البيئة والطاقة

بيئة صحية، أشخاص أصحّاء

صدرت اتفاقية التنوع البيولوجي التابعة للأُمم المُتحدة عام 2010، والتي سَعَت الأُمم المُتحدة من خلالها لتحقيق أهداف التنوع البيولوجي بين عامي 2010 إلى 2020، وها قد أصبحنا في عام 2020، لذا؛ تمّ إطلاق مؤتمر لبث تقرير نهائي عن نتائج هذه الاتفاقية، وكانت النتائج أنه تمّ إحراز تقدم، ولكن لم يتم تحقيق أي من هذه الأهداف بشكل كامل، لذلك، لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به لتقليل فقدان التنوع البيولوجي في العالم.
لمعرفة المزيد عن التنوع البيولوجي وأهدافه لعام 2020؛ يُرجى الاطلاع على هذا المقال

هل للطبيعة والحيوان علاقة بصحة الإنسان؟

لاحظنا مؤخرًا انتشار عدد من الأوبئة والأمراض بين البشر، والتي تظهر ثلاث أو أربع مرات كل عام -خاصةً- عندما تكون سهلة الانتقال من شخص لآخر مثل: فيروس كورونا المُستجد، والذي أصبح الآن جائحة تهدد العالم كله.
خلال الأيام القادمة، ومع وجود الفرص المُتتالية لظهور أي مرض آخر، يخشى العلماء أن يكون المرض القادم هو “كوفيد التالي”.
هذه الأمراض ليست أمراضًا جديدة حقًا؛ بل هي أمراض جديدة على جنسنا نحن -الجنس البشري-، لذا؛ يجب معرفة مصدر هذه الأمراض؛ لتلافيها بقدر الإمكان.
الغالبية العظمى من هذه الأمراض انتشرت نتيجة تفشي مرض حيواني بين البشر، ومثال على ذلك: مرض الإيبولا، ومرض نقص المناعة البشرية (HIV)، اللذان انتشرا من الرئيسيات (رتبة من الثدييات تشمل الإنسان والحيوانات قريبة الشبه منه) إلى البشر، ورجّح العلماء أن سبب انتشاره بين البشر هو تناول لحوم الحيوانات المُصابة بهذا المرض.
وبإلقاء نظرة سريعة على الـ 20 عامًا التي سبقت ظهور فيروس كورونا “COVID-19″؛ نجد أن انتشار أمراض الـ SARS ،MERs، إنفلونزا الخنازير والطيور كانت بسبب أصل حيواني.
وبينما نحن نعبث بتوازن الطبيعة، نتعدى أيضًا على مُستودعات الأمراض الحيوانية، وبالتالي نُعرِّض أنفسنا للخطر باستمرار.

ولكن، كيف يمكن بتأثيرنا على الطبيعة أن نُعرِّض أنفسنا للخطر؟

هذا السؤال الذي أجاب عليه البروفيسور ماثيو بايليس “Matthew Baylis”، عالم الأوبئة البيطرية من جامعة ليفربول: “إننا نُؤثر بشكل مُتزايد على مجموعات الحياة البرية، حيث نُزيل الغابات، ونجعل الحيوانات تتحرك وتدخل إلى بيئتنا”.
بتأثيرنا على الغابات، فنحن نؤثر أيضًا على الموطن الرئيسي لمُعظم الكائنات الحية على الكوكب -خاصةً- الحيوانات، مما يدفعها للانتقال إلى مكان جديد قريب من الإنسان، وهذا يسمح أيضًا بانتقال المُسبب المرضي من نوع لآخر، ويتضح لنا في النهاية أنه تُوجد علاقة واضحة بين ظهور الأوبئة الجديدة، وتجارة الحياة البرية، وتعدي الإنسان على الغابات، لذا؛ على النطاق العالمي، فإن سلوكيات البشر هي المُتحكم الأول في انتشار المُسببات المرضية من الحيوان إلى الإنسان.

ثماني نقاط يمكن من خلالها الحد من تأثير البشر على الطبيعة

كان يجب علينا أن نتخذ إجراءً حاسمًا ومناسبًا لحل هذه القضية البيئية، لذا؛ تمّ إطلاق “اتفاقية باريس للمناخ، من أجل الطبيعة”، والتي تشمل ثمانية انتقالات رئيسية يُتوقع أن تلتزم بها جميع الدول المُشاركة والبالغ عددها 196 دولة، تتمثل هذه الانتقالات في:

  1. الأراضي والغابات: تعزيز حماية الموائل، والحد من تدهور التربة.
  2. الزراعة المُستدامة: الحد من العمليات الزراعية الأكثر ضررًا بالطبيعة، مثل: تقليل استخدام الأسمدة الزراعية ومُبيدات الآفات.
  3. الغذاء: اتباع نُظُم غذائية مُناسبة وأكثر استدامة، وذلك من خلال الاعتدال في استهلاك اللحوم والأسماك، وبالتالي تقليل كمية النفايات بشكل ملحوظ.
  4. المصايد والمُحيطات: حماية واستعادة النُظُم البحرية، صيد الأسماك على نحو مُستدام، وحماية الموائل البحرية المُهمة.
  5. التخضير الحضري: تخصيص أماكن أكثر للطبيعة في المُدُن والبلاد، حيث يعيش مُعظم السكان.
  6. المياه العذبة: الحفاظ على الموائل للأنهار والبحيرات، تقليل التلوث ومُسبباته، وتحسين جودة المياه.
  7. العمل المناخي العاجل: من خلال اتخاذ إجراءات حاسمة بشأن التغير المناخي أهمها: التخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري.
  8. السير على نهج “صحة واحدة”: وهو يشمل كل ما سبق، بمعنى إدارة بيئتنا كاملة، سواء كانت: حضرية، زراعية، مصايد ومُحيطات أو غابات، وكل هذا بهدف تعزيز بيئة صحية وأشخاص أصحّاء.

من أجل مُستقبل أبنائنا وأحفادنا

نحن الآن نشهد مُعدل فقدان في التنوع البيولوجي لم تشهده البشرية من قبل، الضغوط تتزايد، لذا؛ يجب أن نتحرك جميعًا لوضع الطبيعة على طريق الانتعاش بحلول عام 2030.
خلال العقد الماضي، كانت النتائج مُبشرة، ولكن ليست واضحة أو مُبهرة، تُؤكد لنا الطبيعة أنها تُمهلنا بعض الوقت لاتخاذ إجراءات إيجابية حاسمة بشأن البيئة، وإلا سوف يلعننا أبناؤنا وأحفادنا في المُستقبل، في حال تركنا لهم كوكبًا مُلوثًا، مُتدهورًا، وغير صحي.
دمتم أصحّاء.

المصدر

كتابة:  آلاء نورالدين

مراجعة: سارة صلاح

تحرير: أسماء مالك

اظهر المزيد

آلاء نور الدين مغربي

كاتبة بقسم البيئة والطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى