ثقب في الغلاف الأيوني بسبب الاحترار!
لاحظ العلماء في الأيام الأخيرة انخفاض كبير في كثافة الإليكترونات في الطبقة الأيونية (الأيونوسفير) -الجزء الذي يَحدُث فيه الشفق- بسبب الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ لعدة أيام، حيث تم تشكيل ثقب كبير يمتد إلى نصف الكرة الأرضية من دائرة عرض 55 درجة شمالًا إلى 45 درجة جنوبًا.
وأصبح التنبؤ بالطقس الفضائي أكثر صعوبة وتحدي من الأرصاد الجوية العادية، حيث يحتوي الغلاف الأيوني -الغلاف الذي تعمل أشعة الشمس على تأينه- على العديد من أنظمة الملاحة والاتصال، بما في ذلك الـ”GPS”. فإن القدرة على التنبؤ بنشاط الإليكترونات المشحونة في تلك الطبقة مهم لضمان سلامة التكنولوجيات المعتمدة على الأقمار الصناعية.
لقد أثبتت الأبحاث والدراسات الفضائية أن التغيرات في الغلاف الجوي الناتجة عن إشعاع الشمس والرياح والتوهجات الشمسية والعواصف الجيومغناطيسية، وإن تأثيرات الاقتران -أو التغيرات في طبقة الغلاف الجوي التي تؤثر على الطبقات الأخرى- أكثر إثارة للجدل وتدور المناقشات الآن حول فهم مدى الروابط بين الطبقات، ومدى امتداد تأثيرات الاقتران هذه، وتفاصيل العمليات التي تنتج عن هذه التأثيرات.
الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ (SSW) sudden stratospheric warming واحدة من أكثر الظواهر الجوية أهمية حيث تنتشر موجات هائلة في طبقة التروبوسفير وهي الطبقة السفلية من الغلاف الجوي للأرض ممتدة إلى طبقة الستراتوسفير تتحرك هذه الموجات تتحرك على الهياكل الجيولوجية مثل السلاسل الجبلية الكبيرة، ثم تتفاعل مع التيارات الرئيسية فجأة في طبقة الستراتوسفير، فترتفع درجة حرارة الاحترار بشكل كبير على مدى بضعة أيام.
وكان يُعتقَد في وقت سابق أن التغيرات التي أحدثتها تلك الظاهرة في الغلاف الأيوني هي أحداث نهاية. وقد قامت “لاريسا غونكارينكو” (Larisa Goncharenko) من مرصد “MIT Haystack” بدراسة على الإنترنت سوف تُنشَر في العدد القادم في مجلة الأبحاث الجيوفيزيائية: الفيزياء الفضائية Geophysical Research: Space Physics، وتمت هذه الدراسة في يناير 2013.
ووجدت الدراسة أن كثافة الإليكترونات تنخفض خلال الليل بشكل كبير، وذلك بسبب تأثير الاحترار الستراتوسفيري؛ مما أدى إلى تشكيل ثقب كبير يمتد إلى نصف الكرة الأرضية من دائرة عرض 55 شمالًا إلى درجة عرض 45 جنوبًا. أوضح “غونتشينكو” (Goncharenko) أن: «الانخفاض الذي قد يَحدُث في الغلاف الجوي قد يؤثر على الطبقة الأيونية، وكذلك على دوائر العرض المتوسطة والمنخفضة»، من أجل التنبؤ بالطقس الفضائي نحن نحتاج إلى الفهم الدقيق لكيفية تأثير الاحترار على طبقة الأيونوسفير.
يقول “نِك بيداتيلا” (Nick Pedatella) عالِم في المرصد العالي للمركز الوطني لبحوث الغلاف الجوي: «من المحتمل أن يكون الانخفاض الكبير في الأيونوسفير في الليل المبين في هذه الدراسة هامًا بالنسبة للطقس الفضائي القريب من الأرض، حيث قد يؤثر ذلك على كيفية استجابة الغلاف الجوي للعواصف المغناطيسية الأرضية وكذلك تغيرات في الأيونوسفير»، وأضاف: «أن الانخفاض الملحوظ في الأيونوسفير في الليل، يوفر نقطة مرجعية لاختبار مدي دقة تأثير الاحترار على الطبقة المتأينة».
كتابة: سارة محمد
مراجعة: هدير أحمد
تصميم: عبدالرحمن سعد
تحرير: اسلام محمد