الفلسفةعلم النفس

لماذا يجعلنا التحدث عن مشاكلنا نشعر بتحسن؟

هل يجعلك التحدث عن مشاكلك إلى صديق مقرب تشعر بتحسن؟
إذا كان جوابك نعم، فأنت لست وحدك. بحوث عديدة في علم النفس وعلم الأعصاب تشرح السبب وراء ذلك، وفي هذا البحث، يمكن أن نتعرف أكثر كيف يكون التعبير عن آلامنا علاجيًا للغاية.

رابط الثقة العجيب:

لطالما كان التحدث مع الأصدقاء عن مشاكلنا ومشاعرنا السلبية مصدرًا للراحة، ويعود ذلك إلى رابط الثقة بين الأصدقاء، والذي يلعب دورًا قويًا في عملية مشاركتنا لمشاكلنا وآلامنا العاطفية، وهو أساس ما تعتمد عليه الكثير من طرق العلاج النفسي؛ كالتحليل النفسي، والمنهج السلوكي، وكذلك الوجودي والمعرفي، فهي تعتمد على رابط الثقة بين المريض النفسي والمعالج؛ كوسيلة لدعم قدرة المريض في الكشف عن ذاته والتعبير عن مشاكله بحرية، وقد أظهرت الدراسات أن مجرد التحدث عن مشكلاتنا، ومشاركة مشاعرنا السلبية مع شخص نثق به، يمكن أن يكون شافيًا بعمق، إذ أنه يعمل على التقليل من التوتر، وتقوية جهاز المناعة، وتقليل الاضطرابات الجسدية والعاطفية.

هل الكتابة بديل؟

لربما أنت من الأشخاص الذين لا يحبون البوح بمشاكلهم العاطفية للأصدقاء، أو ليس لديك من تثق به.
هناك حل آخر، تعتبر الكتابة عن مشاكلنا أيضًا طريقة للتخلص من الألم العاطفي، واكتساب نظرة أوسع للحياة، ففي دراسته عن دور الكتابة عن تجاربنا العاطفية كعلاج نفسي عام (1997)، وجد عالم النفس “جيمس بينيباكر” أن التعبير عن تجاربنا العاطفية عن طريق الكتابة يعمل على تحسين صحتنا العقلية والبدنية، وهذا يعود إلى أن الاحتفاظ بأسرارنا المؤلمة هو أمر مرهق، بالإضافة إلى أنه يزيد من خطر الإصابة بالأمراض.
من جهة أخرى، يساعد التعبير عن الذات، سواء كان بالحديث أو عن طريق الكتابة، على التخفيف من الإجهاد طويل الأمد الناتج عن التثبيط، مما يؤدي إلى صحة أفضل.

هل تستطيع وصف ما تشعر به بدقة؟

في بعض الأحيان نشعر أننا لسنا بخير، لكننا لا نكون قادرين على وصف ما نشعر به إن قام أحدهم بسؤالنا، إن العمل على مراقبة عواطفنا بوعي والقدرة على تسميتها ووصفها بدقة، كـ “حزين”، “قلق”، “مرتبك”، قد يبدو أمرًا غير هام، لكنه يعتبر ممارسة ذهنية بسيطة يمكننا من خلالها الحصول على تأثير شفائي من مشاكلنا العاطفية، إذ أن إعارة الانتباه لمشاعرنا ومحاولة تسميتها، يمكننا من ملاحظة كيف تتلاشى تدريجيًا من أذهاننا، فنصبح أكثر وعيًا وتركيزًا وسلامًا.

كيف يحدث هذا على مستوى الدماغ؟

هناك العديد من الدراسات في علم الأعصاب تفسر لماذا يساعد التحدث عن مشاكلنا في الشفاء من آلامنا العاطفية، منها ما قام به كل من Lieberman et. al. (2007) and Vago and Silbersweig (2012)، حيث وجد هؤلاء أن تسمية مشاعرنا تقلل من تنشيط اللوزة الدماغية، وهي الجزء من الدماغ المسؤول عن إدراك وتقييم العواطف والمدارك الحسية، والاستجابات السلوكية المرتبطة بالخوف والقلق، إذ تُعد جهاز الإنذار في دماغنا، ذلك الذي يعمل على مراقبة ورود أي إشارات خطر من حواس الإنسان، وتحفيز رد فعل الكر أو الفر.

عندما نعطي تسميات معينة لعواطفنا، فإننا بذلك نتجنب التفاعلات الحوفية (كرد فعل الكر أو الفر)، وذلك من خلال تنشيط الأجزاء من الدماغ التي تتعامل مع اللغة، والمعنى في قشرة الفص الجبهي الباطني الأيمن، وهذا يجعلنا أقل تفاعلًا وأكثر وعيًا.
لذلك، في المرة القادمة التي تشعر فيها بالإحباط، بدلًا من أن يجتاحك فيض من المشاعر السلبية، وتكون قلقًا باستمرار بسبب كبتها، يمكنك محاولة تسميتها بعناية ووعي، أو الكتابة عنها، أو مشاركتها مع معالج، أو صديق تثق به.

المصدر

كتابة: فطوم طلحه

مراجعة: اميرة يحيى

تحرير: أسماء مالك

اظهر المزيد

فطوم طلحة

كاتبة بقسم علم النفس والفلسفة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى