هل تُعدّ الكتابة وسيلة البعض للتعبير عن مشاعرهم والخروج من الأزمات النفسية؟
هل مررت بأزمات نفسية يصعب عليك تحملها؟
هل تشعر بالإحباط -في بعض الأحيان- وتحتاج إلى من يقف بجانبك لتستطيع النهوض والمضي إلى الأمام؟
سنتعرف في هذا المقال على إحدى طرق التخلص من المشاعر السلبية، ومواجهة الأزمات، وهي العلاج بالكتابة (الكتابة التعبيرية).
بدايةً، لا تقلق؛ فلا يشترط أن يكون لديك ملكة الكتابة، ولا أن تمتلك موهبة، ولكن عليك فقط أن تحضر دفترًا، وقلمًا، وتبدأ بالتعبير عن مشاعرك.
هيَّا.. لنخوض سويًّا رحلة في عالم الكتابة، وأهميتها للمرء.
لكن، أولًا..
- متى بدأ العلاج بالكتابة؟
بدأ نظام العلاج بالكتابة في الستينات، على يد بعض المعالجين النفسيين، ومع تطور الحياة، انتشرت تلك الطريقة لعلاج بعض الأمراض النفسية، تعتمد هذه الطريقة على تدوين الأحداث والخبرات التي يمر بها الفرد، وسرد الأحداث من وجهة نظره.
- متى يستخدم الاختصاصي النفسي العلاج بالكتابة؟
أثبت العلاج بالكتابة فعاليته في بعض الأمراض النفسية، ومنها:
١- اضطراب ما بعد الصدمة.
٢- القلق.
٣- الاكتئاب.
٤- اضطراب الوسواس القهري.
٥- الحزن والخسارة.
٦- مشاكل الأمراض المزمنة.
٧- تعاطي المخدرات.
٨- اضطرابات الأكل.
٩- قضايا العلاقات الشخصية.
١٠- تدني احترام الذات.
- ما هي مميزات العلاج بالكتابة (الكتابة التعبيرية)؟
١- قليلة التكلفة؛ فقط تحتاج دفترًا وقلمًا.
٢- يمكن للفرد أن يتبع هذه الطريقة بمفرده؛ إذا شعر بالحزن، وأراد أن يعبر عن مشاعره.
٣- سهلة، ولا تحتاج لوجود الموهبة، أو ملكة الكتابة.
٤- يمكن أن يشرف عليها معالج مختص إذا احتاج الوضع، يُجرى هذا العلاج مع المريض بمفرده، أو في وجود مجموعة من المرضى.
٥- يمكن استخدامها كعامل مساعد مع علاجات أخرى.
- هل يعد العلاج بالكتابة الوسيلة الوحيدة للتخلص من المشاعر السلبية؟
كلا؛ بل توجد عدة طرق تساعد المرء على التخلص من المشاعر السلبية.
ومنها: الرسم، والتلوين، وسماع الموسيقى..، لكن كل هذا يعتمد على الحس الإبداعي لدى الفرد، ومستوى الفن والموهبة لديه، حتى يستطيع أن يعبر عن مشاعره.
لذلك، تُعدّ الكتابة من أسهل الطرق.
- هل يوجد فرق بين العلاج بالكتابة وكتابة المذكرات اليومية؟
بالطبع؛ ففي كتابة المذكرات تدون الأحداث اليومية، وتعتمد على الكتابة الحرة.
أما العلاج بالكتابة، فيشرف عليه معالج مختص في أغلب الأوقات، ويعتمد على تدوين الأحداث والمشاعر بنمط معين، ثم مناقشتها، وتحليل الأحداث والمخاوف التي يمر بها المريض.
- ما هي فوائد العلاج بالكتابة (الكتابة التعبيرية)؟
يستفيد البعض من الكتابة والتعبير عن مشاعره بتلك الطريقة، فمن الأفضل أن يحتفظ كل منا بدفتر يوميات خاص به؛ يسجل به كل اللحظات المهمة التي حدثت له، سيُحسِّن ذلك -في نفس الوقت- من ذاكرته.
لكن الكتابة التعبيرية تعد أعمق من كونها مجرد مذكرات يومية؛ لذلك تحتاج إلى التعبير عن المشاعر بشكل أعمق، وأدق، ومناقشتها مع متخصص.
أثبتت الأبحاث أن العلاج بالكتابة يزيد من تحسن الجهاز المناعي، ويساعد على الشفاء بشكل أفضل.
ففي إحدى الدراسات؛ أجريت الأبحاث على الأشخاص الذين يعانون من حدث مؤلم، ثم بدأوا بالكتابة عن الحدث الأكثر صدمة لديهم لمدة 15 دقيقة، على مدار أربعة أيام متتالية، وكانت النتيجة أن الحالة الصحية أصبحت أفضل بعد أربعة أشهر.
في دراسة أخرى؛ وبتطبيق نفس تمرين الكتابة على أكثر من 100 مريضًا بالربو والتهاب المفاصل الروماتويدي، كانت النتائج مماثلة، فالمشاركين الذين كتبوا عن أكثر الأحداث إرهاقًا في حياتهم، شهدوا تقييمات صحية أفضل تتعلق بمرضهم.
- كيف يُجرى العلاج بالكتابة؟
تختلف طريقة العلاج حسب ما إذا كنت ستطلب المساعدة من اختصاصي نفسي، أم ستبدأ العلاج بنفسك قبل اللجوء لاستشارة المتخصصين.
يمر كل فرد منا عند البدء بالكتابة بمرحلتين؛ ففي المرحلة الأولى، يمكن أن يجد صعوبة في البدء؛ ولذلك، سنقدم لك بعض النصائح لتساعدك على البدء بالكتابة:
١- استخدم دفتر الكتابة المفضل لديك، أو يمكن استخدام مدونة عبر الإنترنت.
٢- حدد هدفًا للكتابة لفترة معينة من الوقت كل يوم، ويمكنك تحديد مدة من 5 إلى 15 دقيقة متتالية.
٣- قرر مسبقًا. (متى؟ وأين؟) ستكتب كل يوم.
٤- اكتب غرضك من وراء الكتابة في المقام الأول.
٥- تحقق من أفكارك ومشاعرك، واعلَم ما تريد كتابته، وأطلق عليه اسمًا.
المرحلة الثانية، بعد اتخاذ القرار بالكتابة، والبدء فيها؛ فيجب عليك أن تعرف بعض النصائح، لتساعدك وتسهل عليك مهمة الكتابة. ولذلك، احتفظ بتلك النصائح القادمة عند الكتابة:
١- من الجيد أن تكتب، سواء كانت الكمية صغيرة أو كبيرة، وفي نفس الوقت، اكتب كأن لا أحد يقرأ بعدك؛ حتى تتفادى إحساس تقديم العرض.
٢- لا تقلق بخصوص ما ستكتبه، فقط ركز وأعطِ كل الانتباه والتركيز على الكتابة؛ للتعبير عن مشاعرك قدر الإمكان.
٣- لا تقلق أيضًا بخصوص جودة الكتابة، فالأهم هو الكتابة والتعبير عن مشاعرك، بشكل طبيعي وبكل منطقية.
٤- تصعب علينا البدايات في أغلب الأحيان؛ لذلك يجب أن نحفز أنفسنا لنصنع البداية، وبعدها يصبح الأمر أسهل بكثير.
وإليك بعض الأفكار الكتابية التي يمكن أن تحتاجها:
أ- كتابة خطاب لشخص عزيز عليك، أو تكتبه لنفسك.
ب- كتابة شعر، والتعبير فيه عما بداخلك.
ج- الكتابة الحرة، وهي كتابة كل ما يخطر في عقلك.
د- الخريطة الذهنية، وهي رسم خريطة ذهنية تتوسطها المشكلة التي تمر بها، وتتفرع منها بعض الحلول والاحتمالات التي يمكن حدوثها.
وفي النهاية، عزيزي القارئ..، إذا شعرت بالحزن والاكتئاب، فعليك بالكتابة، ستبدأ وقتها بالتحسن بكل تأكيد، والتفكير بشكل أفضل، وإذا شعرت بالاحتياج لمعالج نفسي فلا تتردد؛ فالعلاج بالكتابة أمر بسيط لا يحتاج للتردد، ولا بأس من تحديد وقت يوميًا لتفريغ المشاعر السلبية، ولتجعل الكتابة عادة يومية.
كتابة: رحمة يوسف
مراجعة: محمود علام
تحرير: زينب علاء الدين
