ما الذي يجعلني لا أتوقف عن القلق؟
بينما أنت جالسٌ علي الشاطئ في إجازة، والنسيم ينبعث بلطفٍ حولك والمحيط يومض، يتساءل عقلك عن شغلك الذي تكدس أثناء وقت إجازتك، وعن رئيسك في العمل أو ذلك الموقف مع أطفالك، زوجتك، أو حتي والديك بدلًا من أن تسترخي!هذا يعني أنك في قلق، فقد سرقك عقلك المزعج بعيدًا عن الاستمتاع بالحاضر.
فما الذي يسببه هذا العقل المزعج؟
هذا من الممكن أن يكون بسبب ما يُسمي (Default Mood Network)، والتي تنشط عندما لم نركز علي شيء بعينه، ويقف نشاطها عند التركيز.
وقد اكتشف العلماء ذلك عند ملاحظتهم أنه عند أخذ وقت استراحة بين المهمات، فإن العقلَ يُظهر نشاطًا أكثر من المتوقع بالنسبة لوقت استرخاء، واُكتشف ذلك من خلال الـ MRI. بعض العلماء افترضوا أن الـ DMN تتضمن منطقة الـ prefrontal cortex، وهي المسؤولة عن إجراء وتفسير المعلومات عن تجارب الشخص، ومنطقة الـ dorsomedial cortex المسؤولة عن تكوين أفكارك عن الآخرين، وأيضًا temporal lobe areas التي تتكون فيها الذكريات القديمة والحديثة.
وقد اعتقد العلماء أن هذه المناطق تنشط عندما تفكر في نفسك وفي علاقة الآخرين بك، وتركز علي كيفية تخزين ذكرياتك وتنظيم اعتقادك عن الماضي والحاضر والمستقبل. وهذا هو الجانب الإيجابي لها، لكن الجانب السلبي أنها تدفع الشخص بعيدًا عما يحدث هنا الآن!
وإذا ما كانت فكرتك التي وضعتها في منطقة الذكريات الافتراضية تعتبر التفكير في نفسك أو الآخرين شيئًا محبطًا أو مثيرًا للخوف، فإنه متي تكن فإن ذلك شيءٌ غيرَ مبهجٍ بالنسبة لك.
من الممكن أن يتعرض الـ DMN لحالة من زيادة النشاط فيما يُسمى “hyperconnectivity” وذلك يرتبط بالتأمل. أي يزداد تفكيرك في المواقف السلبية وتضخيمها أو تحفيز الشك الذاتي أو حتي تأنيب الضمير. وقد وجدت بعض الدراسات أن الاشخاص الذين يعانون من اكتئاب مرضي، يزداد عندهن نشاط الـDMN وكذلك يزداد مع التوتر. ويعد ذلك مثل اتخاذ طريق الغابة للكسب، فإن عقلك يسلك ذلك الطريق عندما لا يجد ما ينشغل به؛ فالتوتر يُؤدي إلي القلق والتشاؤم والإزعاج حتي يصبح المزاج الافتراضي لك!
فكيف يمكن أن نقلل من قلقنا؟
أولًا: تبديل وعيك والانشغال، وهو القاعدة الأساسية للتحكم في العقل. فعليك دفع الانتباه للنظر وشم وإحساس ما حولك.
ثانيًا: تغيير طريقة التفكير أي تُفكر خارج الصندوق، فبدلًا من أن تعتبر المدير مصدرَا للقلق، فكر بأنه مصدر تحفيزك لتغيير شكل شغلك فتتألق بدلًا من التعثر، وهذا النوع من التفكير يسمي”Task Positive network”
ثالثًا: فكر بإبداع، فأنت تستكشف العالم من خلال نظرتك فقط كالرسم مثلاً ترسم لكن في شكل تجريدي، فهل لاحظت يومًا لما يرسمه الأطفال كتنين أسود بجناح أزرق وذيل أحمر؟ فالـ DMN يُمكن أن تصبح حفرًا يزداد عمقها بالاعتياد عليها، فنحن لا نفكر فيما نفكر به!
ويعد التغلب علي تلك الضوضاء تحديًا ولكنه ليس تعجيزيًا؛ فتهدئة عقلك تستحق، فهي ليس فقط توفر لك سلامًا نفسيًا ولكن أيضًا تفتح بصيرتك.
كتابة: آية عكاشة
مراجعة: راندا
تصميم: أمنية عبدالفتّاح
تحرير: هدير رمضان