الفيزياء والفلك
اكتشاف مجرة لا تحتوي على المادة المظلمة!
لأول مرة اكتشف فريق دولي لعلماء الفلك مجرة لا تحتوي على المادة المظلمة، وهي مادة افتراضية غامضة تشكل جزء من تكويننا وكل شيء يمكن أن نراه في هذا الكون وتم نشر هذا الاكتشاف في مجلة Nature.
المادة المظلمة هي من أفضل التفسيرات الحالية لتوزيع وتصرف المجرات في الكون، فالعثور على مجرة بلا مادة مظلمة ينافي هذه التفسيرات وقد قال البروفيسور (بيتر فان دوكوم من جامعة Yale): “إن هذا يخبرنا شيء عن المادة المظلمة التي لم نعرفها، أي أنها منفصلة عن المجرات”، وأضاف: “إننا كنا أينما رأينا مجرة من قبل، رأينا أيضًا المادة المظلمة وهذا يدل على أن هناك علاقة مباشرة بينهما فحيث ما وجدت المادة المظلمة وجدنا المجرات بما أنها المادة الأساسية لبناء الكون والمجرات كالزبد الذي يطفو فوق بحر من المادة المظلمة”.
وقد تم التعرف على المجرة المعروفة بإسم NGC1052-DF2 باستخدام تلسكوب اليعسوب “dragonfly telephoto” وٱكتشف أن كتلة النجوم في المجرة هي نفسها كتلة المجرة وتابع الفريق هذه الملاحظات باستخدام مسبار هابل الفضائي الذي أظهر المجرة كصورة من الأشباح، واكتشفوا أيضاً أنه على الرغم من أن DF2 هو تقريباً نفس حجم درب التبانة (حوالي 100000 سنة ضوئية)، فإن عدد نجومه أقل بنحو 200 مرة من مجرتنا فمن المفترض أن تحتوي على مادة مظلمة أكثر ٤٠٠ مرة!
ويشرح البروفيسور فان دوكوم: “إن وجود مجرة بدون مادة مظلمة يطرح العديد من الأسئلة، لماذا هذا؟ هل لأن المادة المظلمة تتكون بطريقة مختلفة عما ظنناها به في بدايات الكون؟ هل لأننا لا نفهم حقاً كيف تتصرف المادة المظلمة لهذه المجرات ذات الكتلة المنخفضة؟ أم أن هذا مجرد كائن غريب يتشكل بطريقة نادرة بشكل لا يصدق؟” لا نعرف أي من هذه الأجوبة حتى الآن ولا نعرف مدى انتشار هذا النوع من المجرات.
لا نملك نظرية جيدة حتى حول تشكل هذه المجرة لذا سيتعين تقديم نماذج جديدة حول كيفية تكوّنها، هذا الكائن هناك إنه ينادينا ويقول مرحبا اكتشفوني وهذا هو عملنا”.
بينما تكثر الأسئلة قد نحصل على بعض الإجابات، المادة المظلمة هي النظرية المفضلة لمعظم العلماء ولكنها ليست المثالية فهناك العديد من الفرضيات الأخرى بعض منها شديد الصرامة وبعضها أقل وهذا يدل على أن ما نراه من تأثير المادة المظلمة ما هو إلا حلقة مفقودة في نظريات الجاذبية فمن الممكن أن تكون قوانين الجاذبية مختلفة عند تطبيقها على مسافات أكبر مما لا يمكن حسابه على الأرض فإن العثور على تلك المجرة ضربة عظيمة لكل تلك النظريات.
الخطوة التالية هي محاولة معرفة المزيد عن المجرة لمعرفة إذا كانت الوحيدة أو لا أو أنهم لم ينتبهوا لها بسبب عدم وضوحها كما قال البرفسيور دوكوم: “أعتقد الآن أن ما يجب معرفته ما إذا كانت هذة المجرة هي الوحيدة من نوعها أم أن هنالك العديد من المجرات الأخرى التي تشبهها، يجري البحث في عدد صغير من المجرات المرشّحة المكتشفة ولكن بعد ذلك ستتوسع دائرة البحث لمعرفة مدى انتشار تلك المجرات”.
لدينا حتى الآن ٢٣مجرة مرشحة للبحث يراها تلسكوب اليعسوب “dragonfly”، تشير الملاحظات مع هابل إلى أن بعضها يشبه DF2. يحاول العلماء الآن قياس كيفية تحرك الأشياء في تلك المجرات لمعرفة إذا كانت تحتوي على المادة المظلمة أم لا، أيضا كما يأملون الحصول بعض النتائج بحلول الخريف وقد نكون على وشك كشف الطبيعة الحقيقية للجوهر الغامض.