علم النفس

لماذا يتذكر البعض أحلامهم ولا يتذكر البعض الآخر؟

حتى عام 1950، كان أكثر الظن أن النوم هو مرحلة راحة للمخ، يتعطل فيها عن أداء وظائفه. ثم اكتشف العلماء أن النوم هو عبارة عن خمس مراحل: المرحلة الأولى والثانية هما نوم خفيف، المرحلة الثالثة هي مرحلة انتقال بين النوم الخفيف والمستغرق، المرحلة الرابعة هي مرحلة الاستغراق في النوم والمرحلة الأخيرة تسمى بمرحلة حركة العين السريعة وهي عبارة عن 20% من نومنا. وتتميز بعدة تغيرات فسيولوجية للجسم منها: زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم، صعوبة في التنفس وشلل مؤقت في عضلات الأطراف.

 

أثناء استعدادنا للاستيقاظ، نحاول الخروج من هذه المرحلة. وهذا الوقت هو أكثر الأوقات عرضةً للأحلام، تتكرر هذه المراحل كل 90 دقيقة ولا يتعطل نشاط المخ في أي منهم، بل هو في كامل صورته دائمًا. حيث وجدت إحدى الدراسات أنه من الصعب تذكر الأحلام الأقل أحداثًا من الأحلام ذات المحتوى القوي والأحداث الواضحة. إن الأحلام التي يحتمل أن نحتفظ بها -الكوابيس وغيرها من الأحلام الزاهية والعاطفية- تُصاحبها إثارة أكبر للدماغ والجسم، وبالتالي تكون أكثر إثارة للذاكرة للاحتفاظ بها.

 

ولكن ما السبب العلمي وراء كل هذه الظواهر والاستنتاجات؟

يقول إرنست هارتمان -أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة تافتس ومدير مركز اضطرابات النوم في مستشفى نيوتن ويلزلي-: “إن تذكر الأحلام من عدمه مرتبط ببعض المؤشرات الكيميائية العصبية أثناء المرحلة الخامسة من النوم، وربما يكون أكثر الأسباب إقناعًا لنسيان الأحلام هو غياب هرمون النوربينفرين من قشرة الفص الجبهي، وهي منطقة لها دور في الذاكرة والتفكير واللغة”. كما اكتشف أيضًا بيررن رابى، وهو باحث بمركز ليون لعلوم الأعصاب، أن الأشخاص الذين يستطيعون تذكر أحلامهم بشكل أكبر لديهم قدر من اليقظة أثناء نومهم ضعف القدر لدى الأشخاص الذين يعانون في تذكر أحلامهم، وأنهم أيضًا لديهم قدرة أكبر على الاستجابة للمؤشرات الصوتية خلال النوم واليقظة، مما يساعدهم هذا على تذكر أحلامهم بصورة أسهل وأسرع.

 

قام فريق بحث بيررن بعمل تصوير مقطعي على المخ على 41 متطوعًا خلال فترات نومهم واستيقاظهم، تم تقسيم المتطوعين إلى فريقين:
– الفريق الأول لديه قدرة على تذكر أحلامه بنسبة 5.2 حلم في الأسبوع.
– الفريق الثاني يجد صعوبة في تذكر أحلامه بنسبة حلمين في الشهر.
لُوحظ من خلال التصوير أن الفريق الأول في فترتي النوم والاستيقاظ لديه نشاط أقوى في قشرة الفص الجبهي وفي الوصلة الصدغية الجدارية -وهي منطقة من المخ تساعد في لفت الانتباه للإشارات الخارجية-. ويقول بيررن: “هذا يُفسر قدرة الفريق الأول على تذكر أحلامهم بصورة أكثر انتظامًا، حيث أنهم أكثر تفاعلًا مع الإشارات الخارجية، وأكثر يقظةً خلال نومهم مما يساعدهم هذا على نسخ أحلامهم في الذاكرة بصورة أوضح”. ويختتم فريق البحث قائلًا: “إن كلا الفريقين لديهم فروق فقط في استدعاء الأحلام واستذكارها وليس في إنتاجها، أي أن الكل يحلم بنفس المعدل”.

 

المصادر 1 2

 

كتابة: ندا أسامة

مراجعة: منار أبو الحسن

تصميم: نهى عبدالمحسن

تحرير: هدير رمضان

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى