الفيزياء والفلك

ما هي الثقوب البيضاء؟

تُعتبَر الثقوب البيضاء إحدى الظواهر الكونية الافتراضية، وهي معاكسة للثقوب السوداء؛ فبينما تقوم الثقوب السوداء بامتصاص المواد فلا تدع أي شيء يهرب من جاذبيتها، تناقضها الثقوب البيضاء في كونها انفجارًا وتفريغًا للمواد والطاقة الممتصة من قِبَل الثقوب السوداء.

ظهرت فرضية الثقوب البيضاء كحل محتمل لقوانين النسبية العامة، والتي تنص على أن وجود الثقوب السوداء يحتم وجود معاكسها، وهي الثقوب البيضاء، ويكون الزمن فيها معاكسًا للزمن في الثقوب السوداء. كما يتوقع أن تكون لها جاذبية، لكن لا يمكن الدخول لها أو التأثير عليها من الخارج.

نظريًا، إذا اتجهت بسفينة فضائية باتجاه ثقب أبيض، فسوف تصطدم بكمية هائلة من الطاقة المنبعثة من الثقب الأبيض، والتي ستقوم بتدمير سفينتك الفضائية حتى لو كانت تلك السفينة قادرة على تحمل أشعة چاما، وحتى لو كانت مصممة بحيث لا تتأثر بانبعاثات الطاقة؛ حيث أن تشوه الزمكان حول الثقوب البيضاء سيجعل من المهمة مستحيلة. ولذلك، سيصبح التسارع المطلوب لمركبتك أكبر فأكبر، بينما ستسير المركبة أبطأ فأبطأ، فلا توجد أية طاقة في الكون تستطيع إيصالك إلى هناك.

بما أن الثقوب البيضاء هي نظائر الثقوب السوداء -كما يفترض-، فإن الثقوب البيضاء يُعتقد بأنها قد تشكلت بواسطة تفرد الزمكان (Spacetime singularity) -التفردية هي نقطة مميزة في الزمكان، تكون عندها قوة الجاذبية لا نهائية- والقيم اللانهائية في الفيزياء عادة ما تكون مؤشرًا على وجود قطع مفقودة في النظرية. لذلك، من غير المفاجئ أن ميكانيكا الكم والنسبية تتنافسان على إيجاد التفاصيل الدقيقة للمتفردات.

  • مرشحون محتملون

الكثير من الظواهر تم تقديمها على أساس كونها ثقوبًا بيضاء، وذلك لشدة غرابة هذه الظواهر، ولعدم قدرتنا على تفسيرها. من بين هذه الظواهر: انفجار أشعة چاما، النجوم النابضة سريعة الدوران، الثقوب السوداء في آخر لحظات حياتها، وحتى الانفجار الكبير (Big bang). كلها تم تفسيرها على أساس كونها ثقوبًا بيضاء؛ فعلى سبيل المثال: في بادئ الأمر، عندما لم نكن متأكدين من حجم الكون، كانت هناك تخمينات تشير إلى أن الكون نتج من ثقب أبيض كبير.

  • قيود نظرية

الثقوب البيضاء هي إحدى أنواع المتفردات العارية (Naked singularity)؛ حيث أن المتفردات مثل الثقوب السوداء لا يمكن ملاحظتها بشكل مباشر لأن سرعة الإفلات (السرعة اللازمة للتحرر من جاذبيتها) أكبر من سرعة الضوء. لذلك، لا شيء يمكنه الهروب من قبضة جاذبيتها، وتكون محاطة بأفق الحدث (event horizon)، وهو الخط الذي يفصلنا عن الثقوب السوداء. رياضيًا، عندما تكون لدينا متفردة، فإن الزمكان سيتحطم (يتشوه) -لتجنب هذه المشكلة- بتشكيل أفق الحدث.

أما المتفردات العارية (الثقوب البيضاء)، فلا تحتوي على أفق الحدث. ووفقًا للمبادئ الأساسية للنسبية العامة، فإن الكون لن يسمح بتشكلها. يطلق على هذه الحالة “فرضية الرقابة الكونية – cosmic censorship hypothesis”، لكن المحاكاة الرقمية والنظريات الحالية حول الجاذبية الكمومية تلمح إلى إمكانية تشكل متفردات عارية كالثقوب البيضاء.

  • مستقبل الثقوب البيضاء

الثقوب البيضاء تفتن خيال الكثير من العلماء، وعليهم أن يستمروا في دراستها؛ فالعديد من مظاهر النسبية العامة -كالثقوب السوداء مثلًا- اُعتبِر في بادئ الأمر مجرد فضول نظري، ثم أصبح حقيقة معترفًا بها. لا توجد أدلة قوية تدعم وجود الثقوب البيضاء، لكن كوننا الهائل -المعقد والعجيب- قد يتيح لها مساحة للتشكل والتكون.

 

المصادر 1 2

كتابة: الاء حمدى

مراجعة: احمد مغربى

تحرير: زياد محمد

تصميم: عائشة فاروق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى