استطاعت الشرطة في أبريل الماضي إلقاء القبض على مجرمٍ خطير بالولايات المتحدة، والذي قام بالعديد من العمليات البشعة إذ أنه اغتصب حوالى 40 امرأة، وقتل حوالى 12 شخص، كما أنه قام بالعديد من العمليات التي تبعث الذعر في نفوس المواطنين، بل وأيضًا وضع العديد من علامات الاستفهام حول هويته، إنه “قاتل الولاية الذهبية جوزيف جيمس دي أنجيلو!”.
لم يكن دي أنجيلو يعلم أن العلم قد تطور وأنه قد غفل عن حقيقة أن جزء من أصغر مكونات جسمه البشري قد يفضح هويته ويكشف عن أمره! وكان ذلك في أبريل الماضي عندما استطاعت الشرطة إلقاء القبض عليه وذلك بإستخدام تقنية DNA حديثة. فقد كان المعتاد أثناء استخدام تقنيات الـ DNA في عالم الجرائم، وذلك عن
طريق مقارنة الحمض النووي للمتهم، بمجموعة الأحماض الأمينية الموجودة في قاعدة البيانات، لكن هذه المرة تم البحث خلال قاعدة بيانات عامة تقع بين 10 إلى 15 من الأقارب البعيدين، مما يسمح للشرطة بتضييق نطاق قائمة المشتبه فيهم، وتُسمى هذه التقنية “اختبار الحمض النووي العائلي لقواعد البيانات العامة” أو”familial DNA testing of public database”.
وتتميز هذه التقنية بأنها تغطي جميع السكان من خلال قاعدة بيانات صغيرة نسبيًا من العينات، كما أن الباحثين قد ابتكروا طريقة تمكنهم من بناء صورة أوسع للجينوم مقارنةً بما تم اختباره في الأصل، فإذا استطاع الباحثون جمع هذه التقنيات معًا فإنها ستسمح للباحثين بتحديد الشخص صاحب العينات الموجودة، وبذلك فهي أداة جديدة قوية بشكلٍ مخيف لأدلة الحمض النووي.
إن تقنية اختبار الحمض النووى العائلى مبنية على اختبارات الحمض النووى التقليدية، لكن ما يميزها أنها تبحث في التطابقات الجزئية، والتي يمكن أن تشير إلى أن العينة محل الاختيار قد تكون لأحد الأخوة أو أحد الوالدين أكثر من الشخص نفسه، وهذا بالطبع لا يكفي لتحديد هوية الشخص بمفرده، ولكنه يمكن أن يساعد الشرطة في تضييق نطاق البحث. ولإيجاد هذه التطابقات الجزئية قامت المعامل باستخلاص قواعد بيانات الحمض النووي العامة مثل GEDMatch وDNAL. وعمليات البحث هذه لا تتطلب موافقة المحكمة؛ لأن البيانات عامة ولكنها محدودة النطاق، وتحتوي قاعدة البيانات GEDMatch على أقل من مليون ملف جيني، وهذا يحدد نطاق عمليات البحث.
ويحتوي الـ”FBI”على أكثر من 17 مليون ملف شخصي، ولكن لا يمكن الوصول إليه إلا بشروط قانونية محددة. وتحتوي خدمات الحمض النووي مثل 23andMeوMyHeritage على المزيد من العينات، ولكن سياساتها تستبعد عمليات البحث وتطبيق القانون على هذا النوع. إن قاعدة بيانات تغطي 2 في المائة من السكان ويمكن أن تعرفنا بالشخص المطلوب. كما قام الباحثون بدراسة إلى أي مدى يمكن لقاعدة البيانات التغطية، ونظر الفريق في مجموعة بيانات لـ 1.28 مليون فرد (مأخوذة من قاعدة بيانات MyHeritage) وكونوا تحليلًا إحصائيًا لمدى احتمالية تطابق حمض نووي لشخص ما مع الحمض النووى لقريب له في قاعدة البيانات، ووفقًا لهذه النتائج وجد الباحثون أن أكثر من 60٪ من عمليات البحث ستشير إلى أحد أقرباء الشخص المطلوب (كما حدث في حالة قاتل الولاية الذهبية)، ونتيجة لذلك، يُقدّر الباحثون أن قاعدة البيانات لن تحتاج إلا إلى تغطية 2% من السكان المستهدفين لمعرفة قريب من الدرجة الثالثة للشخص المطلوب!
إن هذا التنبؤ يستند إلى مجموعة متجانسة من السكان، ولكن معظم مجموعات البيانات الجينية تظهر وجود اختلافات عنصرية كبيرة، وأهمها في قواعد بيانات تنفيذ القانون، التي يتم استخلاصها من السكان المسجونين، وأكثرهم من السود واللاتينيين. ولكن هناك مشكلة في هذا الأمر إذ أن الاختبارات الوراثية تستخلص أجزاءً مختلفة من الجينوم عندما لا يمكن الحصول على عينة كاملة، لكن استطاع مجموعة من الباحثين بتطوير هذه الطريقة معتمدين على الارتباطات المعروفة بين أجزاء مختلفة من الشفرات الوراثية، ولم يتم تطوير هذه الطريقة بالكامل، ولكنها قد تساعد الأطباء الشرعيين.
كتابة: ألاء عمارة
مراجعة: أحمد علاء
تصميم: نهى عبدالمحسن
تحرير: زينب
