الفلسفةعلم النفس

ليس من الضروري أن تضبط نفسك!

يضطر معظمنا في كثير من الأحيان إلى التخلي عن بعض أنواع الأطعمة بحجة “التخلص من الوزن الزائد”، أو ضبط وزن الجسم واتباع حميات معينة لتحقيق ذاك الغرض. فنلجأ للابتعاد مثلًا عن تناول: الكعك، البطاطا المقلية، البيتزا، البرجر، الحلوى، الشيكولاتة، والكثير من الأطعمة الممتعة اللذيذة التي نحبها. ونضطر أحيانًا إلى الضغط على أنفسنا حتى لا نقترب منها فيما يُسمَّى ب”ضبط النفس وحكمها”.

كما نلجأ أحيانًا لمنع أنفسنا من الاستماع لبعض الأفلام القصيرة الممتعة أثناء ساعات العمل، والتي بدورها من الممكن أن تساعد على نشاطنا في العمل، أو نمنع أنفسنا من التسوق حتى لا نختار أشياء خارج الميزانية المحددة لشرائها، مستخدمين نفس الحجة لضبط النفس، وهي أن هذه الأشياء تتسبب في إضاعة الوقت أو إهدار المال. ولكن، لماذا نربط دائمًا بين التخلي عن أشيائنا الممتعة، وضبط أنفسنا أو التحكم فيها؟

هل من الضروري التخلي عن المتعة لضبط النفس؟
هذا المبدأ ليس منطقيًا في الحقيقة، فعلى سبيل المثال من الناحية الغذائية: يمكنك أن تتناول الطعام اللذيذ الذي تحبه وتستمتع به، ومن ناحية أخرى تحافظ على معدل ثقتك في نفسك وضبطك لها في الوقت ذاته!

ففي العموم، بعض الذين يسيرون على حمية غذائية معينة، أو الذين يطمحون لخسارة الوزن، يشعرون بالفشل والندم والخذلان عندما يُقْدمون على أكل بعض الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من: الصوديوم، الدهون، الكربوهيدرات (كالشيكولاتة، الكعك، البطاطا، الحلوى)، وغيرها من الأطعمة التي نعرفها جميعًا. فيلجأون -ببعض من الحزن- للأكلات الصحية: كالعصير، الفاكهة، الخضروات، وما إلى ذلك تاركين النوع الآخر من الطعام، والذي يحبونه ويميلون إليه دائمًا. ولكن، يجب علينا قبل منع أنفسنا من شيء -بحجة ضبط النفس- أن ننظر في معاييرنا لضبط أنفسنا أولًا.

معايير الفشل في ضبط النفس:
هناك معياران أساسيان يشيران إلى فشلك في ضبطك لنفسك:
• أن يكون قرارك أو إقدامك على الشئ مصحوبًا بأسف وندم متوقع مسبقًا.
• أن ينتهك قرارك ذلك هدفًا طويل المدى كنت تعمل عليه وتنوي تحقيقه.

أما إذا كان قرارك لا تتوفر فيه تلك المعايير فلا يعتبر ذلك فشلًا في ضبطك لنفسك. وقياسًا على ذلك، يمكنك أن تأكل ما تريد من الأطعمة المذكورة أعلاه، والتي ليست سيئة بطبيعتها -كما ننعتها- ويمكنها أن تشعرنا بالسعادة والمتعة والراحة كذلك، ولكن عليك أن تأكلها باعتدال دون الشعور بالخجل أو الفشل كونك أكلتها، أو بأنك بذلك اخترقت نظامك الغذائي. سأشاركك هنا باستراتيجية ربما تساعدك قليلًا في كبح زمامك، وفي الوقت ذاته لا تحرمك من شئ تحبه…

إستراتيجية فعالة:
أفضل شئ يمكنك فعله في خسارة الوزن هو عدم التفكير في بناء حواجز للتحكم في نفسك، أو منعها بشكل تام عما تحبه. بالعكس، أنت تحتاج للقضاء على ضبط النفس، وألا تتحكم فيها حتى لا تُشعِرها بالفشل أو بعدم تحقيق هدفها إذا ما قررت هي فعل عكس ما تريد. وبذلك لا تترك لذاتك التفكير في “لماذا أحرم نفسي من أشياء لطيفة؟”، وتوجهها للتفكير في “أنا لا أتخلى عن أشيائي الممتعة، وأحقق أهدافي في وجودها كذلك”.

إذا كان أمامك خيار لأكل الكعك أو أكل الجزر، لماذا تمنع نفسك من أكل الكعك وتكتفي بأكل الجزر، وعند كسرك لذلك الحاجز تشعر بالخذلان والفشل وبأن وزنك لن ينقص أبدًا، في حين أنه يمكنك عدم وضع حاجز نهائيًا، وأكل قطعة صغيرة من الكعك تفي بالغرض ومعها شرائح الجزر؟! بذلك تكون قد حققت عامل المتعة من أكل الكعك. ومع ذلك، لا تكون قد شعرت بالفشل أو الخذلان، فإنقاص الوزن لا يعتمد فقط على الطعام الجيد وتجنب السيئ منه، ولكن يعتمد على عوامل أخرى كذلك، منها النفسية ومنها غير ذلك.

الأمر كذلك ينطبق على كل ما هو في حياتنا، حتى الأشياء غير الغذائية منها، فلا بأس من مشاهدة الأفلام أثناء ساعات العمل “كوقت مستقطع للراحة”، أو التسوق وشراء شئ لطيف ترغب فيه ولم تخصصه في ميزانيتك أو قائمة مشترياتك، طالما لن يخرجك عن أهدافك ولن يثبطها ويبعدك عن تحقيقها. حقق المتعة في حياتك، ولا تربطها بضبط النفس أو تحرمها من أشياء تريدها.

والآن، ما خطتك لتحقيق متعتك وأهدافك في الوقت ذاته؟ شاركنا برأيك.

 

المصدر

 

كتابة: اميرة يحيي

مراجعة: ايات احمد

تحرير: زياد محمد

تصميم: اسلام فيصل

اظهر المزيد

أميرة يحيي

كاتبة بقسم علم النفس والفلسفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى