هل الكون مسطح أم منحني؟
هل الكون مسطح أم منحني؟ لطالما كان هذا السؤال محط اهتمام وإثارة للكثيرين، هل الكون منحني كالبالون أم مسطح كقطعة ورق؟
تحيّر العلماء حول نظريتين عن شكل الكون وهما “الكون المغلق” و”الكون المفتوح”، طبقًا للنظرية المسماه بـ”الكون المغلق” ينحني الكون انحناءً خفيفًا، لا تقتصر أهمية هذا الإنحناء على حياتنا أو نظامنا الشمسي أو حتى مجرتنا، وإنما تعدّى كل ذلك حتى يصل للفضاء الفسيح والظلام المعتم. تُشبّه هذه النظرية الكون بالبالون، عندما تتحرك في خط مستقيم وعند اجتياز المسافات وعند نهاية هذا الخط ستجد نفسك عند نفس النقطة التي بدأت التحرك منها. لم تتوافق تلك النظرية مع النظريات الموجودة حول كيفية عمل الكون؛ لذا تم استقصاء تلك النظرية والتركيز على نظرية “الكون الفتوح”.
أما عن نظرية “الكون المفتوح” فهي تُشبّه الكون بقطعة الورق المسطحة كل نقطة فيها بعيدة عن الأخرى، فعند البدء من نقطة معينة للسير في خط مستقيم عند نهاية الخط ستجد نفسك تقف في نقطة جديدة تمامًا.
فرّق أليساندرو ميلشيوري “Alessandro Melchiorri” -عالم الكونيات في جامعة Sapienza في روما- بين النظريتين بقوله: “هذا يعني على سبيل المثال، إذا كان لديك فوتونان وسافرا في عالم مغلق فسوف يلتقيان في النهاية، أما في العالم المفتوح إذا تركت الفوتونات تتحرك دون عائق ستتحرك الفوتونات عبر مساراتها المتوازية دون أن تلتقي أبدًا”.
إن النموذج التقليدي لتضخم الكون يشير إلى أن الكون مسطح، فبالنظر إلى أول 0.0000000000000000000000001 ثانية بعد الانفجار العظيم سترى توسع مذهل في المساحة، وذلك التوسع الفائق يشير إلى تسطح الكون، وإن لم يكن الكون مسطحًا فهذا يعني أنه يجب علينا إعادة حسابات لا حصر لها.
ولكن ما جاءت به الورقة البحثية الجديدة التي نُشرت في 4 نوفمبر في مجلة “Nature Astronomy” التي تعرض أدلة جديدة تشير إلى انحناء الكون كبالون ضخم، وكان هذا عقب تحليل بيانات من “خلفية الموجات الميكروكونية” “cosmic microwave background (CMB)”، ذاك الصدى الخافت الذي خلّفه الانفجار العظيم تعارض مع كل الاعتقادات القديمة عن شكل الكون، تلك الموجات هي من أهم المصادر التي يمكننا الاعتماد عليها لمعرفة أي شيء عن الكون فهي تحمل بيانات عن تاريخ الكون وسلوكه.
قام العلماء بتجربة بلانك “planck” وكانت النتيجة منحنى إيجابي بنسبة ما وذلك يدعم فكرة الكون المغلق، ولكن برأي ميلشيوري هذه النسبة ليست كافية لتأكيد فكرة كتلك.
كما قدم عالما الكونيات بجامعة كامبريدج جورج إيفستاثيو (George Efstathiou) وستيفن جراتون (Steven Gratton) ونشرا ورقة بحثية عملا فيها على تجربة بلانك ولكن على قاعدة بيانات أصغر، ودعم تحليلهم أيضًا فكرة الكون المغلق.
ولكن عندما قام ميلشيوري ودي فالنتينو (Di Valentino) بنفس التجربة ولكن على شريحة أكبر من المعلومات وجدوا غير ذلك تمامًا.
علّق ميلشيوري على ذلك بأن نموذج الكون المغلق سيثير الكثير من المشكلات الفيزيائية وقال أيضًا: “لا أريد أن أقول بأني مؤمن بفكرة الكون المغلق، أنا حيادي بعض الشيء، وما أود قوله هو أننا يجب أن ننتظر البيانات الجديدة وما ستؤول إليه. ما أؤمن به حقًا هو أن التناقض هو الحالة السائدة الآن، علينا أن نكون حذرين حيال معرفة ما سبب هذا التناقض”.
كتابة: سارة محمد
مراجعة: أحمد مغربي
تحرير: ميرنا عزوز
تصميم: أمنية عبد الفتاح