كيف تتحرك الأقطاب المغناطيسية للأرض؟
تحوي الأرض أكثر الأسئلة إثارة فهي تحوي أكثر بكثير مما يمكننا رؤيته على السطح، فإذا تمكنت من إمساك الكرة الأرضية بين يديك وقطعها إلى نصفين ستتمكن من رؤية طبقاتها المتعددة، فهي تبدو كحلقات البصل تزيل واحدًا لتجد آخر، فلا يزال الجزء الداخلي منها يحمل الكثير من الألغاز.
فلنتعرف أولًا على طبقات الأرض، تُقَسم الأرض كيميائيًا إلى القشرة والوشاح والجزء الرئيسي والذي يمكن تقسيمه إلى القلب الخارجي والنواة الداخلية.
يدور حول ذلك القلب الخارجي سائل ساخن، ذلك السائل يشكل حقلًا مغناطيسيًا عملاقًا يعانق الكوكب بالكامل، يعمل هذا الحقل على حماية الكوكب من الإشعاعات الشمسية الضارة. هذا الحقل ليس بحقل ثابت، فهو ينقلب بضع مرات كل مليون عام بحيث يصبح القطب الشمالي جنوبيًا والعكس.
على ما يبدو قبل حوالي 500 مليون سنة وخلال العصر الكامبري بالتحديد، حيث كان هذا العصر بمثابة نقطة انفجار مثيرة من التغيرات التطورية للحياة على الأرض، حيث كانت مخلوقات الأرض تعيش طفرات نمو تطورية وتحولت إلى أشكال حياة أكثر تعقيدًا.
قام مجموعة من الباحثين من معهد الفيزياء (Globe of Paris) وكذلك الأكاديمية الروسية للعلوم بجمع عينة من الرواسب من بقايا بركان من شمال شرق سيبيريا، وذلك لفهم حالة المجال المغناطيسي حاليًا، فعند تسخين تلك الرواسب ببطء حتى وصلت لدرجات حرارة عالية وذلك بهدف إزاحة مغناطيسيتها، حددوا اتجاه الجسيمات المغناطيسية ووجدوا أن اتجاه الجسيمات يتطابق مع اتجاه المجال المغناطيسي من حيث وقت ومكان ترسب تلك الرواسب. قام العلماء بمحاولة لمعرفة عمر تلك الرواسب وذلك عن طريق تحديد عمر حفريات موجودة في نفس الطبقات.
في الـ 500 مليون عام الأخيرة انقلب الحقل المغناطيسي للكوكب حوالي 26 مرة كل مليون عام وهذا هو أعلى تردد تم اقتراحه على الإطلاق. وقد عبّر إيف جاليت (Yves Gallet) المؤلف الرائد ومدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية بمعهد الفيزياء في (Globe of Paris) بأن هذا كثير للغاية، نظرًا إلى أنه حتى وقت قريب كان هناك خمسة تقلبات عالية جدًا في المليون سنة.
ولكن الواضح أن تردد تلك الانعكاسات قد انخفض كثيرًا، فقد بدأ المجال المغناطيسي ينقلب بمعدل يترواح بين مرة إلى مرتين كل مليون عام. كما أن فكرة الانعكاسات تلك لن تطور إلا بشكل تدريجي عبر عشرات الملايين من السنين، وكذلك فإن الأسباب التي ولّدت هذا المجال قبل 500 مليون سنة ليست هي الموجودة الآن، كما أن دوافع تلك التقلبات ليست واضحة إلى الآن. قال جاليت إن أحد الاحتمالات هو أن الانعكاس المتكرر ربما يكون ناجم عن تغيرات في الظروف الحرارية على الحدود بين طبقات الأرض.
وأشارت الدراسة الجديدة أنه قبل حوالي 600 أو 700 مليون عام بدأ اللب الداخلي في التصلب كما أن درجة حرارته انخفضت وأن هذه العملية يمكن أن تلعب دورًا في أداء المجال المغناطيسي.
أضاف جاليت: “من المهم أن نتذكر أن النطاق الزمني الذي ندرسه للتطور في تردد الانعكاس المغناطيسي لا يقل عن بضعة ملايين من السنين.” يمكن أن تتطور الانعكاسات وكذلك ترددها ليكون أسرع أو أقل، ولكن المخيف هنا أن في فترة التقلبات تلك يتعطل المجال مؤقتًا وذلك قد يتسبب في وصول الأشعة الضارة إلينا والتي لا تخفي أضرارها، ولكن المؤكد أن ذلك لن يحدث على المستوى القريب.
كتابة: سارة محمد
مراجعة: أحمد مغربي
تحرير: ميرنا عزوز
تصميم: أحمد محمد