اكتشاف خزان لخلايا الدم الجذعية في الأمعاء ودوره في زراعة الأعضاء
عندما لاحظ الباحثون بقيادة ميغان سايكس -مديرة مركز كولومبيا لمناعة علم المناعة- أن دم المرضى الذين تلقوا عمليات زرع معوية يحتوي على خلايا من المتبرع، تم اكتشاف مستودع الأمعاء للخلايا الجذعية المكونة للدم. حيث قام الباحثون بتعقب خلايا الدم المطابقة للمتبرع ووجدوا أن مصدرها هو الخلايا الجذعية المكونة للدم في الأمعاء المُتبرَع بها. وهذا الاكتشاف أثار مفاجأة المجتمع العلمي؛ لأنه من المعروف لسنواتٍ عديدة أن المصدر الوحيد لخلايا الدم هو الخلايا الجذعية المكونة لخلايا الدم في النخاع العظمي.
عندما يخضع أي مريض لعملية زرع، فإن الجهاز المناعي يبدأ بمهاجمة العضو الجديد على أنه عنصرٌ غريبٌ في الجسم، مما يؤدي إلى رفض الجسم للعضو الجديد وفشل عملية الزرع. ولهذا اعتاد الأطباء إعطاء مريض الزرع بعض الأدوية المُثبطة للجهاز المناعي لتقل مقاومته للعضو الجديد. وفي سياقٍ آخر في عملية زرع للأمعاء، لاحظ العلماء بعد العملية وجود خلايا دم بيضاء مشتقة من أمعاء المتبرع في جسم المتلقي، وهذه الخلايا نَمت في جسم المُتلقي مما جعلها مُتسامحة مع الأنسجة الخاصة به، وأيضًا الخلايا الخاصة بالمتلقي أصبحت متسامحة مع الأنسجة الجديدة الخاصة بالمتبرع! وتقول سايكس: “ذلك يُظهر بوضوح أن هناك تداخلًا مناعيًا بين مجموعتين من خلايا الدم وذلك يحمي عملية الزرع من جهاز المناعة لدى المريض ويحمي المريض من عملية الزرع”. ثم لاحظ الباحثون أنه بعد فترة يتم استبدال الخلايا الجذعية المكونة للدم في الأمعاء بمجموعة من الخلايا الجذعية للمتلقي.
ولكن ما فائدة هذا الاكتشاف وكيف بإمكانه أن يساعد في تحسين عمليات الزرع؟
خلايا الدم الناتجة عن الخلايا الجذعية في أمعاء المتبرع قد تكون مفيدة أيضًا لمستقبل الزرع؛ وذلك لأنه كلما زادت خلايا الدم للمتبرع في جسم المتلقي، كلما قل احتمال رفضه لعملية الزرع. وتقول سايكس: “من المحتمل أن المرضى الذين لديهم نسبة عالية من الخلايا الجذعية التابعة للمتبرع قد لا يتطلبون الكثير من الأدوية المثبطة للجهاز المناعي”.
ثم إن زرع الأعضاء الحاملة للخلايا الجذعية المكونة للدم قد يزيد أيضًا من التداخل المناعي بين خلايا الدم مما يزيد من حماية عملية الزرع وملائمة العضو الجديد مع الجسم بسرعةٍ أكبر. وتقول سايكس: “هدفنا النهائي هو الحصول على الملائمة المناعية بين الأعضاء المزروعة وجسم الإنسان، وهذا الأمر سيسمح لنا بعدم استخدام الأدوية المثبطة للمناعة كليًا وسيعالج المريض نفسه بنفسه”.
الآن يخطط العلماء لزيادة عدد الخلايا الجذعية المكونة لخلايا الدم التي تنتقل خلال عملية زرع الأمعاء، آملين أن يزيد هذا من نسبة خلايا الدم التابعة للمتبرع في الدورة الدموية للمتلقي، ويقلل من استخدام الأدوية المثبطة للمناعة. وقد تستفيد أيضًا أنواع أخرى من عمليات الزرع من هذا التداخل المناعي، حتى عمليات زرع الأعضاء التي لا تحمل مستودعها الخاص من الخلايا الجذعية المكونة لخلايا الدم. أُجريت هذه الدراسة على واحد وعشرين مريضًا، وعلى الرغم من أنها تعتبر دراسة مثيرة للمجتمع العلمي، إلا أنه لم يتم العمل بها على المستوى الطبي حتى الآن!
كتابة: ندا أسامة
مراجعة: محمد ضياء
تصميم: عمر حسن
تحرير: إسراء وصفي