السفر عبر الزمن
إذا سمحت، ما الوقت؟
آسف يبدو أنك قد أسأت فهمي، لم أقصد ساعتك بالتحديد، ولكن إذا كنت قد استبقت الأحداث ونظرت فيها فدعني أسألك سؤالًا، هل تعتقد أنها أيضًا السابعة في الجزائر؟ وبالنسبة لفرنسا؟ حسنًا هذا لا يشكل فرقًا كبيرًا حسب اعتقادي، ولكن ما رأيك، كم الوقت الآن على المريخ؟
في عام “1905” كتب العالم (ألبرت أينشتاين) نظريته النسبية الخاصة، والتي ابتكر فيها مفهومًا خاصًا للوقت وهو مفهوم باختصار أساسه “المرجعية”، والمرجعية الزمنية في حد ذاتها لا تقتضي مجهودًا كبيرًا في فَهمها، نظرًا لكونها شيئًا نعاصره في اليوم مرات عديدة، فمثلًا: إذا كنت تسير بسرعة “120” كيلومتر لكل ساعة، وسارت بجانبك سيارة بسرعة “120” كيلومتر لكل ساعة، فستشعر بأن السيارة ساكنة، رغم كونها متحركة بسرعة ليست بقليلة، وقس على ذلك الكثير من الأمثلة.
إذن ما زلت لم تجبني! ما الوقت؟ أو على الأقل ما الوقت على المريخ الآن؟
حسنًا، الإجابة على هذا السؤال ستتطلب منك مجهودًا بسيطًا، أنت لم تسأل نفسك حتى الآن لماذا نظرت للسيارة على أنها ساكنة ؟
المرجعية دائمًا ما تنقلنا إلى هذه النقطة، أنا الساكن، أنا البداية، أنا الصفر.
يقيس الإنسان دائمًا الحركة على ما تراه عينيه، ولا يرجعها إلى مراقب خارجي، وهذا ليس ظلمًا ولا تكبرًا منه بل ببساطة حتى يفهم تلك الحركة، فحتى أفهم تاريخ اليوم، لا أحتاج أن تعطيني بيانات عن تاريخ اليوم على القمر، بل أحتاج أن أعرف تاريخ اليوم في موقعي من شبكة الزمكان حتى أستطيع فهمه، وكذلك مفهوم الوقت، أنا أفهم الوقت على مقياس ما أعيشه الآن ليس إلا، فإذا أخبرتك مثلًا أن بحوثًا عديدة تخبرنا أن كوكب المريخ كان صالحًا للحياة في وقت ما، فلتحاول أن تتقبل فكرة أن على المريخ أيضًا بحوثًا تخبر علماءه أن الأرض سوف تصبح يومًا ما كوكبًا صالحًا للحياة، نعم هذه هي نسبية الوقت.
وكتطبيق نظري آخر يمكننا أخذ مفارقة التوأمين كمثال، مفارقة التوأمين تقتضي أنه إذا وُلد توأمان على الأرض، ثم انتقل واحد منهم وسافر عبر الفضاء بسرعة كبيرة لسنوات، وعاد ليقابل أخاه، سوف يصطدم بواقع أن توأمه (من عاش على الأرض نفس السنوات التي عاشها الآخر ومضى نفس الوقت عليهما) يصغره في السن بعدة أعوام.
لذلك، فالمرة القادمة التي يوبخك والدك عن تأخرك خارج المنزل، أخبره فقط أنك قد كنت تسير بسرعة شديدة وقد مر عليك وقت أقل.
كتابة: محمد رضا
مراجعة: نهاد حمدي
تصميم: محمد بركات
تحرير: علاءالدين محمود