“سيد” شاب مُطَّلِع ولديه فضول كبير في معرفة أسرار الكون من حوله، سيد أيضًا يهوى كرة القدم بشدة ويشجع نادي العاصمة الإسباني “ريال مدريد”، وكأي مشجع مدريدي متعصب فإن سيد تتجسد كل مشاكله في كرة القدم في نجم فريق برشلونة “ليونيل ميسي”، من خلال متابعة سيد للمسلسل الألماني الشهير “DARK” الذي يتطرق لموضوع السفر عبر الزمن؛ قرر سيد أن يبحث عن طريقة تمكّنه من السفر إلى الماضي ليمنع “ليونيل ميسي” من الانتقال لصفوف فريق برشلونة، وبذلك يكون سيد استطاع التخلص من مصيبته ومصيبة أي مشجع لريال مدريد وهي “ميسي”، في يوم من الأيام وبينما كان سيد يتابع بتركيز مسلسل “DARK” جذب انتباهه الحديث عن الثقوب الدودية، فقرر الاطلاع أكثر على هذه النظريات وعلاقتها بالسفر عبر الزمن؛ حتى يستطيع التخلص من مشكلته المذكورة مسبقًا.
-
ما هي “الثقوب الدودية”؟
الثقوب الدودية هي ممرات أو أنفاق تقع داخل الثقوب السوداء، وتربط أماكن بينها مساحات شاسعة في الكون؛ أي أنها عبارة عن طرق مختصرة في الكون، الثقوب الدودية حتى الآن هي أسيرة النظريات الرياضية فقط؛ بسبب صعوبة الكشف عما يحويه الثقب الأسود.
وُضعت نظرية الثقوب الدودية لأول مرة في عام 1916، على الرغم من أن هذا لم يكن ما أُطلق عليه في ذلك الوقت، أثناء مراجعة الإثباتات الفيزيائية في نظرية أينشتاين للنسبية العامة، أدرك الفيزيائي النمساوي “لودفيغ فلام Ludwig Flamm” أن حلًا آخر ممكن، ووصفه ب”الثقب الأبيض”، وهو انعكاس للثقب الأسود، ويمكن توصيل مداخل الثقوب السوداء والبيضاء عن طريق قناة أو ممر في الزمكان.
في عام 1935، استخدم أينشتاين والفيزيائي ناثان روزين (Nathan Rosen) نظرية النسبية العامة؛ للتوسع في هذه الفكرة، مقترحين وجود جسور أو ممرات عبر الزمكان، حيث تربط هذه الجسور نقطتين مختلفتين في الزمكان، مما يؤدي نظريًا إلى إنشاء اختصار يمكن أن يقلل من وقت السفر والمسافة المقطوعة، أصبحت هذه الاختصارات تُسمى “جسور أينشتاين – روزين” أو الثقوب الدودية.
تتنبأ نظرية أينشتاين للنسبية العامة رياضيًا بوجود ثقوب دودية، وتسمح بعض حلول النسبية العامة بوجود الثقوب الدودية، حيث يكون جانب كل منها ثقبًا أسودًا، ومع ذلك، فإن الثقب الأسود الذي يحدث نتيجة انهيار نجم، لا يخلق في حد ذاته ثقبًا دوديًا.
-
هل يمكن السفر عبر الزمن من خلال ثقب دودي؟
أفلام الخيال العلمي مليئة بحكايات السفر عبر الزمن، ولكن في الحقيقة السفر عبر الزمن أكثر تعقيدًا، ليس فقط لأننا لم نكتشف الثقوب الدودية بعد، ومن المشكلات التي تقف عائقًا أمام السفر عبر الزمن من خلال الثقوب الدودية هي حجم الثقوب الدودية، من المتوقع أن توجد الثقوب الدودية البدائية على مستويات مجهرية، حوالي (10-33 سم)، ومع ذلك مع توسع الكون فإنه من الممكن أن يكون البعض قد تمدد إلى أحجام أكبر.
مشكلة أخرى وهي مدى استقرار تلك الثقوب الدودية، للأسف سوف تكون “ثقوب أينشتاين – روزين” غير مجدية للسفر لأنها تنهار بسرعة، سنحتاج أيضًا إلى نوع غريب من المادة من أجل تثبيت الثقب الدودي (وهذا تطرق إليه أيضًا مسلسل DARK)، وليس من الواضح ما إذا كانت هذه المادة موجودة في الكون أم لا.
تحتوي المادة الغريبة -التي يجب عدم الخلط بينها وبين المادة المظلمة أو المادة المضادة- على كثافة طاقة سالبة وضغط سلبي كبير إذا احتوى ثقب دودي على مادة غريبة كافية، سواء كانت تحدث بشكل طبيعي أو تمت إضافتها بشكل مصطنع؛ فيمكن استخدامه نظريًا كوسيلة لإرسال المعلومات للمسافرين عبر الفضاء، قد لا تربط الثقوب الدودية منطقتين منفصلتين فقط داخل الكون، بل يمكنها أيضًا ربط كونين مختلفين. وبالمثل، افترض بعض العلماء أنه إذا تم تحريك فم واحد من ثقب دودي بطريقة معينة، فقد يسمح بالسفر عبر الزمن.
لسوء الحظ، السفر عبر الزمن في الوقت الحاضر يبدو بعيد المنال، وبالعودة إلى صديقنا “سيد”، إذا افترضنا أنه نجح بالفعل وقام بالسفر إلى الماضي؛ ليمنع “ليونيل ميسي” من الانتقال إلى صفوف برشلونة، فإنه حينها سيختفي سبب أو رغبة “سيد” في السفر إلى الماضي، وبالتالي لن يعود بالزمان ويمنع انتقال ميسي إلى برشلونة، وهذه تُسمى “مفارقة الجد Grandfather Paradox”.
كتابة: أحمد مغربي
مراجعة: هدير أحمد
تحرير: هاجر هشام