الصرع الضحكي Gelastic Epilepsy
ربما قد سمعت بفيلم “The Joker” الشهير من قبل، وإذا كنت قد شاهدته فبالتأكيد تتذكر المشهد الذي بدأ البطل فيه لا إراديًا بالضحك بعد توبيخ إحدى السيدات له لإزعاج طفلها رغم أنه كان يحاول إضحاكه، ومن ثم ناولها ورقة توضح بأنه يمتلك حالة مرضية تجعله يصاب بنوبات من الضحك الهستيري لا علاقة لها بشعوره النفسي في هذه اللحظة مصحوبًا باعتذار لكن دون ذكر المرض.
ولكن هل هناك حقًا مرض يُصيب الإنسان بتلك النوبات، وما سببها؟
الصرع الضحكي أو (Gelastic Epilepsy) هو نوع نادر من مرض الصرع، يُصيب صاحبه بنوبات من النشاط غير القابل للتحكم به كالضحك أو البكاء -رغم أنه مشتق من الكلمة اليونانية Gelastikos والتي تعني الضحك فقط-، وما بين كل 1000 طفل مصاب بالصرع يوجد طفل واحد أو اثنين على الأرجح يصيبهم الصرع الضحكي، ويُعد شائعًا بين الذكور عن الإناث.
يرتبط هذا النوع من الصرع بوجود أورام عابية وطائية، وهي عبارة عن تشوهات خلقية تشبه الأورام الحميدة تحدث بمنطقة الغدة النخامية بالدماغ والفص الصدغي والفص الجبهي الأمامي.
التقى مؤخرًا فريق من المتخصصين والأطباء المقيمين بجامعة هاواي موانا جون أ. بيرنز بكلية الطب Mānoa’s John A. Burns School of Medicine (JABSOM) رجلًا يبلغ من العمر 40 عامًا تُصيبه حالات من الصرع الضحكي مرتين أو ثلاث مرات كل أسبوع منذ الطفولة ولم يكن قد تم تشخيص حالته تلك ولم يتلقى أي علاج لها.
“كانت هذه حالة مثيرة للغاية من الناحية الطبية، قبلها لم أكن أعلم أن النوبات يمكن أن تؤدي إلى الضحك الذي لا يمكن السيطرة عليه.” تقول نينا ليالوها بيكويث (Nina Leialoha Beckwith)، طبيبة مقيمة فى (JABSOM).
كان الرجل يمتلك تاريخًا مرضيًا طويلًا من مرض السكر وورم بالدماغ واضطراب انفصام الشخصية (Schizophrenia)، وأصبح يختبر مؤخرًا ضعفًا تدريجيًا فى الإدراك وتغيرات بالسلوك.
وبإجراء تخطيط كهربية الدماغ (EEG) وضح تواجد نشاط في المنطقة الأمامية اليمنى من الدماغ يتماشى مع الصرع، بينما أظهر التصوير بالرنين المغناطيسي عن وجود تشوه في منطقة تحت المهاد يشبه الورم، جميع هذه العوامل ساعدت أطباء (JABSOM) بالتوصل إلى تشخيصه بالصرع الضحكي، ومن ثم إعلام المريض بحالته وبطبيعة نوباته تلك وإعطائه أدوية مضادة للصرع وبالتالي التحكم بنوبات الضحك تلك.
تنوعت ردود الأفعال للباحثين حول هذه الحالة بين من هم ممتنون لمساعدتهم فى تشخيص الرجل ووضعه على الطريق الصحيح للعلاج، وبين من يأمل بأن تجذب حالته المزيد من الاهتمام وبالتالي تحديد وتوفير رعاية أفضل لأشخاص مصابون بنفس الأعراض.
قد تتساءل إذا كان لأدوية الصرع دور في إنهاء نوبات الضحك، -لسوء الحظ- من غير المحتمل أن يمنع أي من أدوية الصرع جميع النوبات، لكن قد تكون الجراحة أو شكلًا خاصًا من أشكال العلاج الإشعاعي ممكنة في حالة وجود ورم في منطقة ما تحت المهاد، تتوافر هذه العلاجات فقط في عدد قليل جدًا من المراكز المتخصصة فى المملكة المتحدة وتسمى هذه المراكز “خدمة جراحة الصرع للأطفال” (CESS).
شددت بيكويث وزملاؤها على أهمية عدم التغاضي عن التشخيص الدقيق للنوبات لدى الأفراد الذين يعانون من أعراض غير عادية تشمل الضحك غير القابل للتحكم به، حيث تضمن بحثهم الآتي:
“يجب أن يتضمن التمرين الشامل التصوير العصبي مع الانتباه إلى المنطقة فوق السرج -منطقة بالدماغ تشمل أورام الغدة النخامية- وتخطيط كهربية الدماغ، حيث إن التشخيص الدقيق والمبكر وتعليم المريض أمران مهمان في تجنب العلاجات المفرطة وغير الضرورية.”
كتابة: غدي محمد
مراجعة: ابرار عبد المنعم
تحرير: ميرنا عزوز
تصميم: احمد محمد