المركبة الفضائية “Dawn” على وشك الخمول!
في 7 سبتمبر، قال أعضاء بعثة المركبة الفضائية “Dawn”- ويعتبر هو المسبار الوحيد الذي يدور خارج نظام الأرض والقمر وهو يدور حول حزام الكويكبات- أنه من المحتمل أن ينفذ وقوده ويتحول إلى ما هو شبيه بشبح كوني ضخم يدور حول الكوكب القزم “سيريس Ceres” لعقود قادمة بين منتصف سبتمبر ومنتصف أكتوبر، في 6 سبتمبر، قال لوري جلاز “Lori Glaze” القائم بأعمال مدير قسم علم الكواكب بوكالة ناسا: “من المُحزِن جدًا أن نرى “Dawn” بعيدًا عن أسرة مهماتنا، ولكننا نفخر كثيرًا بإنجازاته الكثيرة، وإن إنجازات “Dawn” العلمية والهندسية سوف يتردد صداها عبر التاريخ”.
بعثة “Dawn” التي كلفت 467 مليون دولار، انطلقت في مهمتها في سبتمبر 2007، ويتم بواسطتها إجراء استطلاع عن كثب لكوكبين يقعان ضمن حزام الكويكبات، وهما: سيريس “ceres” بطول 590 ميل (950 كيلومتر)، والكويكب فيستا “Vesta” بطول 330 ميل (530 كيلومتر).
اعتبر العلماء القزمين سيريس وفيستا أنهما بقايا تكوين النظام الشمسي في أيامه الأولى، أي أنهما عبارة عن بقايا كان من المفترض لها أن تندمج مع الأجسام الأكبر منها مثل المريخ والمشترى؛ ومن هنا جاء الاسم “Dawn”، أي أنه ليس مجرد اختصار. في يوليو 2011 وصلت “Dawn” إلى فيستا ودارت حولها ودرستها إلى أن تركتها في سبتمبر 2012 لتواصل مهمتها حول سيريس، وصلت “Dawn” إلى آخر وِجهَة لها في مارس 2015، لتكون بذلك أول مركبة تدور حول كوكب قزم حتى الآن.
من الإنجازات التي تمت في بناء هذه المركبة أن نظام الدفع فيها فائق الكفاءة؛ فهو يولد قوة الدفع عن طريق طرد أيونات الزينون من الفوهة، ومع ذلك فإن محركها ليس قويًا جدًا! فهو يستغرق حوالي أربعة أيام للانتقال من الصفر إلى 60 ميلًا في الساعة (100 كيلومتر في الساعة). إن المركبة ليست على وشك النفاذ من زينون، وإنما من الهيدرازين، وهو الوقود التقليدي الذي يعمل على دفع قوى المركبة للتحرك.
كشفت المركبة عن بعض تفاصيل وجهتيها، كذلك عن التاريخ المبكر للنظام الشمسي. على سبيل المثال، أظهرت المركبة بعض الملاحظات عن فيستا، مثل أن النصف الشمالي له غزير الحفر، مما يشير إلى أن حزام الكويكبات كان يحتوي على أجسام كبيرة منذ فترات طويلة، ووافق ذلك اعتقاد الباحثين حسبما قال فريق المهمة، كما أكدت أن فيستا هو مصدر النيازك الكواريدية، والنوكريت، كما أكدت على اختلاف فيستا وسيريس من حيث الطبيعة ومكان التكوين، فإن سريس قزم أكثر تذبذبًا من فيستا الصخري الجاف، وأن فيستا أقرب إلى الكواكب الصخرية مثل الأرض والمريخ، أما سيريس فهو أقرب إلى الكواكب الباردة.
اكتشفت المركبة أيضًا بعض المعالم المميزة على سطح سيريس، مثل الجبل الوحيد بارتفاع 3 أميال، وبعض الرواسب والبقع المشرقة، وكذلك بعض الحفر، وكشفت ملاحظات “Dawn” أن هذه الرواسب هي رواسب من أملاح كربونات الصوديوم، يعتقد العلماء أن مصدر هذه الرواسب هو انفجار الخزانات الجوفية بالماء المالح ومن ثم تبخر المياه لتبقى هذه الرواسب، تقول كارول ريموند “Carol Raymond”، المحققة الرئيسية للمركبة، أنه لابد من أن سيريس لازالت تحتفظ ببعض السوائل داخلها، وقالت كارول في تصريح لها “نعرف أن هناك دورة جيولوجية نشطة تجلب المواد من القاع إلى السطح، وهذا يعطينا الفرصة لاختبار بعض المواد الداخلية من سيريس بإرسال بعثة إلى السطح”.
تم عرض المركبة كاسيني إلى الموت الناري لضمان عدم تلوث الأقمار الأخرى، أما عن سيريس فليس له جو ملموس، لذلك فإن حرق “Dawn” ليس خيارًا. وبدلًا من ذلك، سيترك فريق البعثة المسبار في مداره الحالي حول سيريس، تُملي إرشادات ناسا أن المركبة لن تصطدم بسيريس لمدة 20 عامًا على الأقل، و تضمن التحليلات أن المركبة ستبقى في المدار لقرابة نصف قرن أو أكثر من ذلك.
كتابة: سارة محمد
مراجعة: نهاد حمدي
تصميم: نهى عبدالمحسن
تحرير: علاءالدين محمود