تأثر الضوء بالجاذبية الأرضية
غالبًا ما نلاحظ فى حياتنا اليومية أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة، وقد يتعرض الضوء لبعض العوامل التي تجعله ينحرف أو ينكسر عند المرور بين وسطين فيزيائيين مختلفين.
على سبيل المثال، الضوء ينكسر عند الوسط الفاصل بين سطح الماء والهواء، فعند ترك جسم ما في الماء نراه مكسورًا.
ولكنه مجرد صورة وهمية نتجت من انكسار الضوء، حيث تتسبب المغناطيسية في ذلك، وليست الجاذبية.
هل الضوء يتأثر بالجاذبية؟
سؤال مثير للاهتمام أيضًا؛ بسبب وجود بعض الملابسات التي تقول أن للضوء كتلة، ولذلك يجب أن يتأثر بالجاذبية دون أن يؤثر عليها!
إذا افترضنا وجود شعاعان مختلفان من الضوء، أحدهما يتجه باتجاه معين، والآن علينا أن نأخذ بالحسبان ما توقعه أينشتاين عندما طور النظرية النسبية العامة، وهي أن مجال الجاذبية -وبسبب الكتلة- يسبب انحرافًا ليس في مسار الجسيمات فقط، بل في مسار الضوء أيضًا.
لذلك، فإن شعاع الضوء هذا لن يستمر في مسارٍ مستقيم، ولكن سينحني ومن ثم يصل إلى أعيننا.
وأيضًا عند بحث العلماء عن المجرات، فإن هناك ضوءًا يصدر منها من الأعلى إلى الأسفل ثم ينحني ليصل أخيرًا إلى عين المراقب.
من الصحيح القول أن الفوتونات ليس لها كتلة، من الصحيح أيضًا القول أننا نرى الضوء ينحني حول المصادر ذات الكتل العالية بسبب الجاذبية؛ هذا ليس لأن الكتلة تسحب الفوتونات مباشرة، ولكن بدلًا من ذلك، تشوه الكتلة الزمكان في الفضاء الخارجي الذي تنتقل عبره الفوتونات.
وفقًا للنظرية النسبية العامة لأينشتاين، سيتأثر الضوء بنفس الطريقة التي تتأثر بها المادة بالجاذبية؛ هذا لأنه من وجهة نظر نيوتن، كانت الجاذبية قوة موجهة خطيًا تسحب بها كل الأجسام ذات الكتلة.
كما أظهر تحليله أن القوة كانت متناسبة مع ناتج الكتلتين اللتين تجذبان بعضهما البعض، وتتناسب عكسيًا مع مربع المسافة بينهما، وهكذا تجتذب التفاحة والأرض بعضهما البعض؛ فتسقط التفاحة من الشجرة.
نظرًا لأن الضوء -سواءٌ يُنظر إليه على أنه شعاع أو فوتون- ليس له كتلة، فإن نيوتن تنبأ بأن الجاذبية لن تنجذب نحو أي شيء مهما كانت كتلته، وذلك من أجل بناء إطار نظري يكون متسقًا مع جميع المراقبين، ولا يعتمد على إطار مرجعي ثابت ومستقل.
أينشتاين تجاهل هذا التصور لكيفية عمل الجاذبية ويبتكر فهمًا جديدًا وفقًا لهذه النظرية، فإن كل جسم له كتلة تغير انحناء الزمكان، وهو نسيج الكون رباعي الأبعاد.
تتحرك الأجسام عبر الزمكان، ثم تتبع المنحنيات التي تم إنشاؤها، ونظرًا لأن العقول البشرية ليست جيدة في تصوير الأشياء بأربعة أبعاد؛ فإنه عادةً ما نلجأ إلى القياس في 3 أبعاد.
يمكن تخيل الزمكان كصفيحة مطاطية ممتدة بشكل مسطح عندما لا يكون هناك أي مادة موجودة فيها، فإذا وضعنا جسمًا ضخمًا مثل نجمٍ في هذا “الفضاء” يتم دفعه لأسفل في الصفيحة المطاطية، مما يؤدي إلى وجود نقرة أو حفرة في المطاط.
الكويكب الذي يطير بالقرب من النجم لن يسير في خط مستقيم أو يتدحرج على طول الصفيحة، بل سينحني أثناء مروره خلال الانخفاض، ويخرج في اتجاه جديد، أما إذا كان جسم ما يسير بالسرعة المناسبة، فقد يعلق في الحفرة ويتحرك حول النجم في مدار مثل الكرة حول عجلة الروليت.
حتى الآن، فإن تنبؤات هذه النظرية مماثلة لتوقعات نيوتن، ولكن هناك فرق كبير الآن إذا سافر الضوء على طول هذه الصفيحة المطاطية للزمكان، فإنه سيتبع المنحنى أيضًا، لأن انحناء الفضاء تم إنشاؤه بالفعل بواسطة النجم.
إذا كانت الحفرة عميقة بما يكفي وكانت الجدران شديدة الانحدار، فقد يسقط الضوء في الحفرة ولا يهرب أبدًا، و يحدث ذلك في حالة الثقب الأسود، نيوتن قد لاحظ هذا الانحناء للضوء لأنه يتطلب أشياءً ضخمة جدًا للحصول على شيء سريع مثل الضوء؛ لينحني بدرجة كافية بحيث يمكنك ملاحظته، هذا هو نفس السبب الذي يجعلنا لا نزال نتعلم ونستخدم معادلة نيوتن.
لكن التجارب أظهرت أن نيوتن كان مخطئًا، وأن الضوء ينجذب نحو جسم ذي كتلة، كما تنبأت نظرية أينشتاين.
كتابة: هدير أحمد
مراجعة: أحمد مغربي
تحرير: عمر ياسر