة من الجمهور، حتى يكون التأثير -أو التوجيه- الذي يحدث للفئة المستهدفة من الإعلان محددًا بشكل أكبر.
تشمل الوسائط الإعلانية الأخرى: البريد المباشر الذي يمكن أن يقدم نداءً مفصلًا وشخصيًا للغاية، اللوحات الإعلانية والملصقات في الهواء الطلق، الإعلانات التي توجَد في المواصلات العامة، والتي يمكن أن تصل إلى الملايين من مستخدمي أنظمة النقل العام أو الجماعي.
الدعاية والاعلان في الوقت الحالي
في القرن الحادي والعشرين، ومع وجود سوق استهلاكي شديد التنافسية، استخدم المعلنون -بشكل متزايد- التكنولوجيا الرقمية لجذب انتباه أكبر إلى المنتجات، ففي عام 2009 على سبيل المثال، ظهر أول إعلان فيديو في العالم مطبوعًا في مجلة “Entertainment Weekly”.
يمكن للشاشة الرفيعة التي تعمل بالبطارية المزروعة في الصفحة تخزين ما يصل إلى 40 دقيقة من الفيديو، وذلك عبر تقنية الشرائح، وتبدأ التشغيل تلقائيًا عندما يفتح القارئ الصفحة. ولكي يكون الإعلان فعالًا أكثر ويجذب الانتباه، يجب أن يعتمد إنتاجه ووضعه على معرفة الجمهور، والاستخدام الماهر لوسائل الإعلام لجذب الجمهور.
تعمل وكالات الإعلان على وضع أنظمة معقدة؛ فتعتمد على استراتيجيات استخدام وسائل التواصل والميديا في البحث في سلوك المستهلك، والتحليل الديموغرافي لمنطقة السوق. تجمع الاستراتيجية بين الإبداع في إنتاج الرسائل الإعلانية مع الجدولة واستهداف الأماكن المحددة، بحيث يتم عرض الرسائل من قِبَل الأشخاص الذين يرغب المعلن في مخاطبتهم واستهدافهم، وسيكون لها تأثير على الجمهور.
إن الإعلان يمكِّنك من تسويق البضائع على نطاق واسع، وبالتالي، خفض الأسعار. كما أن تكلفة الحملات الإعلانية الكبرى هي التي لا يستطيع سوى عدد قليل من الشركات تحمُّلها، مما يساعد هذه الشركات على السيطرة على السوق.
ومن ناحية أخرى، في حين أن الشركات الصغيرة قد لا تستطيع منافسة نظيراتها الكبيرة على المستوى الوطني، فإن الإعلان على مستوى النطاق المحلي -أو عبر الإنترنت- قد يمكِّن تلك الشركات الصغيرة من الحفاظ على حصتها في السوق.
لا شك أن للإعلان قوة في التأثير على المستهلكين، وإقناعهم بالمنتجات المتوفرة. وفي اقتصاد الأسواق الحرة، يُعَدُّ الإعلان والدعاية أمرًا ضروريًا لبقاء الشركة في السوق التنافسي، لأنه إذا لم يكن المستهلكون على دراية بمنتج الشركة، فمن غير المرجح أن يشتروه.
كتابة: أحمد مغربي
تحرير: زياد محمد