الشيخوخة الصحية | كيف نعيش شيخوختنا بصحة جيدة؟
كلنا يعلم أن الشيخوخة أمرٌ لامفر منه لمن طال به العمر، كما نعلم أن لها آثار بالغة الوضوح على من تطاله، ولا شك أننا لاحظنا أن كثيرًا من كبار السن في حالة يُرثى لها، ولكننا أيضًا لاحظنا العديد من كبار السن في صحة جيدة، وكأن أمراض الشيخوخة لم تطلهم. ولا تعد الشيخوخة مرضًا بحد ذاتها، ولكن التغيرات التي تحدث في أجسامنا في هذه المرحلة العمرية تجعلنا أكثر عرضة للعديد من الأمراض.
في هذا المقال، نعرف سويًا آثار الشيخوخة على أجهزة أجسامنا المختلفة وما هي أساليب الوقاية الواجب اتباعها حتى لا تشيخ أجهزة أجسامنا حينما تشيخ أعمارنا.
الشيخوخة وأمراض القلب
يضخ القلب الدم إلى الشرايين، والتي توصله بدورها إلى مختلف أنسجة الجسم، تُسهل جدران تلك الشرايين من مهمة القلب في ضخ الدم إذ أنها تتمتع بالمرونة الكافية التي تمكنها من التوسع بسهولة؛ لاستيعاب كميات الدم الكبيرة التي يضخها القلب. في سن الشيخوخة، تكون تلك الأوعية الدموية أكثر عرضة للتصلب وتفقد مرونتها (تقل قدرتها على التوسع) مجبرةً القلب على بذل مجهود أكبر لضخ الدم عبر تلك الأوعية؛ فتتضخم عضلة القلب، وتقل سرعة نبضاته نتيجة لذلك. تجعل هذه التغيرات التي تحدث للقلب والأوعية الدموية المسن أكثر عرضة لأمراض القلب والأوعية الدموية؛ كارتفاع الضغط ومرض القلب الإقفاري (ischemic heart disease).
الشيخوخة وأمراض العظام والمفاصل
مع تقدم العمر، تنكمش العظام في الحجم وتقل كثافتها، كما أنها قد تصبح أقصر قليلًا؛ لهذا تضعف العظام كلما تقدم العمر، وتكون أكثر عرضة للكسر وأكثر عرضة لبعض الأمراض كهشاشة العظام. كما تتأثر غضاريف المفاصل والتي تؤثر على مرونة المفصل، مما يزيد خطورة الإصابة بخشونة المفاصل، ومن ثم تيبس المفاصل.
الشيخوخة والعضلات
مع تقدم العمر، تنخفض الألياف العضلية في العدد والحجم؛ مما يؤدي لنقص كتلة العضلة وضمورها، ونتيجة لذلك، تفقد العضلات قواها تدريجيًا؛ مما يزيد الإجهاد على المفاصل الحاملة لوزن الجسم كمفصل الركبة. كما يتأثر نوع الألياف المكونة للعضلة، إذ تزيد الألياف التي تنقبض ببطئ، وتقل الألياف التي تنقبض بسرعة، مما يؤدي لتقليل سرعة انقباض العضلة.
الشيخوخة والجهاز الهضمي
مع تقدم العمر، تحدث بعض التغيرات الهيكلية في الأمعاء الغليظة والتي تؤدي لإبطاء حركة الأمعاء، مما يساهم بشكل كبير في حدوث الإمساك بشكل متكرر عند كبار السن، كما تساهم بعض العوامل الأخرى في تكرر حدوث الإمساك فترة الشيخوخة مثل عدم ممارسة الرياضة، وعدم شرب القدر الكافي من السوائل، وقلة تناول الطعام الغني بالألياف، كذلك كون كثيرٍ من المسنين يتناولون العديد من الأدوية، فإن بعض تلك الأدوية يتسبب في حدوث الإمساك، وبعض الأمراض كمرض السكري قد تساهم أيضًا في تكرر حدوث الإمساك.
تأثير الشيخوخة على المثانة والمسالك البولية
تتميز المثانة بمرونتها وقابليتها العالية للتوسع؛ لاحتواء قدر كبير من البول قبل الشعور بالرغبة في التبول، إلا أنها تفقد الكثير من مرونتها مع تقدم العمر، مما يسبب تكرار الشعور بالحاجة إلى التبول، كذلك تضعف عضلات المثانة وعضلات قاع الحوض، مما قد يؤدي إلى حدوث ما يسمى سلس البول (يتسرب البول من المثانة بمجرد الشعور بالرغبة في التبول وقبل الوصول لدورة المياه)، كما قد يتسبب ضعف تلك العضلات أو تضخم البروستاتا الذي يصيب كبار السن من الرجال في جعل إفراغ كل البول الموجود داخل المثانة أمرًا صعبًا، كذلك بعض المنبهات وبعض الأدوية المستخدمة قد تؤدي لسلس البول (Urinary incontinence).
الشيخوخة والدماغ
تحدث بعض التغيرات داخل الدماغ مع تقدم العمر، مما يؤثر على قدرة كثيرٍ من المسنين على التذكر، كذلك تتأثر عمليات التفكير والقدرة على أداء المهام بشكل ملحوظ لدى كثيرٍ من المسنين.
الشيخوخة وباقي الجسم
تتأثر العديد من أعضاء وأجهزة الجسم الأخرى بكبر السن كالعينين والأذنين والأسنان والجهاز التناسلي.
عادات للوقاية من أمراض الشيخوخة:
- ممارسة الرياضة بانتظام واعتدال: إذ تساعد على الحفاظ على وزنٍ صحي والحد من خطورة الإصابة بأمراض القلب، كما تحافظ على صحة العضلات والعظام، وتحسن من وظائف المخ وتقلل من التوتر والاكتئاب -وهي عوامل تؤثر على الذاكرة. يمكنك ممارسة المشي، أو السباحة، أو أي أنشطة أخرى.
- الغذاء الصحي: يساعد اتباع نظام غذائي صحي على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والكلى، والجهاز الهضمي، وأمراض الدماغ، كذلك يساعدك على تجنب السمنة والتي تؤدي بدورها للعديد من الأمراض، ينصح بتناول الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والأطعمة الغنية بالألياف والبروتينات الخالية من الدهون مثل الأسماك، كما ينصح بتجنب تناول الأطعمة المتخمة بالدهون أو الأملاح، كذلك ينصح بشرب الكثير من الماء والسوائل الأخرى.
- تجنب التدخين والمخدرات: التدخين هو أحد أهم مسببات تصلب الشرايين، كما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، كذلك يُعد التدخين أحد عوامل خطر الإصابة بسرطان الرئة وسرطان المعدة. يمكنك زيارة الطبيب لمساعدتك في الإقلاع عن التدخين إن كنت من المدخنين.
- الحد من التوتر: يزيد التوتر المستمر من خطر الإصابة بأمراض القلب. ينصح بتعلم استراتيجيات مفاهيم الحد من التوتر.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم بانتظام: يعد النوم أحد الركائز الأساسية التي تعتمد عليها صحة أجسامنا؛ لذلك ينصح بأخذ قسط كافٍ من النوم يتراوح من 7 إلى 9 ساعات كل ليلة.
- تناول كميات كافية من الكالسيوم: الكالسيوم ضروري لصحة العظام، والعضلات، والمفاصل. ينصح بتناول 1000 ملليغرام منه يوميًا للبالغين، كما ينصح بتناول 1200 ملليغرام يوميًا للنساء من عمر 51 وللرجال من عمر 70 سنة. يمكن الحصول عليه من منتجات الألبان والبروكلي واللفت والسلمون، كما يمكن تناول مكملات الكالسيوم بعد استشارة الطبيب.
- تناول كميات كافية من فيتامين د: ينصح بتناول 600 وحدة دولية من فيتامين د يوميًا للبالغين حتى سن السبعين، و800 وحدة دولية لمن تجاوزوا عمر السبعين. للحصول عليه يجب الحرص على التعرض لضوء الشمس بانتظام، كذلك يشكل سمك التونة والسلمون والبيض والحليب المدعم بفيتامين د ومكملات فيتامين د مصادر مهمة للفيتامين.
المحافظة على الوزن الصحي: عن طريق المواظبة على الرياضة والغذاء الصحي. - المواظبة على الذهاب إلى دورة المياه بانتظام: ينصح بعدم تجاهل الرغبة في التبرز أو التبول؛ إذ أن إفراغ المثانة والأمعاء بانتظام يساعد على منع الإمساك والحد من خطر الإصابة بسلس البول.
- تجنب مهيجات المثانة: مثل الكافيين، والأطعمة الحمضية، والكحول، والمشروبات الغازية؛ إذ تفاقم مهيجات المثانة مشكلة سلس البول.
- تنشيط العقل باستمرار: للحفاظ على مهارات الذاكرة والتفكير، ينصح بقراءة الكتب أو ممارسة ألعاب الكلمات المتقاطعة أو ممارسة هواية أخرى ينشط فيها العقل.
- المواظبة على التفاعل الاجتماعي: قد تؤدي الوحدة إلى الاكتئاب أو التوتر؛ مما يؤثر سلبًا بشكلٍ قويٍ على الذاكرة، يساعد التفاعل الاجتماعي على درء ذلك كله.
- إجراء الفحوصات الطبية بانتظام: كلنا نعلم أن الوقاية خيرٌ من العلاج، لذا؛ ينصح بأداء فحوصات دورية على مختلف أجهزة الجسم للتأكد من سلامتها، وللكشف عن أي حالة مرضيةٍ في بدايتها ومعالجتها قبل أن تتفاقم.
كتابة: أحمد جمال
مراجعة: محمد ضياء
تحرير: إسراء وصفي