الفيزياء والفلك

ما هو الإشعاع؟

الإشعاع عبارة عن طاقة تسافر عبر الفضاء، وتُعد الشمس واحدة من أكثر أشكال الإشعاع شيوعًا. تنقل إلينا الضوء والحرارة. وبينما نستمتع بها ونعتمد عليها؛ فإننا نتحكم في تعرضنا لها.

وبجانب الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس، هناك أيضًا أنواع أخرى من الإشعاع أعلى طاقة وتستخدم في الطب، والتي نحصل عليها جميعًا في جرعات منخفضة من الفضاء ومن الجو ومن الأرض والصخور.

يمكننا الإشارة إلى هذه الأنواع من الإشعاع كإشعاع مؤين. يمكن أن يسبب ضررًا للمادة وخاصة الأنسجة الحية. عند المستويات العالية، يكون ذلك خطيرًا، لذلك من الضروري التحكم في تعرضنا لها. على الرغم من أننا لا نستطيع أن نشعر بهذا الإشعاع، فإنه يتم اكتشافه وقياسه بسهولة، ويمكن بسهولة مراقبة كمية التعرض له. كما أنه هناك العديد من الكائنات الحية التي استطاعت التطور في بيئة بها مستويات كبيرة من الإشعاعات المؤينة.

وعلاوة على ذلك، فإن الكثير من الناس مدينون بحياتهم وصحتهم لمثل هذه الإشعاعات المنتجة بشكل مصطنع. فالأشعة السينية الطبية مكنتنا من اكتشاف العديد من المشاكل الخفية. وتُستخدم أنواع أخرى من الإشعاعات المؤينة لتشخيص الأمراض، حيث يعالج بعض الأشخاص بالإشعاع لعلاج المرض.

والإشعاعات المؤينة، تلك الناتجة من خامات اليورانيوم والنفايات النووية، هي جزء من بيئتنا البشرية، وكانت دائمًا كذلك. تعرضنا لها في المستويات العالية يكون خطيرًا، ولكن في المستويات المنخفضة مثل التي نتعرض لها باستمرار يعتبر غير ضار.

ويُكرس جهد كبير لضمان عدم تعريض العاملين مع الطاقة النووية لمستويات ضارة من الإشعاع. كما يتم تحديد معايير لعامة الجمهور بحوالي 20 مرة، وهي أقل بكثير من المستويات التي عادة ما يعيشها أي منا من مصادر طبيعية.

إشعاع الخلفية الكوني:
الإشعاع الخلفية هو عبارة عن إشعاع مؤين موجود بشكل طبيعي وحتمي في بيئتنا. مستويات هذا الإشعاع يمكن أن تختلف اختلافًا كبيرًا. حيث يتلقى الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الجرانيت أو على الرمال المعدنية إشعاعًا أرضيًا أكثر من غيرهم، بينما يتلقى الأشخاص الذين يعيشون أو يعملون على ارتفاعات عالية مزيدًا من الإشعاع الكوني. ويرجع الكثير من تعرضنا الطبيعي إلى غاز الرادون، وهو غاز يتسرب من قشرة الأرض ويتواجد في الهواء الذي نتنفسه.

النشاط الإشعاعي في المواد:
بصرف النظر عن المقاييس العادية للكتلة والحجم، يتم قياس كمية المواد المشعة بالبكريل (Becquerel) (Bq)، والتي تمكننا من مقارنة النشاط الإشعاعي النموذجي لبعض المواد الطبيعية وغيرها. البيكريل هو تفكك ذري واحد في الثانية الواحدة، لذلك يحتوي كاشف الدخان المنزلي الذي تبلغ مساحته 30 ألف بكريل على ما يكفي من أميريسيوم لإنتاج الكثير من التفكك في الثانية. قد يكون لكل كيلوجرام من القهوة أو الجرانيت 1000 بيكريل، والشخص البالغ 7000 بكريل. وكل تفكك ذري ينتج عنه بعض الإشعاعات المؤينة.

الإشعاعات المؤينة – ألفا وبيتا وجاما:
الإشعاع المؤين يأتي من نوى الذرات “اللبنات الأساسية للمادة”. معظم الذرات مستقرة، ولكن بعض الذرات تتغير أو تتحلل إلى ذرات جديدة تمامًا. ويقال أن هذه الأنواع من الذرات “غير مستقرة” أو “مشعة”. للذرة غير المستقرة طاقة داخلية زائدة، مما يؤدي إلى نشوء تغيّر تلقائي. وهذا ما يسمى “الاضمحلال الإشعاعي”. كلنا نشعر بالإشعاع من المصادر الطبيعية كل يوم.

النواة الغير مستقرة تبعث الطاقة الزائدة منها كإشعاع في شكل أشعة جاما أو جسيمات ذرية سريعة الحركة. إذا خرجت الانبعاثات كجسيمات ألفا أو بيتا، تصبح الذرة عنصرًا جديدًا وقد ينبعث منها أشعة جاما في نفس الوقت. ومع مرور الوقت، تتقدم الذرة خطوة واحدة أو أكثر نحو حالة مستقرة حيث لم تعد مشعة.

تتكون جسيمات ألفا من بروتونين ونيوترونين على شكل نوى ذرية. جسيمات ألفا مشحونة (ناشئة عن شحنة البروتونين). وتعني هذه الشحنة والسرعة البطيئة نسبيًا والكتلة العالية لجزيئات ألفا أنها تتفاعل بسهولة أكبر مع المادة من جزيئات بيتا أو أشعة جاما وتفقد طاقتها بسرعة. وبالتالي فهي تتمتع بقوة اختراق قليلة، يمكن إيقافها بواسطة الطبقة الأولى من الجلد أو ورقة. لكن داخل الجسم يمكن أن تلحق أضرارًا بيولوجية أشد من أنواع الإشعاع الأخرى.

جزيئات بيتا هي إلكترونات سريعة الحركة يتم إخراجها من نوى العديد من أنواع الذرات المشعة. هذه الجسيمات أيضًا مشحونة (شحنة الإلكترون)، وأخف وزنًا ويتم إخراجها بسرعة أعلى بكثير من جزيئات ألفا. يمكنها اختراق ما يصل إلى 1 إلى 2 سم من الماء أو اللحم البشري. ويمكن إيقافها بواسطة ورقة من الألومنيوم بسمك بضعة ملليمترات.

أما بالنسبة لأشعة جاما فهي تمثل الطاقة المنقولة في موجة بدون حركة المواد، تمامًا مثل الحرارة والضوء. أشعة جاما والأشعة السينية متطابقة تقريبًا باستثناء أن الأشعة السينية تنتج بشكل مصطنع بدلًا من أن تأتي من النواة الذرية طبيعيًا. ولكن على عكس الضوء، تتمتع هذه الأشعة بقوة اختراق كبيرة ويمكن أن تمر عبر جسم الإنسان. تستخدم كتل على شكل خرسانة أو رصاص أو ماء لحمايتنا من ضرر الأشعة علينا.

يتم قياس الجرعة الفعالة لجميع هذه الأنواع من الإشعاع في وحدة تسمى Sievert، على الرغم من أن معظم الجرعات تكون بالميلي فيرت (mSv)، وهو واحد في الألف من Sievert. يتلقى كل منا حوالي 2 مللي سيفرت سنويًا من الإشعاع الكوني، وربما أكثر من الإجراءات الطبية. وأي شيء أقل من حوالي 100 mSv يعتبر غير مؤذي.

المصدر

كتابة: زهرة صابر


مراجعة: سارة محمد

تصميم: نهي عبدالمحسن

تحرير : اسراء وصفي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى