متلازمة تيرنر
هل سمعتَ يومًا بـ “الاضطرابات الجينية”؟ تلك الأمراض التي غالبًا ما تستهدف جنسًا مُعينًا دون الآخر، كالأمراض التي تستهدف الذكور دون الإناث، أو العكس. يُسمّي العُلماء بعض هذه الاضطرابات بـ “المُتلازمات”.
في هذا المقال، سنتحدث بالتفصيل عن مُتلازمة شهيرة في الوسط الطبي، تُصيب المواليد الإناث دون الذكور، وهي “مُتلازمة تيرنر”.
-
ما هي مُتلازمة تيرنر؟
مُتلازمة تيرنر هي اضطراب جيني نادر الحدوث، يُصيب الإناث فقط، حيث يكون لدى المولودة المُصابة به كروموسوم (x) واحد بدلًا من اثنين كما في الحالة الطبيعية. ويحدث ذلك الخلل في الرحم عند بداية حدوث الحمل، وقد أثبتت الدراسات أنَّ 99% من الأجنة التي لديها كروموسوم (x) واحد تُجهض قبل الولادة، ونسبة 1% فقط منهم يُولدوا بمُتلازمة تيرنر. يحدث هذا التشوه لسبب غير معلوم حتى الآن، وليس للأمر علاقة بسن الأم كما يعتقد البعض.
-
أعراض مُتلازمة تيرنر
توجد بعض الأعراض التي تظهر على الجنين أثناء الفحص بالموجات فوق الصوتية، والتي تدل على احتمالية الإصابة بمُتلازمة تيرنر، مثل مشاكل بالقلب والكلى وتراكم السوائل.
-
أعراض المُتلازمة عند الولادة
ـ أنسجة رقبة سميكة مع وجود طيات بالجلد.
ـ تورم بالرقبة.
ـ صغر حجم وتراجع الفك السفلي، مع ضيق وارتفاع سقف الفم.
ـ صدر واسع مع تباعد الحلمات.
ـ قصر طول أصابع اليد والقدم.
بعض الأطفال المُصابين بمُتلازمة تيرنر قد ينمون نموًا طبيعيًا حتى سن الثالثة، ولكن بعد ذلك يحدث تأخر ملحوظ في النمو، كما لا تُظهر الفتاة المُصابة بالمُتلازمة طفرة النمو المُعتادة التي تحدث في سن البلوغ.
أما بالنسبة للطول، فتكون الفتاة أقل طولًا من قرنائها الأصحاء بمُعدل حوالي 20 سم.
-
تأثير مُتلازمة تيرنر على المبايض
المبايض في الأنثى البالغة هي العضو المسؤول عن إنتاج البويضات، التي تُخصَّب فيما بعد بواسطة الحيوانات المنوية لحدوث الحمل، وأيضًا مسؤولة عن إفراز هرمونات الأنوثة كالإستروجين والبروجيسترون.
لا تستطيع مبايض الأنثى المُصابة بمُتلازمة تيرنر إنتاج هرمونات الأنوثة، مما يعني:
ـ عدم اكتمال النمو الجنسي للأنثى.
ـ عدم نزول الطمث.
ـ العقم.
على الرغم من عدم اكتمال نمو المبايض في أنثى تيرنر، إلا أنَّ المهبل والرحم ينموان بشكل طبيعي، مما يعني أنها قادرة على مُمارسة الحياة الجنسية بشكل طبيعي بعد علاجها بهرمونات الأنوثة.
-
حالات مرضية مُصاحِبة لمُتلازمة تيرنر
تعاني مُعظم الفتيات والنساء المُصابات بالمُتلازمة من بعض المشاكل الصحية الأخرى، مثل:
ـ مشاكل في القلب والأورطى.
ـ مشاكل في الكلى والجهاز البولي.
ـ قصور في الغدة الدرقية.
ـ ارتفاع ضغط الدم.
ـ هشاشة العظام.
ـ مرض السكري.
ـ السِمنة.
ـ تراكم السوائل تحت الجلد.
ـ نزيف في القناة الهضمية.
-
مُتلازمة تيرنر وصعوبات التعلم
مُعظم الفتيات المُصابات بالمُتلازمة لديّهن مهارات لغوية جيدة، لكن بعضهن قد تُعاني من مشاكل سلوكية واجتماعية، وكذلك صعوبات في التعلم.
ـ الذكاء الاجتماعي: حوالي ثلث الفتيات المُصابات بتيرنر لديّهن مشاكل في فهم وتكوين العلاقات الاجتماعية، وهذا يُؤثر بشكل واضح على حياتهم الخاصة والعملية فيما بعد.
ـ الوعي المكاني: الوعي المكاني هو القدرة على فهم موقعك بالنسبة للأشياء والأشخاص. مُعظم مُصابات مُتلازمة تيرنر لديّهن صعوبات في فهم العلاقات المكانية، وهذا يظهر بوضوح في عدم قدرتهن على تعلم قيادة السيارة أو فهم خريطة ما، وكذلك قد تُواجهن صعوبات في فهم المسائل الحسابية والرياضيات.
ـ فرط الحركة وضعف الانتباه: تختبر الطفلة المُصابة بالمُتلازمة مشاكل سلوكية وحركية، حيث تُعاني من نشاط حركي زائد وضعف الانتباه والتركيز، وتظهر هذه المشكلة بوضوح عند سن الرابعة أو الخامسة وبداية حياتها الأكاديمية، حيث تجد الفتاة صعوبة في المكوث في الفصل والانتباه أثناء اليوم الدراسي.
-
تشخيص مُتلازمة تيرنر
إذا شكّ الطبيب أثناء الفحص بالموجات فوق الصوتية في احتمالية إصابة الجنين بمُتلازمة تيرنر، فإنه يطلب بعض الفحوصات الأخرى مثل: فحص السائل الأمنيوسي (وهو السائل الذي يُحيط بالجنين داخل الرحم)، وقد يطلب أيضًا تحليل دم الأم، فهذا قد يُساعد في تحديد ما إذا كان الجنين يفقد جزء من كروموسوم (x) أو كامل الكروموسوم.
-
علاج مُتلازمة تيرنر
لا يُوجد علاج يستطيع شفاء مُتلازمة تيرنر شفاءً تامًا، ولكن تُعطَى الأنثى المُصابة به بعض الهرمونات أثناء الطفولة وفي فترة المُراهقة لتقليل أعراضه، مثل:
ـ هرمونات النمو: تُساعد على زيادة الطول قدر المُستطاع.
ـ هرمون الإستروجين: يُعطَى للأنثى في بداية فترة البلوغ، ويستمر حتى مرحلة انقطاع الطمث، ويُساعد على نموها الجنسي.
تحتاج الأنثى المُصابة بمُتلازمة تيرنر إلى علاج للعقم إذا أرادت الحمل، وجدير بالذكر أنّ الحمل في حد ذاته قد يحمل مخاطر كثيرة لصحتها، نتيجة للمشاكل الصحية المُتعددة التي تُصاحب المُتلازمة.